يافطة "نصر الاقصى".. بوابة حوثية لدعم جبهاتهم الداخلية المنهارة
الحوثي تحت المجهر - منذ 5 ساعات و 34 دقيقة
تواصل ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران توسيع حملات التجنيد الإجباري في مناطق سيطرتها، مستغلة العدوان الإسرائيلي على غزة وتحت شعارات "نصرة الأقصى"، لإعادة تعبئة صفوفها المقاتلة بعد سلسلة من الخسائر التي تكبدتها في الجبهات الداخلية، في وقت تتزايد فيه المؤشرات على اتساع عمليات التعبئة المجتمعية واستهداف مختلف الفئات، بما في ذلك الرياضيين والطلبة والمزارعين.
وبحسب مصادر محلية في محافظة حجة، شمال غرب اليمن، شرعت الميليشيات خلال الأسابيع الماضية في تنفيذ ما أسمته "الدورات العسكرية المفتوحة" تحت عنوان "طوفان الأقصى"، وسط حملة تحشيد غير مسبوقة استهدفت النوادي الرياضية والقطاعات الشبابية والأكاديمية، في إطار سعي حثيث لتعويض النقص الحاد في صفوف مقاتليها.
وفي مديرية عبس التابعة لمحافظة حجة، تلقى الشاب محمد.ع، أحد المنتسبين لنادٍ رياضي محلي، بلاغًا بضرورة تسجيل اسمه ضمن دورة "طوفان الأقصى"، التي وصفت بأنها إجبارية على كل أعضاء النادي وزملائهم في باقي الأندية الرياضية. مصادر محلية أكدت أن الميليشيا تستخدم مصطلحات مثل "التصدي للغزو الأمريكي-الإسرائيلي" و"الاستعداد للجهاد المقدس" للضغط على المواطنين والزج بهم في معسكرات التدريب.
وبحسب المعلومات، عقدت قيادات حوثية بارزة على رأسها عبدالكريم خموسي، المعيَّن كوكيل لمحافظة حجة، ومحمد الهلاني، مسؤول ما يعرف بـ"التعبئة العامة"، سلسلة لقاءات موسعة خلال الأيام الماضية، استهدفت فيها مختلف الفعاليات المجتمعية من أندية رياضية، وأمناء زكاة، ولجان مجتمعية، وخطباء مساجد، وطلاب أكاديمية جامعة القرآن الكريم، تمهيدًا لإطلاق ورش تأهيلية ذات طابع عسكري تحت عنوان "الاستعداد للمعركة الكبرى".
ووفقًا للمصادر، تم تخصيص هذه اللقاءات لتعزيز المشاركة في دورات "طوفان الأقصى" التي باتت تتخذ طابعًا تعبويًا قسريًا، حيث جرى إلزام المشاركين بالانخراط في برامج تأهيل قتالي تحت غطاء ديني وسياسي، باستخدام خطاب تحريضي يتحدث عن "الرؤية الثاقبة" لزعيم الجماعة عبدالملك الحوثي، الذي دعا سابقًا إلى تجنيد كافة أبناء الشعب اليمني استعدادًا لما وصفه بـ"الجهاد المقدس".
القيادات الحوثية ربطت بشكل مباشر بين ما يجري في قطاع غزة وبين أولويات الجماعة القتالية في الداخل، حيث دعت إلى "الاستعداد للمعركة" بحجة الدفاع عن الشعب الفلسطيني المظلوم، في محاولة واضحة لتأطير حملات التجنيد الإجباري ضمن خطاب ديني-سياسي يهدف إلى امتصاص الغضب الشعبي وتسويق الحرب الداخلية كجزء من معركة "الأمة الإسلامية الكبرى".
وبينما تواصل الميليشيا الدفع بمئات المجندين الجدد إلى معسكراتها، أكدت مصادر عسكرية أن معظم من يتم استقطابهم عبر هذه الدورات يتم إرسالهم إلى الجبهات الداخلية، خصوصًا في محافظات مأرب وتعز والضالع، لتعويض خسائر الميليشيا المتزايدة في محاولات التسلل والهجمات التي باءت بالفشل خلال الأشهر الأخيرة.
وتوضح هذه المصادر أن ما يُروج له من دعم "المقاومة الفلسطينية" لا يعدو كونه غطاءً دعائيًا لتجنيد آلاف المواطنين، وتحويلهم إلى وقود لحروب الجماعة ضد خصومها في الداخل، في وقت تتصاعد فيه وتيرة الرفض الشعبي لمثل هذه الحملات، خاصة بعد ظهور مؤشرات على نية الحوثيين استهداف طلاب الجامعات والمزارعين في المرحلة المقبلة.
وحذرت منظمات حقوقية وإنسانية من اتساع نطاق هذه الدورات لتشمل القُصر وصغار السن، في ظل غياب أي رقابة على تلك المعسكرات التي تديرها الجماعة، والتي يتم فيها غالبًا إخضاع المشاركين لبرامج فكرية صارمة، وغسل دماغ منهجي، قبل الزج بهم في الصفوف الأمامية للقتال.
ويرى مراقبون أن الميليشيا الحوثية تمارس عملية تضليل ممنهجة باسم "نصرة الأقصى"، محذّرين من أن استغلال المآسي الإنسانية في فلسطين من أجل حشد مقاتلين لحروب داخلية، يمثل سلوكًا غير أخلاقي، ويندرج ضمن توظيف القضايا العادلة لخدمة أجندات ضيقة. مؤكدين أن التحركات الحوثية الأخيرة تندرج ضمن استراتيجية تعبئة مجتمعية تقوم على التخويف العقائدي والإلزام القسري، ما يمثل تهديدًا خطيرًا للنسيج الاجتماعي اليمني، ويعمق من معاناة المواطنين، لا سيما في ظل تردي الوضع الاقتصادي، وشح الخدمات، وارتفاع معدلات الفقر.