شركات أمريكية تربح مليارات الدولارات من حرب غزة
العالم - منذ ساعة و 44 دقيقة
واشنطن، نيوزيمن:
في الوقت الذي تواصل فيه أصوات الانفجارات تمزّق سماء غزة، والدمار يلتهم كل ما تبقّى من حياةٍ في القطاع، تتضاعف أرباح شركات السلاح الأميركية في مشهدٍ يجسّد أقصى درجات التناقض الإنساني. فبينما يُدفن آلاف الأبرياء تحت الركام، تُفتح أبواب الأرباح في واشنطن على مصاريعها، وتُبرم صفقات بالمليارات تغذي آلة الحرب وتزيد أوجاع الفلسطينيين.
تحوّلت الحرب الدامية إلى فرصة اقتصادية ضخمة لشركات السلاح الأميركية، التي وجدت في نزيف غزة منجمًا من الذهب، وفق تحليل موسّع أجرته صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية.
فمنذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، فتحت الولايات المتحدة جسرًا عسكريًا غير مسبوق نحو إسرائيل، ما أدى إلى ارتفاع مبيعات الأسلحة الأميركية إلى أكثر من 32 مليار دولار خلال عامٍ واحد فقط، بحسب بيانات وزارة الخارجية الأميركية التي استند إليها التقرير. وتشمل هذه المبيعات طائرات مقاتلة وذخائر ذكية وأنظمة دفاعية ومعدات ثقيلة.
في المقابل، تسببت الحرب في مقتل أكثر من 68 ألف فلسطيني، وفق تقديرات أممية، لتصبح واحدة من أكثر الحروب دموية في القرن الحالي، ومع ذلك تواصل مصانع السلاح في الولايات المتحدة دورانها بوتيرة غير مسبوقة.
وتتصدّر شركة بوينغ (Boeing) قائمة المستفيدين من الحرب، إذ أبرمت واشنطن صفقة بيع مقاتلات "إف-15" لإسرائيل بقيمة 18.8 مليار دولار، على أن يبدأ التسليم عام 2029، إضافة إلى عقود بقيمة 7.9 مليارات دولار لتزويد الجيش الإسرائيلي بالقنابل الموجّهة والمعدات المرتبطة بها.
أما شركتا لوكهيد مارتن (Lockheed Martin) ونورثروب غرومان (Northrop Grumman) فقد حصلتا على عقود ضخمة لتزويد إسرائيل بصواريخ عالية الدقة وقطع غيار للطائرات المقاتلة، فيما زوّدت جنرال ديناميكس (General Dynamics) الجيش الإسرائيلي بقذائف الدبابات عيار 120 ملم.
وتشير البيانات إلى أن إسرائيل، التي تحصل سنويًا على 3.3 مليارات دولار من المساعدات العسكرية الأميركية، تضاعف تمويلها هذا العام ليصل إلى 6.8 مليارات دولار، دون احتساب الدعم اللوجستي والمساعدات غير النقدية.
وفي حين يعيش الفلسطينيون في القطاع تحت وطأة الدمار والجوع، تنتعش أسواق السلاح الأميركية، حيث ارتفعت قيمة أسهم شركات الدفاع في البورصات العالمية منذ بداية الحرب.
فمركبات القتال الإسرائيلية من طراز "إيتان" تحمل هياكل من تصنيع شركة أوشكوش (Oshkosh) الأميركية، ومحركات من وحدة رولز رويس الأميركية في ميشيغان، بينما تنتشر جرافات كاتربيلر (Caterpillar) المدرعة في أنحاء غزة لهدم المنازل وإزالة الأنقاض، لتصبح رمزًا صارخًا لارتباط الصناعة الأميركية بآلة الحرب الإسرائيلية.
وقالت شركة "أوشكوش" إن الطلبات الإسرائيلية الأخيرة أطالت عمر خطوط إنتاج كان من المقرر إغلاقها العام الماضي، في إشارة واضحة إلى أن استمرار الحرب يعني استمرار الأرباح.
يرى مراقبون أن الحرب في غزة لم تعد فقط صراعًا عسكريًا، بل تحوّلت إلى سوق مزدهرة لتجارة الأسلحة، حيث تلعب الشركات الأميركية الكبرى دورًا مركزيًا في تغذية النزاع.
وذكرت وول ستريت جورنال أن فرع الدفاع في شركة "بوينغ" وصف مبيعاته خلال عام 2024 بأنها "نقطة مضيئة نادرة" بعد عامين من الإضرابات وأزمات التوريد، بينما أشارت شركة ليوناردو الإيطالية إلى أن استمرار الحرب في غزة وأوكرانيا سيحافظ على استقرار مبيعاتها الدفاعية الدولية.
في النهاية، تكشف الأرقام أن الحرب ليست فقط ميدانًا للدمار والموت، بل أيضًا ساحة للربح والتوسع الصناعي. وبينما تنزف غزة يوميًا، تواصل شركات الأسلحة الأميركية تحقيق قفزات مالية مذهلة، لتؤكد مجددًا أن بعض الحروب تُخاض بالسلاح، بينما تُربح بالدولار.
>
