
(رويترز، أ.ف.ب، د.ب.أ) --- شدّد رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر الخناق مساء السبت على رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، بعد مقتل أكثر من 60 شخصاً في غضون 48 ساعة في العراق خلال تظاهرات تطالب بـ"إسقاط النظام". وأعلنت الكتلة البرلمانية المدعومة من الصدر أنها ستتحول للمعارضة إلى أن يتم الوفاء بمطالب المحتجين وبدأ النواب الذين يشكلون كتلة "سائرون" الأكبر اعتصاماً مفتوحاً داخل المجلس.
إحصائية رسمية - ثقيلة
أعلنت مفوضية حقوق الانسان في العراق مساء اليوم السبت أن حصيلة التظاهرات التي شهدها العراق أمس واليوم بلغت 63 قتيلاً بين المتظاهرين و 2592 مصاباً من المتظاهرين والقوات الأمنية.
وذكر بيان صدر عن المفوضية أن عدد القتلى في العاصمة بغداد بلغ 10 والمصابين 1794، وفي محافظة ميسان 14 قتيلا و110 مصابين، وفي ذي قار 15 قتيلاً و 176 مصاباً ، وفي البصرة 7 قتلى و 301 مصاب، وفي المثنى قتيل واحد و 151 مصاباً، وفي الديوانية 12 قتيلاً و119 مصاباً، وفي محافظة كربلاء 349 مصاباً وفي محافظة بابل 4 قتلى و3 معتقلين.
"كيانات مسلحة"
وأعربت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخارت عن عميق أسفها وإدانتها لما يتعرض له المتظاهرون في بغداد والمحافظات من خسائر بالأرواح وتدمير الممتلكات العامة والخاصة.
وقالت في بيان صحفي "نعرب عن القلق العميق إزاء محاولة كيانات مسلحة عرقلة استقرار العراق ووحدته والنيل من حق الناس في التجمع السلمي ومطالبهم المشروعة".
وأضافت أن "حماية أرواح البشر تحتل المقام الأول دائماً. ولا يمكن التسامح مع الكيانات المسلحة التي تخرب المظاهرات السلمية وتقوض مصداقية الحكومة وقدرتها على التصرف. لقد قطع العراق شوطا طويلا ولن يتحمل الانزلاق مرة أخرى إلى دائرة جديدة من العنف".
قوات ومحتجون
قال مصدران أمنيان لرويترز يوم السبت إن رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي أمر قوات خاصة لمكافحة الإرهاب بالانتشار في شوارع بغداد واستخدام أي وسائل لإنهاء الاحتجاجات ضد الحكومة. وقالت الشرطة المحلية ومصادر أمنية إن جهاز مكافحة الإرهاب العراقي انتشر في مدينة الناصرية بجنوب البلاد، حيث اشتبك متظاهرون مع قوات الأمن يوم السبت، ففرق المظاهرات بضرب واعتقال العشرات.
وقالت الشرطة ومصادر في الصحة إن سبعة محتجين على الأقل قتلوا وأصيب 38 في مدينة الحلة العراقية يوم السبت (الأحد بالتوقيت المحلي) بعد أن فتح أعضاء من منظمة بدر المدعومة من إيران النار على المحتجين.
وفي بغداد، أطلقت قوات الأمن قنابل الغاز لتفريق المحتجين بميدان التحرير. وذكرت مصادر أمنية وطبية أن أربعة أشخاص قتلوا بعدما أصيبوا بقنابل الغاز في رؤوسهم مباشرة. ويرقد شخصان في حالة حرجة جراء إصابات مماثلة. وقال مراسل لرويترز إن قنابل الغاز تطلق على الحشود كل 15 دقيقة تقريبا.
في الناصرية (جنوب)، أفادت مصادر أمنية وطبية أن ثلاثة أشخاص قتلوا بالرصاص خلال إقدام محتجين على اقتحام منزل رئيس اللجنة الأمنية في محافظة المدينة وإضرام النار فيه.
وقتل أكثر من عشرين من الضحايا الجمعة، خلال أحداث عنف شكّلت منعطفاً جديداً تمثّل بإحراق واقتحام مقار في جنوب العراق لأحزاب سياسية ومكاتب نواب ومقار فصائل مسلحة تابعة لقوات الحشد الشعبي. ومن بين الضحايا، أكثر من 12 متظاهراً قضوا في تلك الحرائق التي وقعت مساء.
فصائل إيران
وتوعّد قادة الفصائل المسلّحة العراقية المقرّبة من إيران والتي تعرّضت مقارها لهجمات بـ"الثأر"، ما أثار مخاوف من تصاعد العنف. وأعربت الممثّلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخارت عن قلقها "العميق إزاء محاولة كيانات مسلّحة عرقلة استقرار العراق".
