مليشيا الحوثي في صنعاء.. الهروب من مأزق الواقع إلى خرافة الولاية

متفرقات - Wednesday 29 August 2018 الساعة 07:07 pm
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

تواصل مليشيا الحوثي الكهنوتية المدعومة من إيران، إنفاق مئات الملايين على فعالياتها الطائفية ومناسباتها الخاصة، في حين لا يزال موظفو الدولة في المناطق الواقعة تحت سيطرتها يتضورون جوعاً للعام الثاني على التوالي منذ قطع المليشيا لمرتباتهم ومصادرة حقوقهم.

وألزمت مليشيا الحوثي محافظي المحافظات الموالين لها ومدراء عموم المكاتب التنفيذية ومدراء المديريات وخطباء المساجد تحت سلطتها، تنظيم فعاليات إحتفائية لما تسميها ذكرى "الولاية"، وفيها يتم استحضار سيرة الصحابي الجليل على بن ابي طالب من قبل 1400 سنة، واستغلالها سياسيا على المغرر بهم من أتباعها، داعية إياهم في هذه المناسبة إلى "الاقتداء بنهج الإمام علي رضي الله عنه لتحقيق النصر وهزيمة"، ماتصفه بـ(المشروع الأمريكي والإسرائيلي في المنطقة).

مقاطعة المواطنين لولاية المليشيا

وشهدت مساجد العاصمة صنعاء عزوفا ملحوظا للمواطنين عن احتفالات الجماعة بما تسمى الولاية، والتي كانت المليشيا وجهت خطباء المساجد الموالين لها بالاحتفاء بالمناسبة بين صلاتي المغرب والعشاء خلال 3 أيام متتالية بإلقاء عدد من المحاضرات التعبوية على مرتادي المساجد باستخدام مكبرات الصوت. وتؤكد مصادر محلية متعددة في صنعاء لـ(نيوزيمن) تراجع مستوى الحضور الجماهيري لهذه الفعاليات، وأن الكثير من المصلين كانوا يغادرون بوابات المساجد بعد صلاة المغرب، وأن أعداد العناصر الموالية للجماعة التي بقيت لإحياء هذه الفعاليات محدودة جدا، وصلت في بعض المساجد إلى ما بين 3- إلى 5 أشخاص، يحدثون أنفسهم بمكبرات الصوت.

تقزيم اليمن بصخب الطائفية

وفيما علقت يافطات ضوئية وخطية تضمنت عبارات بالمناسبة على عدد من شوارع صنعاء، تجوب الشوارع ذاتها سيارات للمليشيا على متنها مكبرات للصوت تردد أناشيد ذات طابع طائفي وخطبا تحريضية، قوبلت باستهجان في أوساط المواطنين.

ويتنقد الحاج/ اسماعيل سفيان، رجل أعمال بشارع حدة، إهدار المليشيا للملايين لمناسبات خاصة في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطنين، معتقداً أن مليشيا الحوثي بمثل هكذا مناسبات إنما تعمل على التقليل من حجم ومكانة اليمن الذي لا يمكن تصنيفه مذهبياً أو طائفياً، وأضاف في حديث لـ" نيوزيمن" متهما مليشيا الحوثي بالاستجابة والانسياق لمخططات تقسيم المنطقة وإشعال الفتن والحروب والنزعات المذهبية والمناطقية تنفيذا لمشاريع القوى الاستعماري على رأسها أمريكا وإسرائيل.

مجالس محدودة

مقاطعة المواطنين من سكان صنعاء لفعاليات المليشيا في المساجد دفعها للاتجاه نحو مدراء المديريات وقيادات المجالس المحلية والمشائخ والشخصيات الاجتماعية الموالية للمليشيا، واستخدام أساليب الترغيب والترهيب، لتنظيم أمسيات ومجالس قات محدودة بمقابل مبالغ مالية تصرف للموالين للجماعة، ويعلن فيما بعد أنها فعالية إحتفائية بما يسمى الولاية، تتضمن إلقاء قصائد شعرية ودعوات للتبرع ورفد الجبهات بالرجال والمال و"ذلك حتى تحقيق النصر".

وأعلنت مليشيا الحوثي تنظيمها فعاليات احتفائية بالمناسبة، "بحي الجراف الغربي ومديرية الثورة وبيت معياد والقادسية والحسين والأصبحي بمديرية السبعين"، قالت إنها ألقيت خلال هذه الفعاليات كلمات "أشارت إلى ضرورة العودة الصادقة للمنهج الرباني في خروج الأمة من الفتن التي تمر بها".

قياس مستوى حضور

ويعلق الباحث الاجتماعي عبدالرقيب حسان، على فعاليات مليشيا الحوثي ذات الطابع المذهبي والديني، واحتفالاتها الرسمية، بأنه نوع من الهروب من استحقاقات الواقع إلى ماضٍ افتراضي محاط بالخرافة والجدل.

وقال في حديث لـ( نيوزيمن) إن الأصل في واقع المليشيا أنها على رأس سلطة مسئولة عن احتياجات شعب "مطلوب منك التزامات للشعب مقابل بقائك في السلطة"، مضيفاً: وإذا كان لابد من البكاء "فالبكاء على أحوال الناس اليوم واستشعار معاناتهم أولى من البكاء على الولاية قبل 1400 عام"، ويعتقد الباحث الاجتماعي حسان، أن مليشيا الحوثي واقعة في مأزق تاريخي إثر انكشاف سرها وتواضع ومحدودية قدرتها على إدارة شئون العامة، ولذلك هي تستغل مثل هكذا مناسبات لقياس مستوى حضورها، واقعة تحت تأثير هاجس المصير ما بعد مرحلة الانكشاف.

وفي تعليق له على موضوع الولاية، يرى القيادي السابق في الجماعة، على البخيتي أنه كلما أطل "مشروع خرافة الولاية برأسه ظهرت المشاريع الصغيرة الموازية؛ طائفية ومناطقية؛ وغابت الدولة لصالح المليشيات؛ وتحول التافهون إلى أبطال؛ والأقزام إلى عمالقة؛ وظهرت الهويات الفرعية على حساب الهوية الوطنية. وبسقوط مشروع الإمامة تتلاشى كل تلك المشاريع الطفيلية المتخلفة".