مطعم يمني ينافس أرقى المطاعم في جزيرة جيجو الكورية

متفرقات - Sunday 10 March 2019 الساعة 07:58 am
عدن، نيوزيمن:

حقق مطعم يمني اُفتتح نهاية العام الماضي في جزيرة جيجو السياحية بكوريا الجنوبية، شهرة واسعة في وقت قياسي لدی سكان الجزيرة والسياح القادمين إليها من مختلف دول العالم.

وقد سلطت مفوضية شئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة الضوء علی هذا المطعم في تقرير بثه مركز أنباء الأمم المتحدة.

ووفقاً للتقرير فإن هذا المطعم والذي يحمل اسم "وردة"، تم افتتاحه نهاية 2018 بعد ان وصل نحو 500 يمني الی جزيرة جيجو السياحية في ضوء اضطرارهم للنزوح من بلدهم الذي تفتك به الحرب.

وقد أثار وصولهم الجماعي والمفاجئ إلى حد ما بعض المخاوف في الجزيرة والبر الرئيسي، حيث لم يسبق للكوريين أن قابلوا إلا القليل من اللاجئين أو المسلمين.. وجاء هذا المطعم ليغير تلك النظرة الآن في كل وجبة يتم تقديمها.

وقد جاءت تسمية "وردة" من بنات أفكار إحدى الفنانين والموسيقيين المحليين وهي ها مين-كيونغ، والتي قررت فتح استوديو الموسيقى الخاص بها لإيواء اليمنيين بعد أن علمت عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي بأن الكثيرين من اللاجئين بدأوا يضطرون للنوم في العراء مع نفاد مدخراتهم.

وتفيد ها مين- كيونغ بأنها قررت تأسيس مطعم "وردة" بعد سماعها أن المئات من طالبي اللجوء اليمنيين كانوا يصارعون من أجل العثور على مأكولات "حلال" في جزيرة جيجو.

وتوضح أنها بعد قضاء أشهر في مساعدة ودعم طالبي اللجوء اليمنيين لتصبح صديقة لهم، أدركت "لها" بأن العديد منهم لم يأكلوا بشكل صحيح، حيث كان من الصعب عليهم الحصول على الطعام الحلال المناسب لهم في جيجو.

وبدعم من أصدقائها اليمنيين والكوريين، قررت افتتاح أول مطعم يمني في الجزيرة، وأسمته "وردة"، وهو أيضاً الاسم الذي قرر اليمنيون إطلاقه على ها مين-كيونغ.

وتستذكر السيدة الكورية البالغة من العمر 38 عاماً وتكاد عيناها تفيض بالدموع قائلة: "لقد شكرني اليمنيون بشدة على شيء من السهل القيام به، لدرجة أنني شعرت بالخجل".

وتضيف "كان الاستوديو فارغاً معظم الوقت وكل ما كان عليّ فعله هو فتحه، فما درجة الصعوبة في ذلك؟".

وبالنسبة لها مين-كيونغ، فإن رؤية مطعمها مليئا بالكوريين واليمنيين والزوار الذين يتفاعلون مع المأكولات، كانت فرحة ما بعدها فرحة.

وتقول: "كنت سأضحك لو قال لي أحدهم العام الماضي بأنني سوف أفتتح مطعماً يمنياً. قبل أن يبدأ اليمنيون بالوصول إلى هنا، لم أكن أعرف حتى أن هناك دولة تدعى اليمن، ولم يكن لدي أية فكرة عن اللاجئين".

ويقدم المطعم الآن طعاماً حلالاً بالكامل، بما في ذلك الكباب والدجاج، إضافة إلى لحم الضأن وكبسة الدجاج والخبز والحمص والأرز والفلافل... وغيرها من المأكولات الشرقية.

ويحصل الزبائن اليمنيون على خصم خاص بنسبة 50%.

وقال النادل اليمني سامي، البالغ من العمر 23 عاماً: "لم نأت إلى كوريا من أجل المال أو من أجل وظائف أفضل، بل أتينا لأن كوريا بلد آمن ولأن كوريا كانت خيارنا الوحيد، لا يمكننا العودة الآن أو حتى في المستقبل القريب. إذا عدنا فإننا سنموت".

من جهته، يريد الطاهي اليمني في مطعم وردة محمد أمين، والبالغ من العمر 35 عاماً، أن يحل السلام في اليمن وأن تسنح له فرصة العودة إلى الوطن بأمان.