ويطالب المتظاهرون في عموم العراق باستقالة الحكومة وسن دستور جديد وتغيير الطبقة السياسية الحاكمة في هذا البلد الذي يحتل المرتبة الـ12 بين الدول الأكثر فساداً في العالم.
وترأس عبد المهدي اجتماعا لكبار القادة الأمنيين يوم السبت مع سعي قوات الأمن لطرد المحتجين من الميدان قبل بداية الأسبوع يوم الأحد. وبحلول الظلام، وجهت قوات الأمن تحذيرات بمكبرات الصوت وأطلقت وابلا من قنابل الغاز على الحشد وطاردت المحتجين في شوارع جانبية ضيقة.
وقتل أربعة محتجين وأصيب 17 آخرون في فوضى بمدينة الناصرية بجنوب البلاد حيث خرج المتظاهرون بالآلاف رغم الوجود الأمني المكثف.
وقالت الشرطة إن مجموعة من المحتجين خرجت من تجمع يضم الآلاف في وسط المدينة لاقتحام منزل مسؤول محلي مضيفة أن الحراس فتحوا النار علي تلك المجموعة بعدما أضرمت النار في المبنى. ولقي شخصان آخران حتفهما خلال احتجاجات في الحلة.
وتشكل التطورات أكبر تحد لعبد المهدي منذ توليه السلطة قبل عام. ورغم تعهده بإصلاحات وقراره إجراء تغيير وزاري موسع، لا يزال الرجل يعاني من أجل تهدئة سخط المحتجين. ودعا رئيس الوزراء عادل عبد المهدي إلى إصلاح نظام التعيينات في الخدمة المدنية وخفض سن المرشحين للانتخابات في العراق الذي تشكّل نسبة الشباب بعمر 25 عاما نحو 60 بالمئة من سكانه.
"شر سوينا إحنا؟"
وقالت إحدى المتظاهرات يرافقها ابنها "قالوا للشباب: ابقوا في بيوتكم سنجد لكم حلولا ورواتب. لكن هذا فخ". بدوره، وفقا لوكالة فرانس برس، قال متظاهر آخر في ساحة التحرير رفض كشف اسمه "هذا يكفي! سرقة وبنوك وعصابات ومافيا وأكثر (...) اخرجوا نريد دولة لا أكثر، الناس تريد أن تعيش".
ومع تردد أصداء صفارات الإنذار ومسارعة عربات التوك توك لنقل المصابين للمستشفيات، عبر آخرون عن غضبهم من مؤسسة سياسية مستعدة للجوء للعنف.
ووفق رويترز، قال المتظاهر سلوان علي (33 عاما) إن الأحزاب السياسية لم تقم بعد 16 عاما سوى بالسرقة والنهب.
وأضاف ”مظاهرتنا سلمية ما شايلين غير العلم وبوتلات المي (زجاجات الماء). قاعدين يضربوا علينا قنابل، يضربوا علينا مسيل للدموع. شر سوينا إحنا؟ كل سلاح ما شايلين. شر اللي سوينا؟“
كيانات مسلحة
من جانبه، دعا آية الله العظمى علي السيستاني، أعلى سلطة شيعية في العراق، عبر خطبة صلاة الجمعة إلى الإصلاح ومحاربة الفساد عبر تظاهرات سلمية، فيما طالب الصدر باستقالة الحكومة. ولمح الجيش ووزارة الداخلية العراقيان في بيانين يوم السبت إلى أنهما ينويان الرد على الاحتجاجات بشكل أكثر صرامة.
ورغم استمرار العنف يوم السبت عبر زعماء سياسيون عن دعمهم لإجراءات قوات الأمن كما لمح زعماء فصائل مسلحة إلى تأييدهم للموقف الصارم لقوات الأمن ضد المحتجين وحثوا رئيس الوزراء على عدم التراجع. وقالت مبعوثة الأمم المتحدة للعراق جينين هينيس-بلاسخارت ”لا يمكن التسامح مع الكيانات المسلحة التي تقوض مصداقية الحكومة وقدرتها على التحرك“.
العربية والحدث
وذكرت قناة الحدث يوم السبت أن العراق قرر وقف عملها وكذلك عمل قناة العربية تزامنا مع تجدد احتجاجات مناوئة للحكومة راح ضحيتها عشرات القتلى في اشتباكات على مدى يومين بين قوات الأمن وجماعات مسلحة.
وقالت قناة الحدث على موقعها الإلكتروني ”قررت الحكومة العراقية وقف عمل قناتي العربية والحدث في البلاد“.