أُسر منسية بالمخا كيف غابت عن برامج المساعدات الغذائية؟
السياسية - Friday 20 March 2020 الساعة 09:16 am
في منطقة ريفية تسمى دار الشجاع شرق المخا، تعيش سعيدة عكيسي، وهي أرملة لديها خمسة أبناء، حياة صعبة، إذ توفي زوجها قبل سنوات وخلف لها تركة مثقلة بالمتاعب، رعايتهم وتدبير احتياجاتهم اليومية.
لكن تلك المرأة المعدمة، لا تملك وسيلة لكسب المال كي تنفقها على أبنائها، وكان من المفترض أن يشملها برامج المساعدات الغذائية التي تقدمها المنظمات الإنسانية، لكن ذلك لم يحدث.
في المناطق الريفية للمخا، توسم حياة السكان المعيشية بالفقر، وضاعف من ذلك حرب المليشيات التابعة لإيران، فيما بقت كثير من المنظمات بعيدة عنهم، أو أنها استثنت كثيرا منهم من مساعداتها لأسباب غير معروفة.
كثير من تلك الأسر، تلقي باللوم على لجان المسح الميدانية المتعلقة بتحديد من لها الحق في الحصول على المساعدات الغذائية.
بعض من تلك الاتهامات، تذهب بعداً أكثر من ذلك، هو أن موظفي المسح استثنوا أسراً عدة تُصنف فقيرة من قائمة الأسر التي هي بحاجة ماسة لتلقي المساعدات الغذائية، لكنها لأسباب غير معروفة تم استثناؤها فيما تم تسجيل أسر لا تستحق ذلك.
تكشف آراء كثير ممن التقيناهم عن معيار وحيد هو القرب، إذ عمد الموظفون إلى تسجيل أقربائهم على حساب الأسر المستحقة.
ذلك الاستبعاد، جعل البعض يحمل مشاعر عداء لكل ما يتعلق بتوزيع مواد غذائية، معتقدين أن التوزيع ظالم لأن مستحقيها الفعليين لم يحصلوا عليها.
في الشهر الماضي قالت وهبة، وهي نازحة فرت من منطقة المشقر الريفية لتستقر في مدينة المخا، بما معناه، أن أقصى الأشياء حسرة وأكثرها ألما، هي استثناؤك من وجبة غذائية تستحقها، ويتم استبعادك من قائمة المشمولين وفقا لمعايير لا تعرفها.
كانت وهبة وأبناؤها الثلاثة وابنة شقيقتها مثالا للأسرة التي سحقها الفقر ووقعت ضحية حرب الحوثيين المدمرة.
مأساة تلك المرأة، هي أنها عاشت حياة الفقر منذ أن كانت طفلة، وهو وضع لا يختلف كثيرا عن نساء جيلها في ريف المخا، ولقد دفعها وضعها المثخن بالمتاعب إلى تمني الموت.
كانت كلماتها محزنة، كم دعوت الله أن يقبض روحي لكنه لم يفعل، لا أحد يتمنى ذلك سوى شخص عاش صراعا مريرا مع العوز والفاقة، صراعا دفعه للاستسلام في النهاية، للهزيمة.
بالقرب منها في مخيم مبنى إدارة الأمن القديمة، تعيش عدة أسر، وجميعها تحصل على المساعدات باستثناء خمس أسر فرت من مديرية مقبنة هربا من حرب الحوثيين.
وبحسب أمين سعيد، وهو نازح يتقاسم مع سكان ذلك المخيم حياة التشرد والفقر، فإن الأسر الخمسة تحاول منذ عام الفوز بحصة غذائية، من دون جدوى.
يضيف أمين، إن المحتاجين الحقيقيين للمساعدات يتم استبعادهم، و هو إتهام يردده نازح أخر بالمدينة القديمة.
قال، إنه قدم من موزع قبل تحريرها ليستقر في المخا في بناية متهالكة، آيلة للسقوط، ولم يتمكن من العودة.
كان الرجل غاضبا لأننا فتحنا معه موضوعا يتعلق بالمساعدات، واصل حديثه بالقول إن المعونات الغذائية جزء من حديث مليء بالقهر والحرمان، لم تشملنا تلك المساعدات، ومن قاموا بتسجيل المستحقين، لم يمروا على المنازل، ولم نسمع عنهم وعندما نذهب للمطالبة بذلك لا أحد يعيرنا اهتماما.
هناك حاجة ماسة تستدعي تغيير المنظمات الإنسانية العاملة في المخا من برامجها، كما ينبغي عليها التركيز على الاحتياجات المعيشية للأسر المنسية البعيدة عن الانظار،
لكن المنظمة الطبية الميدانية وهي المعنية بتوزيع المواد الغذائية في المخا، ترى أن الأخطاء واردة، لكن ذلك لا يعني أن يتم تجاهل كثير من المستحقين.
وبحسب المنظمة، فإن جميع الأسر في المخا تستحق الحصول على المساعدات الغذائية، وحاليا تحصل على المساعدات ما يقارب 8500 أسرة، فيما تبحث عن زيادة عدد الحصص الغذائية للأسر النازحة والمحتاجة للمساعدات والتي لم تشملها خلال الفترة السابقة، كما أن قوائم المشمولين سيتم مراجعتها.
هناك أصوات أنين، لكننا لا نسمعهم.. وحدهم من يتجولون في أحياء المدينة ويطرقون أبوابها، لتفتح أبواباً من الألم والجوع والفقر.