التجنيد القسري للأكاديميين والموظفين.. الحوثيون يحولون التعليم إلى أداة عسكرية
السياسية - منذ 8 ساعات و 59 دقيقة
تداول ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي صورًا تظهر الدكتور محمد الحيفي، رئيس جامعة ذمار، يؤدي التحية للمشرف الحوثي على المحافظة أحمد حسين الضوراني، فيما أظهرت صورة أخرى شهادة مشاركة لأكاديمي يمني معروف في المستوى الأول من الدورات القتالية الإلزامية للحوثيين، في مشهد يعكس استمرار الجماعة في فرض برامج تدريبية عسكرية على المدنيين وموظفي الدولة تحت شماعات متعددة تشمل "الدفاع عن الوطن" و"مقاومة العدوان".
ووفقًا لمصادر محلية، اختتم الحوثيون المستوى الأول من دورات التعبئة القتالية "طوفان الأقصى" للمرحلة الأولى، مستهدفين موظفي المؤسسات التعليمية من جامعات ومدارس، والعاملين في المؤسسات الخدمية، بالإضافة إلى المدنيين في العزل والمديريات والمحافظات الواقعة تحت سيطرتهم.
وأكدت المصادر بحسب ما نقله الصحفي فارس الحميري أن الميليشيات منحت شهادات للمشاركين، ووعدت بإدراج من التحقوا بهذه الدورات ضمن قوائم وزارة الدفاع، فيما بدأت فعليًا بأخذ البصمات والصور للمتدربين تمهيدًا لاستخراج بطائق عسكرية، وهو ما يعكس رغبة الجماعة في دمج المدنيين في هياكلها العسكرية وخلق قاعدة اجتماعية ملزمة بخدمة أجندتها القتالية.
وتشير المصادر إلى أن هذه الدورات إلزامية بشكل كامل، خاصة على الأكاديميين والموظفين في الجامعات والمدارس الخاضعة لـ"الحارس القضائي"، إضافة إلى شخصيات اجتماعية وسكان من المناطق السكنية في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الجماعة. وتشير المعلومات إلى أن الحوثيين يستعدون لإطلاق المستوى الثاني من الدورات القتالية "طوفان الأقصى" الإلزامية، لاستهداف عدد إضافي من الموظفين والأكاديميين والطلاب والسكان.
ويرى خبراء أن هذه الدورات تشكل خطرًا على استقلالية المؤسسات التعليمية والبحث الأكاديمي، حيث تُحوّل الجامعات والمدارس إلى أدوات لغسل عقائدي وتجنيد عسكري، بدل أن تكون بيئة علمية محايدة. ويؤكد المختصون أن إجبار الموظفين والطلاب على المشاركة في برامج عسكرية يقوض العملية التعليمية، ويزيد من إحجام الأكاديميين عن ممارسة دورهم المهني بحرية، كما يعمّق الانقسام الاجتماعي ويزيد من توتر المجتمعات المحلية.
كما أن هذه الدورات تسهم في خلق جيش مدني تحت سيطرة الميليشيات، ما يزيد من قدرة الجماعة على توسيع نفوذها العسكري والسياسي، ويضع السكان تحت ضغط مستمر، خصوصًا في المناطق الريفية والمناطق السكنية القريبة من مناطق النزاع، حيث تُستخدم الدورات كذريعة لتجنيد الشباب والأكاديميين بشكل قسري.
وأكدت تقارير حقوقية محلية ودولية أن مثل هذه البرامج تنتهك القوانين اليمنية والدولية التي تحظر تجنيد المدنيين في النزاعات المسلحة، بما في ذلك اتفاقيات جنيف المتعلقة بحماية السكان المدنيين، واتفاقية حقوق الطفل فيما يتعلق بتجنيد القاصرين في النزاعات المسلحة، إذ تشمل الدورات أحيانًا طلابًا في الجامعات والمدارس الثانوية.
ويؤكد حقوقيون أن الاستمرار في فرض هذه الدورات يعمّق آثار النزاع المسلح على المجتمع المدني، ويخلق بيئة من الخوف والإكراه، ويقوض أي جهود للتعليم المستقل وبناء مجتمع مدني قوي، كما يكرّس ثقافة العنف ويجعل العودة إلى السلم الأهلي في المستقبل أكثر تعقيدًا.
ويبرز استمرار الحوثيين في فرض الدورات القتالية الإلزامية نموذجًا واضحًا على استخدام التعليم والمدارس كأداة سياسية وعسكرية، ما يعكس استراتيجية طويلة الأمد للجماعة لترسيخ الولاء العسكري بين المدنيين، وزرع الرعب والخضوع في المؤسسات التعليمية والمجتمع المدني.
وفي ظل هذا الواقع، يبقى القطاع التعليمي وأعضاء المجتمع المدني في مناطق سيطرة الجماعة عاجزين عن ممارسة مهامهم بحرية أو الاعتراض على سياسات التجنيد الإجباري، وهو ما يشير إلى استمرار انتهاك الحقوق المدنية والتعليمية في اليمن.