د. صادق القاضي

د. صادق القاضي

تابعنى على

اعتراف "الشرعية" بالفشل. توبة. أم مناورة جديدة.؟!

Friday 05 November 2021 الساعة 03:25 pm

لأول، وربما لآخر مرة.. "الشرعية" نفسها -من خلال الأحزاب والقوى السياسية التي تكونها، وتستأثر بها، وتقودها- تعترف بأنها:

(فشلت فشلا ذريعا في مسؤولياتها

على مختلف الأصعدة، سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وأعلامياً وعلى كافة الأصعدة محلياً وإقليمياً ودولياً). كما ورد في بيانها الصادر مؤخراً في مأرب.!

صحيح: هناك من يتهكم.. ومن يشمت.. ومن يشكك.. ومن يرى بحق أن هذا البيان مجرد تحصيل حاصل: إقرار اضطراري متأخر للغاية، بواقع لم يعد هناك مجال لإنكاره، وبأخطاء لم يعد هناك وقت لتصحيحها:

الانهيار المريع لاقتصاد منهار أصلا، والسقوط المتسارع لمناطق محررة واحدة بعد أخرى في يد الجماعة الحوثية:

خلال الشهر المنصرم فقط سقطت مناطق واسعة من شبوة، بسهولة عجيبة، وكذلك في محافظة مأرب التي لم يعد منها في يد الشرعية غير مديريتين.!

بمعنى أن هذا الاعتراف جاء بعد أن وقع الفأس في الرأس وفات الأوان، لكن هذا لا يجعله بلا أهمية، المسألة مرهونة بما يكمن وراء هذا الاعتراف بأحد اعتبارين:

إما كاعتراف جاد بالذنب، أو محاولة هزلية للتنصل من المسئولية.!

لأول وهلة يبدو البيان محاولة متهافتة من قبل الشرعية للتنصل من مسئولية هذا الفشل التاريخي، وتعليقه على مشجن افتراضي خارجي. إذ عبرت هذه الأحزاب (عن استغرابها الشديد لأداء التحالف العربي ولسوء إدارته للمهمة التي أنيطت به).

غير أن البيان بمجمله مكرس بشكل خاص ومضاعف على مسئولية طرف يمني محدد. هو (قيادة الشرعية). وهنا ينصرف الذهن إلى "الرئيس هادي". كطرف يراد هذه المرة تحميله وحده مسئولية فشل إدارة هذه المرحلة.!

الرئيس هادي. كما بات معروفا بالتجارب الفادحة للداخل والخارج، كارثة على شكل رجل، لكن أكبر خطاياه على الإطلاق أنه مكن هذه الأحزاب التي تحاول اليوم إدانته من الاستحواذ على إمكانات الشرعية ومقدراتها وقراراتها باسمه. طوال الفترة الماضية.

إذا هي محاولة من بعض شركاء الشرعية للتنصل من مسئولية الفشل، وتحميلها شريك لديه مشاكل بلا حدود. لكنه لا يدير المرحلة بمفرده، ما يجعلها محاولة متهالكة محكوم عليها هي الأخرى بالفشل.!

في كل حال. البيان هو يعبر بشكل حصري عن حزب الإصلاح" جماعة الإخوان في اليمن، الأحزاب الأخرى مجرد ديكور روتيني، وقد نفي حزب المؤتمر في مأرب علاقته بالبيان. ومع ذلك يمكن أن يكون لهذا الحدث وجه إيجابي آخر، وباعتبار حسن النوايا:

 هذا الاعتراف اعتراف شجاع من قبل الإخوان الذين استأثروا بحصة الأسد من مقدرات الشرعية وقرارها. بالأخطاء والخطايا التراكمية التي كان يتم إنكارها وتجاهلها والتمادي فيها ويدفع ضريبتها الجميع في اليمن. وبما يعني:

- استعدادهم وبالتالي الشرعية للتغيير. بداية بتوقفها عن هذه الأخطاء التي تبينت آثارها الكارثية على مختلف جوانب الوضع اليمني.

- الاقرار بصواب كثير من الآراء والانتقادات والمواقف التي اتخذتها عديد من المكونات الوطنية خارج حكومة الشرعية، تجاه الشرعية سابقاً، وكانت توصف بالعدائية.!

من شأن هذه النقطة الأخيرة أن تمثل منعطفاً مهما في علاقة مكونات الصف الجمهوري ببعضها، خاصةً وأن هذا البيان:

- خلا لأول مرة من استعداء أطراف وطنية كانت الشرعية تعتبرها مناوئة.

- دعا بوضوع (الجميع الى مزيد من التوحد امام التحديات المحيطة بالمشروع الوطني). 

وهو ما يعني معالجة أسباب تشظي القوى الوطنية، كونه كان فقط بسبب تمادي بعض مكونات الشرعية في أخطائها ومناوأة كل المكونات والأصوات والعناصر الوطنية التي تشاركها القضية والسلاح.

المهم أن تتوافر عناصر الصدق والندم في هذا الاعتراف ليكون بمثابة توبة يمكن أن تكون لصالح هذه الأحزاب ولصالح الشرعية ولصالح أطراف وطنية أخرى.

أخيراً. قد لا يكون لهذا الاعتراف أي جدوى على الصعيد العملي، لكنه يكفي مبدئياً للرد على تلك الأبواق المزعجة والذباب الإلكتروني وكل الذين ينزهون "الشرعية" عن كل الأخطاء والخطايا التي ترتكبها، ويلقون المسئولية على الآخرين.!