عودة الإرهاب الحوثي إلى البحر الأحمر.. تصعيد خطير بتوجيه إيراني لابتزاز العالم

السياسية - منذ ساعة و دقيقة
الحديدة، نيوزيمن، خاص:

يشهد البحر الأحمر وخليج عدن تصعيداً خطيراً في أعمال الإرهاب البحري التي تنفذها ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران، لتعيد المنطقة إلى واجهة التهديدات الإرهابية العالمية.

ويكشف استهداف الحوثيين لسفن لا علاقة لها بإسرائيل – خلافاً لما يروجون – أن الأمر يتجاوز الشعارات المعلنة، ليصب في خدمة أجندة إيرانية تسعى لإثارة الفوضى في واحد من أهم الممرات البحرية الدولية، رداً على العقوبات الأميركية والأوروبية الأخيرة المفروضة على طهران. 

هذا التطور الخطير يؤكد أن البحر الأحمر لم يعد مجرد ممر تجاري عالمي، بل تحول إلى ساحة صراع جيوسياسي معقد، توظفه إيران عبر وكلائها لابتزاز الغرب والتأثير على الاقتصاد العالمي.

تفاخر حوثي بالإرهاب

في خطوة تعكس الطبيعة العدوانية للمليشيات الحوثية ونهجها الإرهابي، خرج زعيمها عبدالملك الحوثي بتصريحات متلفزة أعلن فيها تباهي جماعته بالهجمات التي تنفذها ضد السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن. واعتبر الحوثي أن تلك العمليات "استراتيجية كبيرة"، مدعياً أنها عطلت موانئ إسرائيل وألحقت بها خسائر اقتصادية جسيمة، في محاولة لتسويق الممارسات الإرهابية كـ"انتصارات سياسية وعسكرية".

وأكد الحوثي أن جماعته ستواصل استهداف السفن تحت ذريعة "حظر الملاحة على العدو الإسرائيلي"، في وقت يثبت الواقع أن الهجمات شملت سفناً وشركات لا علاقة لها بالصراع مع إسرائيل. وذهب الحوثي إلى حد تبرير الهجوم على سفينة شحن هولندية الأسبوع الماضي باعتبارها "مخالفة للحظر"، في استمرار واضح لسياسة تزييف الحقائق وتضليل الرأي العام.

وبحسب إحصاءات أعلنها الحوثي نفسه، فقد استهدفت المليشيات منذ أواخر عام 2023 ما يقارب 228 سفينة، وهو رقم يعكس حجم الخطر الداهم الذي تمثله الجماعة على خطوط الملاحة الدولية، ويكشف في الوقت نفسه حجم التنسيق القائم بينها وبين النظام الإيراني الذي يسعى لاستخدام البحر الأحمر كورقة ضغط على الغرب عبر ذراعه الحوثية.

دعوات لعقوبات دولية

أعاد الهجوم الحوثي الأخير على السفينة الهولندية (MV Minerva Gracht) في خليج عدن ملف الإرهاب الحوثي إلى صدارة الاهتمام الدولي، مثيراً موجة إدانات واسعة ومطالبات بإجراءات أكثر صرامة لردع الميليشيا. فقد دعت الحكومة الهولندية، التي تنتمي إليها السفينة المستهدفة، الاتحاد الأوروبي إلى الإسراع في تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية، وفرض عقوبات قاسية عليهم، معتبرة أن الميليشيا تشكل منذ سنوات تهديداً مباشراً وخطيراً لحرية الملاحة الدولية وأمن التجارة العالمية.

الموقف الهولندي تلاقى مع دعوات مشابهة من الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، التي شددت على ضرورة إدراج الحوثيين ضمن قوائم الإرهاب العالمية، ليس فقط كرد فعل على استهداف السفينة الهولندية، بل كخطوة استراتيجية لردع التهديدات المتصاعدة التي تطال المنطقة بأسرها. وأكدت الخارجية اليمنية في بيان رسمي، أن الحوثيين لا يعملون كجماعة محلية متمردة، بل كـ"ذراع عسكرية للنظام الإيراني"، تُدار وتُموَّل لتخدم أجندات تخريبية تعمّق معاناة اليمنيين وتهدد الأمن الإقليمي والدولي.

