هيجان العراق وذكرى الانتفاضة.. جواثيم تقض مضاجع في صنعاء

السياسية - Sunday 01 December 2019 الساعة 04:33 pm
المخا، نيوزيمن، مهيوب الفخري:

فصل جديد من التخبط تعيشه مليشيا الحوثي المدعومة من إيران في المحافظات التي لا تزال تحت سيطرتها مع اقتراب الذكرى الثانية لانتفاضة 2 ديسمبر، في الوقت الذي لم تعد صرخات جلاوزتها قادرة أن تطغى على صراخ المعذبين في سجونها أو أنين الأطفال الجوعى في منازلهم المظلمة ترافقها زفرات آبائهم وأمهاتهم العاجزين عن جلب أي شيء يسد رمقهم.

ومع تسارع الأحداث باتجاه اجتثاث الهيمنة الإيرانية في المنطقة العربية ومع استشعارها الغضب المكتوم الآخذ في التزايد يوماً بعد آخر تحاول ذراع إيران في اليمن بالترغيب والترهيب ثني أبنائه عن المسار الذي اتخذه أبناء الرافدين وأحفاد الفينيقيين ضد الوجود الإيراني في العراق ولبنان والذي إن تفجر فلن تستطيع أن توقفه كل وسائل قمعها.

فبعد ساعات من إعلان رئيس الحكومة العراقية عن نيته تقديم استقالته للبرلمان على إثر ضغط المظاهرات الهائجة في بغداد والمحافظات الجنوبية ذات الأغلبية الشيعية، توعدت المليشيا الحوثية عبر من تسميه رئيس المجلس السياسي المدعو مهدي المشاط كل المعارضين داخل مناطق سيطرتها ملوحة بالقمع "دون هوادة".

فالمليشيات الحوثية ترى نيران المظاهرات تحرق شوارع المدن الإيرانية، وطهران أصبحت عاجزة عن تهدئة ميدان التحرير ببغداد الصادح بشعارات العروبة والرافض لاستلاب إيران سيادة بلاده، والحال أشد على طهران في باقي ميادين مدن الجنوب الشيعي الذي ينسل من قبضتها؛ تدرك جيداً أنها أعجز من أن تفعل شيئاً إن خرجت الجماهير في ميدان تحريرها بصنعاء.

وقال مهدي المشاط في خطاب ساقه للمواطنين في مناطق سيطرة المليشيا، الجمعة، "وجهنا الجميع بردع كل من تسول له نفسه المساس بالجبهة الداخلية دون أي تردد أو هوادة" لتتسابق وسائل إعلام الجماعة في اتخاذ هذه العبارة عنواناً لأخبارها وتبرزه المليشيا عنواناً للمرحلة.

الناشطون وصفوا هذا الإعلان بالخطير، معبرين عن مخاوفهم من كونها إشارة إلى خطة استباقية لقمع أي شخص قد يمثل عاملاً لانطلاق حراك مضاد للمليشيا الحوثية أو ما أسمتها (الجبهة الداخلية) قد يندلع في أي لحظة وضوءاً أخضر للأجهزة الأمنية التابعة للمليشيا لارتكاب المزيد من الفظائع بحق المدنيين المحاصرين في مناطق سيطرتها بتهمة معدة مسبقاً (المساس بالجبهة الداخلية).

ويؤكد أحد الصحفيين في صحيفة الثورة بالعاصمة صنعاء أنه ما لم يتم وضع ضوابط وتفسيرات لمثل هذه العناوين العائمة فإنها ستتحول إلى سوط بيد بعض الحمقى يتم استخدامه في القمع والتخوين ومصادرة حق إبداء الرأي باسم حماية الجبهة الداخلية.

ويضيف متسائلاً: "هل استهداف القيادات الوطنية المحسوبة على المؤتمر وبقية الأحزاب الوطنية يعتبر استهدافاً للجبهة الداخلية أم استهداف أنصار الله والبقية عادي؟!".

فما الذي يمكن أن تفعله مليشيا الحوثي للجماهير؟ وهل يمكن مقارنته بما يفعله سليماني الذي يقود عمليات قمع المظاهرات في العراق ومعه نخبة سياسية قررت أيضاً التصدي للمظاهرات بكل الطرق الممكنة للحفاظ على مصالحها إلا أنها لم تستطع فعل شيء؟!

ولم تقتصر أساليبها على الترهيب، فالمليشيا التي تمارس عمليات نهب المال العام منذ استيلائها على السلطة عام 2014م، بادرت مطلع نوفمبر إلى تسويق ما أسمتها استراتيجية تصحيحية لعمل مؤسسات الدولة في صنعاء وتشكيل لجان مراقبة وتفتيش ومحاربة للفساد المالي والإداري.

وهي تسعى بذلك لهدم أحد أبرز مرتكزات المناهضين في تصويب سهامهم نحوها، وبالتالي تهدئة الرأي العام الذي يثيره استمرار قياداتها في النهب دون أن يعيروا ذلك الإعلان الميت قبل إذاعته أي اهتمام.

لكن تلك المبادرة لم تجد صدى بين الجماهير باعتبارها وعوداً زائفة تطلقها الجماعة في كل دائرة تدور عليها لامتصاص الحماس وسحب البساط من تحت الأقدام التي توشك على الوثوب لفتح الباب على مصراعيه أمام جماهير متأهبة للحظة الانطلاق والتي انتظرتها طويلاً.

ومن سوء حظ المليشيا أن تتصاعد المظاهرات المناهضة للنفوذ الإيراني في البلدين الشقيقين فلم تعد تفصلنا سوى أيام عن حلول الذكرى الثانية لانتفاضة 2 ديسمبر بما تمثله من رمزية لدى اليمنيين بكونها التهديد الحقيقي لاستمرارية المليشيا في العاصمة صنعاء وبقية مناطق سيطرتها.

فهذه الانتفاضة التي تخشى المليشيا استمراريتها تشكل نافذة أمل لانزياح الكابوس الجاثم على صدر اليمن الجمهوري، وزعزعة أسطورة السيطرة بالقوة التي تحاول المليشيا بثها في قلوب الناس وإرهابهم، وهنا تكمن أهمية هذه الانتفاضة الماضية في إيقاد شعلتها الثالثة.