6% نسبة المسلمين في كمبوديا.. الإبادة الجماعية والخمير الحمر وخمير السلالة في اليمن!

السياسية - Saturday 08 February 2020 الساعة 08:15 am
بنوم بنة، نيوزيمن، فاروق ثابت:

في عاصمة البوذا والبوذيين تتفاجأ بأن ثمة مكاناً فسيحاً للإسلام والمسلمين لدى هذا الشعب الآسيوي المناضل..
اثنان كيلو متر هي المسافة بين مكان إقامتي ومقر المركز الإسلامي بكمبوديا.. يضم المركز الإسلامي "مسجد السركال" وهو جامع كبير تم بناؤه بطريقة بديعة أبرز فيها الطراز المعماري الإسلامي العربي، يظهر ذلك من خلال القباب والنقش والنجف والنوارات النحاسية المعلقة جوانب الجدران.
ما إن تصل باب حوش المسجد حتى تنذهل إزاء الكم الهائل من السيارات، ثم تلج المسجد فلا تجد مكاناً لصلاة الجمعة إلا بالكاد من شدة الزحام في الجامع الذي يحضره الآلاف من المصلين معظمهم كمبوديون.
بعد الصلاة بينما كنت وصديق لي يمني نستعد للمغادرة، اقترب شيخ مسن منا تبدو ملامحه عربية وسلم علينا سائلا: الاخوان يمنيان؟
أجابه صديقي: نعم.
ثم سألته وأنت من أين؟
رد: "يمني من يافع" وأحمل الجنسية التايلاندية، أنا رجل أعمال هناك أتيت كمبوديا لتمويل أعمال خيرية للمسلمين.
يصل عدد المسلمين في كمبوديا إلى نحو مليون نسمة تقريبا ما يشكل نسبة 6 في المائة من بين 16 مليون كمبودي الغالبية العظمى منهم بوذيون..
والأغرب في هذا البلد -الذي يطغى على شعبه طابع الترحاب بالأجانب على غير عادة الكثير من الشعوب الآسيوية- التعايش الكبير بين أفراد الشعب رغم تعدد الديانات والمعتقدات واحترام كل منهم معتقد وديانة الآخر، فمثلا خطيب مسجد المركز الإسلامي بكمبوديا هو المترجم الشخصي لرئيس الوزراء الكمبودي -الذي يعتقد بالبوذية- كما أن أحد مرافقيه أيضا من اعلام الأقلية المسلمة هنا.
خلال إقامتي في بنوم بنة وجدت أن الشعب الكمبودي كادح ومناضل مكافح في معيشته ويشبه إلى حد كبير الشعب اليمني، بل حتى أشكال الشوارع والدكاكين والمحال، وبمجرد أن تمر وسط المدينة تحس أنك ربما في منطقة التحرير وسط صنعاء، تتكرر المشاهد وتتشابه حتى في وجود القمامة أحيانا.

وبقدر الازدحام والفقر الموجود لدى الطبقة الكادحة التي تشكل نسبة كبيرة من الشعب الكمبودي، فإن ثمة كما هائلا من السيارات الفارهة التي تتنقل بين شوارع العاصمة نوع "لجزس" وصوالين "تويوتا" اليابانية التي يحبذها المشايخ ورجال الأعمال والمسؤولون في اليمن أيضا.

والمدهش أنني عرفت فيما بعد أن وكيل السيارات اللجزس في كمبوديا رجل أعمال يمني من منطقة يافع في لحج - جنوب اليمن.

في الأيام الأولى لزيارتي هذا البلد لم أر يمنيين، وكنت اعتقدت أنه لا تواجد لهم مطلقا، ثم فيما بعد تعرفت على شاب يمني يدعى بشير المرحي، وعرفت من خلال الكثير من العرب هنا أنه عميد العرب واليمنيين ومشهور بالتعاون والمساعدة مع الكثير من العرب واليمنيين.

يعمل بشير منذ سنوات هنا كمترجم من وإلى العربية والكمبودية والانجليزية ايضا، خلال مرافقتي له لزمن بسيط وجدت الرجل لا ينفك اتصالات ومتابعة لشؤون اليمنيين.

كان حزينا لاحتجاز طالبين في مطار بنوم بنه وتابع الأمر حتى تم إعادتهما إلى ماليزيا وحتى لا يلاقيا مثل ما حصل لهما في كمبوديا ظل يتابع سفارة بلادنا هناك في كوالالمبور في شأن الطالبين وكأنهما ولداه، وهذا ما جعلني أفخر به وأحس فيه طيبة اليمنيين الحقة والأصيلة، التي كادت الحرب أن تسحقها لدى الكثير من اليمنيين للأسف..

ما لفت نظري هنا في كمبوديا إلى جانب ما اسلفت ذكره هو زيارتي لمتحف سجن الإبادة الجماعية وسط العاصمة الكمبودية بنوم بنه، السجن الذي كان مدرسة ثانوية لتعليم الأجيال فحوله الخمير الحمر أثناء سيطرتهم على السلطة في العام 1975 إلى مركز تعذيب واعدام واخفاء قسري..
و خلال 4 سنوات فقط حول الخمير كمبوديا كافة إلى بحور من الدماء وقضوا على مئات الالاف من ابناء الشعب.

وفي هذا السجن وحده فقط قضى نحو 17 الف معتقل كمبودي حتفه تحت التعذيب أو بالإعدام، وهو الأمر الذي ذكرني بالحوثيين وما يمارسونه من جرائم في حق الشعب اليمني، اذ لم يقتصر الامر لديهم على مدرسة واحدة أو اثنتين بل ان هناك مئات المدارس والمؤسسات والمنازل التي حولها خمير السلالة في اليمن إلى معتقلات وزنازين لممارسة التعذيب والقتل الجماعي.

رأيت غرف الحجز وغرف الاعدام وكان الأمر موحشا وصادما، وخلال اربعة اعوام فقط من سيطرة الخمير الحمر الكمبوديين على السلطة بين عامي 1975- 1979 ابادوا ما يزيد عن مليوني كمبودي بينهم عدد لا يستهان به ايضا ممن مات بسبب المجاعة أو الأمراض..

وهو ما يتكرر لدينا في اليمن حاليا إزاء اجبار الخمير الحوثيين الشباب والاطفال على الالتحاق بالمعسكرات واختطاف المعارضين ودفع الاطفال للمحارق والهلاك غصبا عنهم رغم معارضه آبائهم، فيما الكثير من الاطفال تم الزج بهم إلى الجبهات دون معرفة اهلهم، نفس ما حصل هنا خلال تلك الفترة من سبعينيات القرن الماضي ازاء فرض الحمر التجنيد والحاق الشعب الكمبودي بالمعسكرات غصبا.

ورغم التعذيب والتنكيل الذي حصل من قبل الخمير ضد الكمبوديين إلا أن الشعب تمكن من الإطاحة بهم وتخلص منهم وعرف طريقه إلى الحرية، وهو اليوم الموعود الذي ننتظره في اليمن أيضا للتخلص من الإجرام الحوثي السلالي في حق اليمنيين..

ومثلما تمت الإطاحة بالخمير وتحويل معتقلاتهم إلى متاحف في كمبوديا، سيتم الإطاحة بالحوثيين في القريب العاجل، وستتحول زنازين التعذيب والقتل إلى سجون جماعية لهم بعد محاكمتهم من قبل الشعب اليمني إزاء الجرائم التي ارتكبوها ضده.
وبلا شك "إن الليل زائل".