وترى الحكومة الرسمية أن العقوبات الدولية باتت ضرورة لا تحتمل التأجيل، كونها السبيل الأمثل لفرض كلفة سياسية واقتصادية على الميليشيا وعلى داعميها في طهران، بما يردعهم عن الاستمرار في استهداف السفن وابتزاز المجتمع الدولي عبر تهديد الممرات المائية الحيوية. ويعتقد مراقبون أن هذا التوجه قد يشكل نقطة تحول في الموقف الأوروبي، خصوصاً بعد أن تبنت الولايات المتحدة وكندا وأستراليا خطوات مماثلة بتصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية.

من جانبه شدد وزير الدفاع اليمني الفريق الركن محسن الداعري على أن طرق الملاحة ستبقى عرضة للخطر ما لم يتم دعم قدرات القوات المسلحة اليمنية لإنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة الدولة. جاء ذلك خلال لقائه السفيرة الفرنسية لدى اليمن كاثرين قوم كمون، حيث أكد أن "استهداف الحوثيين لسفينة هولندية مؤخراً يثبت الطبيعة الإرهابية للمليشيا"، مشيراً إلى أن إيران ما تزال مستمرة في تهريب الأسلحة للحوثيين واستخدامهم كورقة ضغط إقليمية.

ولفت الداعري إلى وجود تعاون بين الحوثيين والتنظيمات الإرهابية الأخرى لإقلاق السكينة في المناطق المحررة، إضافة إلى محاولاتهم إغراق البلاد ودول الجوار بالمخدرات عبر إنشاء معامل تصنيع، مؤكداً جاهزية القوات اليمنية لاستكمال التحرير وإنهاء الانقلاب بدعم المجتمع الدولي.

تفاقم الأوضاع

من جانبه، أدان الاتحاد الأوروبي بشدة الهجوم الحوثي على السفينة الهولندية، مؤكداً أن الاعتداء "عرّض حياة الطاقم للخطر وأجبرهم على إخلاء السفينة بمساعدة بعثة أسبيدس البحرية".

وأكد الاتحاد أن الهجمات الحوثية تنتهك القانون الدولي وتشكل خطراً مباشراً على التجارة العالمية، محذراً من أنها تفاقم الوضع الإنساني في اليمن وتقوض آفاق السلام. كما شدد على ضرورة الالتزام الكامل بقرار مجلس الأمن 2768 (2025) كإطار لحماية الملاحة ومنع أي أعمال تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة.

ويرى الأكاديمي والمحلل السياسي الدكتور عبدالوهاب العوج أن ما يجري في البحر الأحمر وخليج عدن هو جزء من "استراتيجية بحرية هجينة" تقودها إيران عبر الحوثيين، تقوم على استهداف السفن التجارية والنفطية باستخدام أساليب غير تقليدية كالزوارق المفخخة والطائرات المسيّرة، لخلق ورقة ضغط استراتيجية على الغرب.

وأوضح العوج أن فشل اتفاق ستوكهولم عام 2018 مكّن الحوثيين من تعزيز حضورهم البحري وتحويل البحر الأحمر إلى منصة لابتزاز المجتمع الدولي. وأضاف أن التوقيت السياسي للهجمات يترابط مع تشديد العقوبات على إيران، ما دفع طهران إلى تحريك الحوثيين كـ"وكيل بحري" لنقل المواجهة مع الغرب إلى البحر الأحمر.

وأشار إلى أن السيناريوهات المستقبلية قد تتراوح بين استمرار الاستهداف المحدود للسفن مع رسائل سياسية، أو التصعيد ضد المصالح الأميركية والغربية بما قد يفتح الباب لمواجهة عسكرية أوسع، أو الدخول في تسويات دولية تمنح الحوثيين دوراً تفاوضياً أكبر.

وختم بالقول: "من المؤكد أن البحر الأحمر لم يعد مجرد ممر تجاري، بل تحول إلى ساحة صراع جيوسياسي تتقاطع فيها الحسابات المحلية والإقليمية والدولية، حيث يستخدم الحوثيون كورقة استراتيجية بيد إيران لمواجهة الولايات المتحدة وحلفائها".