تحف يمنية نادرة في معارض عالمية.. إرث حضاري يتجاوز الحدود
السياسية - منذ 6 ساعات و 42 دقيقة
تكشف تحف يمنية نادرة تعرض حاليًا في معارض ومتاحف عالمية عن حجم الثراء الحضاري لليمن، والاهتمام المتزايد الذي تحظى به الآثار اليمنية القديمة، رغم استمرار فقدان العديد منها في ظروف غامضة أو بيعها ضمن صفقات غير موثقة، خصوصًا خلال فترات الاضطراب السياسي.
ومن بين أبرز هذه التحف المعروضة دوليًا: "إفريز الوعول الإثني عشر"، و"نقش مسند من مملكة قتبان"، وكلاهما من مقتنيات معرض "ديفيد آرون" الشهير في لندن، والذي يُعد من أبرز المعارض المتخصصة في الآثار القديمة على مستوى العالم.
وبحسب الباحث المتخصص في آثار اليمن، عبدالله محسن: "يُعد إفريز الوعول من القطع الفريدة في تاريخ الفن اليمني القديم، ويعود تاريخه إلى الفترة ما بين القرن الثالث إلى القرن الأول قبل الميلاد، ويتكوّن من اثني عشر رأساً منمقاً لوعل، منحوتة بدقة بارزة، تتميز بعيون كروية وآذان طويلة وقرون، وتحيط بها عناصر معمارية ذات دلالات زخرفية".
وأوضح محسن في منشور له على صفحته فيسبوك: "تم اقتناء هذا الإفريز النادر في ستينيات القرن الماضي من اليمن من قِبل أنطونين وكريستيان بيس، وهما من جامعي التحف الذين أقاموا في عدن وباريس. وتشير الوثائق إلى أن القطعة تم تسجيلها للتصدير عبر مكتب الآثار في ولاية عدن عامي 1966 و1967، مما يجعلها واحدة من التحف اليمنية التي خرجت بشكل رسمي آنذاك".
وأشار إلى أنه توجد نسخة مشابهة لهذا الإفريز في متحف متروبوليتان للفنون بنيويورك، وتعرض ضمن قسم القطع الجنائزية المرتبطة بالمقابر الملكية في جنوب الجزيرة العربية.
وقال الباحث عبدالله محسن: "القطعة الثانية نقش مسند من مملكة قتبان، منحوت بدقة من سطرين بلغة المسند القديمة، ويعود إلى القرن الأول قبل الميلاد، وجرى اكتشافه في وادي بيحان".
ووفقًا للوثائق المصاحبة، اقتنى النقش إي. إف. ستونهاوس في عدن قبل مايو 1968، أثناء تواجده في عدن تحت الإدارة البريطانية. وقد أوضح في مراسلات موثقة أنه تم الحصول على النقش من موقع أثري يعتقد أنه كان معبدًا أو محطة توقف لملكة سبأ خلال مسيرتها التاريخية عبر حضرموت واليمن باتجاه الشمال.
وقد تنقّل هذا النقش بين عدد من المجموعات الخاصة في المملكة المتحدة، قبل أن يُعرض في مزاد فني عام 2021، وينتهي به المطاف ضمن مقتنيات معرض ديفيد أرون، الذي يوثق تاريخه وسيرته بدقة ضمن كتالوجه السنوي المتخصص في الآثار العالمية.
تأسس معرض ديفيد أرون في الأصل بإيران عام 1910، قبل أن ينتقل إلى مصر ثم لندن، ويُدار حاليًا من قبل الجيل الثالث والرابع من عائلة آرون. وقد لعب المعرض دورًا محوريًا في اقتناء وتوثيق وعرض آلاف القطع الأثرية من مختلف الحضارات، من بينها الآثار اليمنية.
ويضم سجل المعرض صفقات بيع لعدد من أهم المتاحف العالمية مثل: متحف المتروبوليتان، متحف اللوفر أبوظبي، متحف الآغا خان، ومتحف ميهو في اليابان، وغيرها، وهو عضو في الرابطة الدولية لتجار الفن القديم.
ويطالب مثقفون وخبراء في الآثار اليمنية الجهات المعنية بوضع خطة وطنية شاملة لتتبع هذه القطع، واسترداد ما أمكن منها، أو على الأقل تسجيلها وتوثيقها في قواعد بيانات وطنية ودولية للحفاظ على الإرث الحضاري اليمني الذي يمثل جزءًا أصيلاً من تاريخ الإنسانية.