ميتة "ستوكهولم" في المطبخ الحوثي الإخواني.. اتفاق مع وقف التنفيذ

السياسية - Saturday 21 December 2019 الساعة 09:57 pm
المخا، نيوزيمن، مهيوب الفخري:

ببيان متفائل انتهى الاجتماع السابع للجنة إعادة الانتشار في الحديدة، والرابع على متن سفينة تابعة للأمم المتحدة في عرض البحر الأحمر، بعد عراقيل وضعها الحوثيون أمام فريق عسكري أممي للاجتماعات الثلاثة الأولى للجنة مكونة من ممثلين عن الحكومة اليمنية، والمليشيا الحوثية، يرأسها فريق مكلف من الأمم المتحدة، وفقاً لاتفاق أبرم في العاصمة السويدية ستوكهولم نهاية العام الماضي.

جلسات الاجتماع، الأربعاء والخميس الفائتين، عقب سنة كاملة من الاتفاق، ما زالت تراوح في جوانب تفسيرية لبعض بنوده، الأمر الذي يؤكد تضافر رغبات على عدم تنفيذه، ويشير إلى أن الاتفاق، من الناحية الفعلية، ولد ميتا، خصوصا مع آلاف الخروقات الحوثية لوقف إطلاق النار وعدم تنفيذ معظم بنوده والالتفاف على بنود أخرى.

درجات التفاؤل بصمود الاتفاق بدأت في التلاشي منذ الأيام التمهيدية للقاءات ستوكهولم لأسباب متصلة بطبيعة الحركة الحوثية في نقض تعهداتها، وتوافقها مع دوافع محلية وإقليمية ودولية متشابكة، ومتعاضدة من مصلحتها إبقاء الحديدة والساحل الغربي في حالة اللا حرب واللا سلم، منها ما هو مرتبط بمصالح حوثية خاصة، وتقاسمها قرارها مع الأجندات الإيرانية، إضافة لسياسات حزب الإصلاح (فرع الإخوان المسلمين في اليمن)، والذي تمكن من الإحاطة، إحاطة السوار بالمعصم، بالرئيس عبدربه منصور هادي، والسيطرة الكاملة على قراره، وكذلك اتصال قرار الإصلاح بقيادة التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، وتحالفاته الإقليمية والدولية، مع تركيا وقطر بدرجة أولى.

يزاد على ما سبق، مصالح اللاعبين الدوليين وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، وحليفتها، ووكيلتها في عديد من ملفات الشرق الأوسط، بريطانيا العظمى.

تنصل حوثي

بعد أقل من أسبوع من قتل الحوثيين الرئيس السابق علي عبدالله صالح كانت الخوخة، أولى مديريات محافظة الحديدة الساحلية، من جهة الجنوب، في قبضة القوات المشتركة، وخلال فترة وجيزة كانت تلك القوات في أحياء شرق وجنوب مدينة الحديدة، مركز المحافظة، وكانت قاب قوسين أو أدنى من ميناء اليمن الرئيسي بالمدينة، في تقدم سريع، ومعركة نظيفة من خسائر مدنية، كانت طفيفة، إلا أن أصواتا في الداخل والخارج ألقت طوق نجاة لمليشيا الحوثي، تمثل في اتفاق ستوكهولم، الذي عطل قطع اليد الإيرانية، وأوقف خنق رئة الحوثيين على الساحل الجنوبي للبحر الأحمر.

الانسحاب من موانئ مدينة الحديدة الثلاثة، وتسليمها والمدينة لخفر السواحل وقوات الأمن المحلية، ونزع الألغام، ووقف إطلاق النار، وفتح ممرات إنسانية للمدنيين والمساعدات الإغاثية، كلها بنود تضمنها الاتفاق، لم تلتزم بأي منها المليشيا الحوثية.

بقيت التجهيزات والاستحداثات والتعزيزات الحوثية مستمرة على قدم وساق في مختلف مناطق الحديدة، وزراعة الألغام والعبوات الناسفة على أشدها، وخروقات وقف إطلاق النار لم تتوقف، إذ بلغت خلال شهرين ونصف، بين العاشر من سبتمبر والثاني والعشرين من نوفمبر الماضيين، أكثر من ثلاثة آلاف خرق بعضها تم عقب تثبيت نقاط مراقبة في مدينة الحديدة، ووصلت مؤخرا إلى الاعتداء الحوثي على إحدى تلك النقاط التي وضعتها الأمم المتحدة.

وفي ما يتعلق بالانسحاب من الموانئ قامت المليشيا بانسحابين مسرحيين آخر السنة المنصرمة، وأواسط مايو من السنة الجارية، كذبت الانسحاب الأول بالثاني، وكذبتهما، معا، بمناقشة إعادة الانتشار في الاجتماع الأخير، أما الممرات الإنسانية فبين يوم وآخر تُضبط عناصر حوثية تقوم بزراعة ألغام وعبوات ناسفة في طرق يرتادها المدنيون بشكل يومي، وكذا الاعتداء على قوافل المساعدات الإغاثية.

