منصة "مشاركة" في عدن.. بوابة نحو حكم محلي عصري وتنمية شاملة

الجنوب - منذ 43 دقيقة
عدن، نيوزيمن:

إطلاق منصة "مشاركة" في العاصمة عدن لا يُعد خطوة تقنية اعتيادية، بل يمثل منعطفًا مهمًا في مسار إعادة بناء الإدارة المحلية وتحديث أدوات الحكم في مرحلة شديدة التعقيد سياسيًا واقتصاديًا. 

وتأتي المنصة في لحظة تحتاج فيها عدن إلى آليات شفافة، ومنفتحة، وقائمة على البيانات، تعيد الثقة بين المواطن والسلطات، وتمنح المجتمع المدني والقطاع الخاص موقعًا فاعلًا في صنع القرار التنموي. وتبرز "مشاركة" كأداة رقمية قادرة على إعادة تنظيم العلاقة بين أطراف التنمية الثلاثة، وربط خطط المحافظة بحاجات المجتمع بصورة مباشرة، بعيدًا عن فوضى العمل التقليدي وهيمنة النخب والبيروقراطية.

ودشن وزير الدولة ومحافظ العاصمة عدن، أحمد حامد لملس، الأربعاء، المنصة رسميًا ضمن مشروع تعزيز الفضاء المدني المموّل من الاتحاد الأوروبي والمنفذ عبر منظمة كير العالمية، مؤكدًا أن هذه الخطوة تمثل نقلة نوعية في مسار الحوكمة المحلية وتطوير إدارة التنمية في المحافظة.

وأوضح المحافظ أن تسليم منصة "مشاركة" لمكتب التخطيط والتعاون الدولي بعدن يجسد ثقة الشركاء الدوليين في قدرة السلطة المحلية على إدارة مشاريع حديثة تعتمد بيانات واضحة وأدوات قياس حقيقية، مشيرًا إلى أن المنصة ستعمل على توسيع دائرة المشاركة الشعبية، وتعزيز الانفتاح، وتوفير قاعدة معلومات دقيقة لصنّاع القرار.

وأكد لملس أن "مشاركة" ليست مشروعًا مكملًا أو خطوة بروتوكولية، بل جزء من رؤية استراتيجية أوسع تهدف إلى تطوير الإدارة المحلية وتحويلها إلى منظومة أكثر رشاقة وفاعلية، مع الالتزام بضمان استدامة المنصة، باعتبارها ملكًا عامًا يخدم المواطنين ويعزز المساءلة والشفافية.

وأشار إلى أن المنصة تمثل تحولًا نوعيًا في كيفية إدارة التنمية المحلية، إذ تعتمد على البيانات والشفافية والتعاون بين مختلف المكونات: السلطة المحلية، القطاع الخاص، ومنظمات المجتمع المدني. وهو ما يعد — بحسب المحافظ — شرطًا أساسيًا لتجاوز أزمات المركزية والبيروقراطية، وبناء نموذج حديث للحكم المحلي يعزز الاستقرار والتنمية الاقتصادية.

ويأتي إطلاق المنصة بعد سلسلة ورش عمل ومبادرات مجتمعية نفذتها "مشاركة" خلال الفترة الماضية، منها ورش حول تمكين الشباب ومشاريعهم الاقتصادية، ما يؤكد — وفق المختصين — أنها بدأت مبكرًا في لعب دور الوسيط الفعّال بين الفاعلين التنمويين، وتسهيل الحوار حول الأولويات المحلية.

ويعتمد نجاح المنصة على التزام السلطة المحلية بإدارتها بعقلية مؤسسية، وعلى انفتاح القطاع الخاص والمجتمع المدني للمشاركة في تغذية المنصة بالبيانات والرؤى والمقترحات. كما يتطلب توفر آليات واضحة للرقابة والمساءلة، لضمان توظيف البيانات في مشاريع تنموية حقيقية تعالج الاحتياجات الفعلية للمواطنين.

ويرى خبراء في التنمية المحلية أن "مشاركة" قد تضع عدن على مسار مختلف في السنوات المقبلة، إذا نجحت في تحويل البيانات إلى خطط قابلة للتنفيذ، وفي خلق تكامل حقيقي بين الشراكات المحلية والدولية، ما يجعل المدينة نموذجًا يُحتذى به لباقي المحافظات في مرحلة ما بعد الحرب.

وتتوقع السلطة المحلية أن تسهم المنصة في تعزيز قدرتها على التخطيط القائم على البيانات، وتوسيع مساحات التفاعل المدني، وخلق بيئة عمل أكثر جاذبية للاستثمارات، عبر تحسين الشفافية وتقليل العشوائية. كما يُتوقع أن تلعب دورًا مهمًا في إعادة بناء الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، بما يعزز الإحساس بالمسؤولية المشتركة تجاه مستقبل المدينة.

وفي ختام حفل التدشين، قدم المحافظ لملس شكره لشركاء العمل التنموي، مؤكدًا أن عدن ماضية في بناء نموذج متطور للحكم المحلي يعتمد التكنولوجيا والعمل المؤسسي والشراكة المجتمعية، ويهدف إلى تحسين الخدمات وبناء مستقبل تنموي أكثر استقرارًا وفاعلية.