"عبده صالح".. لغم حوثي في الهاملي التهم رجليه وأقعده عن إعالة أسرته

المخا تهامة - Saturday 02 February 2019 الساعة 08:37 am
المخا، نيوزيمن، خاص:

بقايا جسم على كرسي الإعاقة.. يروي بعضاً من تفاصيل جريمة مليشيا الحوثي، الذراع الإيرانية في اليمن، التي التهمت رجليه وهو يبحث عن كسرة خبز لأطفاله

يحاول جاهداً من على كرسي الإعاقة، التخلص من بعض آلامه ومعاناته، ومرارة الواقع والحاجة والاستجداء والوحشية، ليتحدث لمراسل "نيوزيمن" في الساحل الغربي، عن المأساة التي حلت به وبأفراد أسرته الستة، منذ التهام لغم حوثي لساقيه، في منطقة الهاملي بمديرية موزع التابعة لمحافظة تعز، قبل خمسة أشهر، وتحديداً في 25 سبتمبر 2018، أثناء ذهابه رفقة ابنه الأكبر البالغ من العمر 12 عاماً، للبحث عن حطب وبقايا أخشاب بجوار ورش تصنيع الأبواب والنوافذ الخشبية، ومحلات بيعها ليحولها إلى فحم يبيعه بثمن بخس لإطعام أسرته.

وبصوت خافت، استطاع عبده بن عبده صالح، أن يسرد بعضاً من المأساة التي حلت به، مع كثير من الآهات والدموع التي كانت تنهمر من عينيه بغزارة دون إرادة منه، يقول:
فيما كان الأهالي يتحدثون عن آخر ضحية من ضحايا حقول الألغام التي زرعتها مليشيات الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران، في القرى والمزارع والطرقات ومختلف الأماكن في مديرية موزع، والذي لم تمر سوى بضع ساعات لاستشهاده، وصل إلى مسامعهم خبر إصابتي وولدي الأكبر الذي لم يتجاوز بعد سن الطفولة، بلغم حوثي في منطقة الهاملي بالمديرية، قبل أن يكملوا حديثهم عن الضحية السابق (علي عبده) والمأساة التي حلت بمن يعولهم، فانتقلوا للحديث عن ما حل بي وبولدي، وعن المأساة التي حلت بأسرتنا التي تعيش على آمل بتحسن وضعها المعيشي، وبطونها خاوية على أمعائها..

ويضيف "ما جرى لي زاد من تفاقم معاناتي ومعاناة أفراد أسرتي، وبدلاً ما كنا نسهر ونتعب ونعاني من أجل توفير قوتنا الضروري، أصبحت قلوبنا وأجسادنا المنهكة والمبتورة الأطراف تنزف دماً، وجراحاتنا عميقة، دون أن نجد من يأخذ بيدنا ويتكفل بمساعدتي برجلين صناعيتين، وبحق العلاج وما تيسر من الخبز...".

ويتابع "صحيح أن مليشيات الحوثي هي من تقف وراء جريمة بتر ساقي، ولكن هذا لا يعفي الحكومة والتحالف العربي، من مساعدتنا في تجاوز ولو القليل من العذاب والآلم والمعاناة والعجز وغيرها من الكوارث التي نعيشها".

بح صوت المواطن عبده صالح، ثم اختفى بشكل كامل قبل أن يكمل حديثه معنا، وقبض بيديه على طرفي كرسي الإعاقة ودفع بها نحو المجهول، في محاولة تتكرر يومياً لقهر الإعاقة القاتلة، والوقت الذي تمر ساعاته كألف عام، ولخلق بصيص من الأمل بالتوفيق بمصادفة من يعينه، بعد أن عجز عن الوصول إلى أماكن من لديهم القدرة على إعانتهم، ولكن عبثاً، يحاول.. وعبثاً ينتظر.. وعبثاً يعتقد بوجود من يرثى لوضعه ووضع أسرته، الصحي والمعيشي...

خطواته كانت تأتي ببعض من الاحتياجات الضرورية له ولأفراد أسرته، قبل أن تفاقم مليشيات الحوثي الإرهابية من مأساته، بلغم أرضي قطع رجليه من فوق الركبتين، واليوم لا يأتي لنفسه ولأسرته سوى بالمزيد من الألم والعذاب وهم ينظرون لنصف جسده المتبقي، وهو يصارع من أجل القيام بالمحاولة تلو الأخرى، بحثاً عن منقذ ما زال مجهولا، وسيظل مجهولا!

ورغم جروحه وآلامه، ورغم الحاجة الماساة لما تبقى من جسده، لغفوة جفونه، إلا أنه يظل ساهرا معظم الليالي، حتى يغفو جميع أفراد أسرته وتنام أعينهم العابسات من شدة المعاناة والجوع والألم، وفي الصباح يحبو شاردا منهكا نحو كرسي الإعاقة ليدفعه ومع نصف جسده، بيديه نحو ذات المجهول الذي ألف البحث عنه دون فائدة، من بترت رجليه قبل خمسة شهور.