وما زال رفض المليشيا، قائما، لتحرك الفريق الأممي في الحديدة برئاسة الجنرال الهندي "أبهجيت جوها" لأداء مهامه في إعادة الانتشار وتسليم المدينة لقوات الأمن.

وتأكيدا لتنصل الحوثي من اتفاق ستوكهولم وضعت القيادات المليشاوية على طاولة المبعوث الأممي إلى اليمن "مارتن غريفيث" مسائل ثانوية، كاشتراطات لإمضاء الاتفاق، بينها إطلاق سميرة مارش قائدة إحدى الخلايا النسائية الحوثية لزرع الألغام والعبوات الناسفة في الجوف، وتسليم الدريهمي للمليشيا، غير ما تناولته وسائل إعلام عن اعتراض موكب غريفيث لدى خروجه من مطار صنعاء هذا الأسبوع متوجها لمقابلة قيادات حوثية في العاصمة.

توافقات حوثية إخوانية

ما يمثله الساحل الغربي من أهمية مالية وعسكرية وسياسية، يجعله في مركز المصالح الحوثية، ليس هذا فحسب، فالانخراط الحوثي في الصف الإيراني، وارتباطه إيديولوجيا بمشروع "ولاية الفقيه" في طهران، وتزويد الأخيرة للحوثيين بالمال والسلاح والخبراء يحتم مشاركة إيران، إن لم يكن التحكم التام، بالقرار الحوثي، لاسيما القرار العسكري وتبعاته السياسية، عبر القائد في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني عبدالرضا شاهلي برفقة 400 من عناصر الحرس وخبراء من حزب الله اللبناني، وتوغلهم في مفاصل القيادة العسكرية الحوثية، بالأخص في مصادر القوة الحوثية الأساسية، الصواريخ الباليستية والطائرات الإيرانية المسيرة، وفقما كشفت مصادر رسمية أمريكية، وصحيفة فرنسية متخصصة في الشؤون الاستخباراتية، وهذا يعطي الإيرانيين نافذة على جنوب البحر الأحمر، والخاصرة الجنوبية للمملكة العربية السعودية تضع التواجد الحوثي في الحديدة بين الأوراق الإيرانية المهمة في إدارة صراعها مع السعودية.

الإخوان المسلمون في اليمن محكومون بعدائهم السابق لحزب المؤتمر الشعبي العام وأسرة رئيسه الراحل علي عبدالله صالح، الذي يقود نجل شقيقه أهم قوات عسكرية في الساحل الغربي اليمني، والمدعومة من السعودية ودولة الإمارات، أهم الدول التي تعاديها حركة الإخوان، إضافة لتداخل القرار الإصلاحي مع قرار القيادة الدولية للإخوان، الذي كشف موقع "ذا إنترسبت" بالتشارك مع صحيفة "نييورك تايمز" الأمريكيين عن توافقه مع إيران بشأن الوقوف ضد السعودية في اليمن، كنتيجة لاجتماع برعاية تركية في العام 2014 حضره قادة في الحرس الثوري، ومن جهة الإخوان شاركت فيه قيادات كبيرة في التنظيم الدولي من ضمنهم يوسف ندا، رئيس أول وفد إخواني إلى إيران لتهنئة الخميني بنجاح ثورة 1979، واتضحت فاعلية التوافق بتخاذل قوات المنطقة الشمالية الغربية، الموالية لإخوان اليمن، عدا القشيبي، في صد الحوثيين، قبل دخول صنعاء، وفي اختلاق الإصلاح معارك جانبية مع مكونات محاربة للحوثي، وتهدئة الجبهات العسكرية التي تتولاها عناصر إصلاحية أو مقربة من الحزب، وكذلك الدفع عبر الرئيس هادي لإنقاذ الحوثيين في اتفاق ستوكهولم من خلال سيطرة الإصلاح الفعلية على قوام وفد التفاوض الحكومي في السويد.

السياسة التقليدية البريطانية، ووريثتها الأمريكية، القائمة على التوازن بين الدول، وداخل الدول، تلاقت مع طموحات إضافة نجاح سياسي إنساني إلى السيرة الذاتية لمستشار أمين عام الأمم المتحدة السابق كوفي عنان، في شؤون الوساطة الدولية، والموظف الدبلوماسي البريطاني "مارتن غريفيث" الذي انتدبته الأمم المتحدة لحلحلة الحرب في اليمن، ما أسهم دوليا في وضع الساحل الغربي في حالة اللا حرب واللا سلم.

القرارات والمصالح الحوثية-الإخوانية المتداخلة مع سياسات إقليمية ودولية تضع الحديدة والساحل الغربي اليمني في قفص المراوحة، دون حسم سلمي من خلال اتفاق ستوكهولم، أو حسم عسكري، وما لم تتخذ قيادة التحالف والرئيس هادي موقفا حازما من الاتفاق، غير المنفذ على الأرض، ستظل المليشيا الحوثية وشركاؤها من الباطن شوكة في حلق السعودية واليمنيين على السواء، وسيبقى الاتفاق متنفس الحوثي وخادمه في عدم التفريط بالحديدة وموانئها، ودرعه الحصين أمام العقوبة اللازمة.