وفي الوقت نفسه، فإنه يطلب من الكوريين أن ينظروا إلى اليمنيين كبشر وأن "يتجاوزوا اختلافات العرق والثقافة والدين".

وكل الدلائل تشير إلى أن المطعم اليمني يساعد على تحقيق هذا الأمل.

ويجمع زبائن المطعم أن الطعام الذي يقدمه طهاة يمنيون في جزيرة جيجو يساعد في الترحيب باللاجئين وتقريبهم من المجتمع المستضيف.

وقبل افتتاح هذا المطعم اليمني في هذه الجزيرة الكورية في العام الماضي، لم يكن الزبون كيم هي-يول يعرف سوى القليل عن الطعام أو الأشخاص في اليمن الذي فتكت به الحرب.

ولكن بعد تذوقه لعينات من الكباب والخبز والحمص في مطعم "وردة"، من إعداد مجموعة من الطهاة اليمنيين اللاجئين وبخدمة من طاقم يمني من النوادل، بات كل شيء مألوفا له الآن.

يقول كيم، الذي كان بين مجموعة مختلطة من الكوريين واليمنيين والسياح في أحد أيام الجمعة المزدحمة في مطعم وردة: "إن مجرد تناول الطعام وتجربة الخدمة هنا يجعلني أشعر بأنني أعرف اليمن بشكل أفضل".

وأصبح كيم هي-يول بعد تناول الطعام في وردة، يفكر بالحاجة إلى بذل المزيد من الجهد لمساعدة اللاجئين في وقت الحاجة.

ويقول "لقد تأثرت بالنادل الذي حاول أخذ الطلب باللغة الكورية مستخدماً إحدى تطبيقات الترجمة. إنهم يحاولون جاهدين التكيف في هذا البلد".

وأردف "مجرد تناول الطعام وتجربة الخدمة هنا يجعلني أشعر بأنني أعرف اليمن بشكل أفضل".

ويمضي كيم قائلا: "يمكننا أن نشعر بالقلق حيال المجهول، ولكن هذا ليس خطأ المجهول، أليس كذلك؟ أتمنى أن تضاعف الحكومة جهودها من أجل إقناع الناس بمسؤولية كوريا تجاه حماية اللاجئين".

اليمني محمد علي، البالغ من العمر 37 عاماً، وهو طالب لجوء ومن مرتادين مطعم وردة يقول من جانبه "إنه مذاق الوطن".

ويتابع "خارج المطعم، كنت أتناول الخضروات فقط لأنني لم أكن متأكداً من أن الدجاج الذي يباع في المحلات الكورية كان حلالاً حقاً. أما الآن، فلا داعي للقلق حيال ذلك هنا".

ومن بين الزبائن المنتظمين ناثان ديوان، وهو من الولايات المتحدة ويعيش في الجزيرة منذ حوالي أربع سنوات ويعمل في مجال تدريس اللغة الإنكليزية في إحدى المدارس الكورية العامة.

ويقول ناثان: "الطعام شيء يمكننا جميعاً التواصل من خلاله، وهو أيضاً وسيلة جيدة لإظهار الشخصية ورواية قصة ما... إنه لأمر رائع أن يكون لدينا مثل هذا المكان لسد الفجوات الثقافية".

وبحسب تقديرات الأمم المتحدة فقد تسببت الحرب المستمرة منذ أربعة أعوام والظروف القاسية في اليمن بنزوح ما يقدر بنحو 2.3 مليون شخص داخل البلاد، فيما هناك أكثر من 20 مليون شخص ممن هم بحاجة ماسة للمساعدات الإنسانية.. فيما اضطر نحو 70 ألف شخص للفرار خارج البلاد بحثاً عن الأمان.

ومنذ عام 1994، تلقت كوريا ما يقرب من 49,000 طلب لجوء، وتستضيف حالياً حوالي 2,900 لاجئ وآخرين ممن لديهم أوضاع إنسانية من مختلف البلدان، بما في ذلك باكستان والصين وسوريا واليمن.

وقد منحت حكومة كوريا الجنوبية وضعاً إنسانياً مؤقتاً لغالبية اليمنيين البالغ عددهم الـ484 والذين طلبوا اللجوء في الجزيرة، واعترفت باثنين كلاجئين.

ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات، لاسيما بالنسبة لـ 56 شخصاً ممن رُفضت طلباتهم، على الرغم من أن لديهم الحق في الاستئناف، وبالتالي فلن تتم إعادتهم إلى أوطانهم على الفور.