التهم الجاهزة.. صناعة حوثية: ادفع بصمت أو انتظر تهمتك

السياسية - Sunday 04 August 2019 الساعة 12:54 pm
صنعاء، نيوزيمن، فارس جميل:

امرأة متزوجة ولها أولاد في المدرسة، تفاجأ زوجها بمسلحين قالوا إنهم يبحثون عن زوجته بتهمة ممارسة الدعارة قبل عشر سنوات، وأن أحد المعتقلين اعترف بعلاقته معها في تلك الفترة، وتم فعلاً اعتقالها إلى البحث الجنائي وسجنها بهذا التهمة، وتدمير أسرتها وسمعتها، ومقابل ابتزاز المال.

فإذا كان تدمير أسرة بهذه الطريقة من أجل الحصول على ذهب امرأة بلا ذنب، فما الذي يمكن أن يتوقف عنده الحوثي؟

يوم الثلاثاء تم إغلاق مطعم الخطيب، أحد أشهر مطاعم صنعاء، وكان السبب متعلقاً بالضرائب، وفي اليوم التالي أصبح السبب عدم توفير موقف للسيارات..

وهكذا إذا قرر الحوثي استهدافك فإن السبب جاهز، وسيبحث عنه بالمجهر، وإن لزم الأمر سيختلقه اختلاقاً من العدم، فصناعة التهم للابتزاز المادي أكبر موهبة لدى الجماعة.

سوق قات السنينة على بعد أمتار عن مطعم الخطيب، والزحام الذي يسببه لا يقارن بما يسببه زحام مطعم الخطيب، فعند السوق تتوقف حركة مرور السيارات أحياناً بشكل كامل، وهكذا في سوق شارع عشرين القريب منه، لكن الخطيب كان هو المستهدف، فكل من يعرف صنعاء اعتاد على الاختناقات المرورية في شوارعها دون أن تقوم الجماعة بأي تدخل، وعلى العكس فشارع الستين الذي يقع فيه مطعم الخطيب هو الأقل ازدحاماً بحكم سعته.

كما تم إغلاق مركز سيتي ماكس قبل عيد رمضان في ذروة الموسم، تم إغلاق مطعم الخطيب قبل عيد الأضحى، وهو موسم سنوي لعمل المطاعم أيضاً.

مصلحة الضرائب بصنعاء يمكنها إغلاق أي مركز وأي مطعم وأي بوفية، وأي مصدر دخل لمواطن يمني، ولو سدد كل ما عليه فستتم مطالبته بتسوية السنوات السابقة، وكما حدث مع الكثير من التجار الذين تمت مطالبتهم بمبالغ مالية لعشر سنوات بذريعة تسوية ضريبة.

قال أحد موظفي المصلحة إن إيرادات الضرائب تضاعفت قرابة 600%، وأنها كافية لتسليم مرتبات كل موظفي الجمهورية، وضرب مثالاً بضرائب القات بمحافظة الحديدة التي قفزت من ملياري ريال في 2014، إلى 12 ملياراً في 2018، لكن حتى موظفي المصلحة لا يحصلون على مرتباتهم منها، فالجماعة تنفقها بطريقتها الخاصة.

الشامي، رئيس المصلحة الذي عينته الجماعة، كان مدرساً في جامعة إب، ويقوم بفرض معاملة دكتاتورية على الموظفين، حيث إن له حجزاً خاصاً به للموظفين.

مثلاً لو فكرت بتدخين سيجارة واحدة في مصلحة الضرائب، فإن عليك غرامة 500 ريال، وحجز 24 ساعة، وتتضاعف عند التكرار حجزا وغرامة.

لو أردت الخروج لدقائق من مبنى المصلحة فعليك الحصول على إذن خروج بتوقيع رئيس المصلحة نفسه.

بصمة الدوام تتم أربع مرات في اليوم (8 صباحاً، 10 صباحاً، 12 ظهراً، 2 بعد الظهر)، وحراسة بوابة المصلحة تمنعك من الخروج بالقوة، ما لم تعرض عليها إذن خروج موقعاً من رئيس المصلحة.

لمطاعم الخطيب الفضل على عشرات الطلاب الجامعيين في استكمال دراستهم الجامعية، فصاحب المطعم يمنحهم ساعات دوام تتناسب مع دراستهم، ويدعمهم من أجل ذلك بقوة، ويؤدي كل ما عليه من رسوم للدولة، وبشكل مضاعف منذ نهب الحوثيين للدولة ومؤسساتها وإيراداتها، إلا أن الجماعة لا تهتم لذلك، طالما اختلفت مع أصغر مسلح تابع لها.

تقوم مطاعم صنعاء بتخصيص وجبات يومية مجانية وإجبارية للمراكز الصيفية للجماعة، ومع هذا تتعرض لمزيد من الابتزاز، من الضرائب، وهيئة الزكاة، ومكاتب الأشغال، ومكاتب الصحة، ومكتب العمل... إلخ، وكلها تطالبها بالدفع، وتحت التهديد.

في كل مرة ترفض دفع إتاوات لمسلح حوثي، تجد نفسك معرضاً للاعتقال أو إغلاق محلاتك، وبتهم مختلفة كل مرة.

تاجر كبير للأثاث تم اعتقاله مؤخراً بتهمة (الحرب الناعمة)، وكانت التهمة خلوة غير شرعية مع امرأة، وهكذا غيره كثيرون في سجون الجماعة للمساومة على مبالغ مالية عندما تنعدم المبررات المغلفة بالقانون.

هكذا تصنع التهم، وتختلق، من أجل الضغط على المواطنين وابتزازهم، وعند رفضهم الاستجابة لتلك الضغوط، تعلن قضاياهم باعتبارهم يعملون مع التحالف، وهي تهمة قد تعرضك لعقوبة الإعدام التي تصدرها الجماعة عبر قضاتها بمحاكمات صورية، وأحياناً تكون أحكاماً جماعية.

لن ينعتق اليمنيون من تصرفات الحوثيين دون استعادة دولتهم.. هذه الخلاصة التي يتجاوزها أصحاب القرار، وتجار السلام والحرب والوطن.