عبدالستار سيف الشميري

عبدالستار سيف الشميري

تابعنى على

توثيق بعض جرائم إخوان تعز دولياً؟

Thursday 19 August 2021 الساعة 07:24 pm

اليمن بلد فيه 2000 منظمة على الأقل مزروعة في كل المدن، وهي لا شك مساحة خضراء رغم كل ما يشوب عملها من سلبيات، وهناك عشرون ألف حقوقي وناشط مدني وإعلامي في مواقع مختلفة. 

إنهم جبهة كبيرة وجيش هام، وفيالق مقتدرة، مهمتها ملاحقة تجار الحرب والدم، هذا هو قدرهم وقدر أبناء اليمن، ويقف خلف هؤلاء نصف مليون يتواجدون في وسائل التواصل المختلفة والمواقع الصحفية والقنوات الفضائية.

 لا شك أن ما يقومون به من دور واضح للعيان، مشهود لا يحتاج إلى دفاع أو تبيان. وبسببهم يخف منسوب الجريمة وتوثق حالات، وغداً لا بد أن تطال يد العدالة بعض المجرمين، ويدون التاريخ ذاكرة الإجرام عبر هؤلاء وما يرصدونه من أعمال.

نحن في فترة حرجة من التاريخ وفي نكبة معقدة ومركبة، تحتاج أن يخرج الصامتون عن الحياد تماما، كي يساندوا هذا الجيش المدني بجهد شعبي على الأرض، كما أننا بحاجة إلى صوت نوعي وعمل نوعي، لا سيما من القادرين والذين هم في أمن من أيدي المجرمين من جماعة الإخوان والقاعدة والحوثي، ويأتي دور الكتاب والمثقفين والمحامين في الطليعة، فهم كريمة البلد وزبدته وملحه، كي يحشدوا كل طاقاتنا المتناثرة لتوجيه البوصلة نحو المواجهة وهذه هي المعركة المستحقة، التي هي فعل وطني من طراز رفيع.

ومن نافلة القول إن الكتابة والإعلام والعمل الحقوقي فعل مقاومة لا سيما في هذه المرحلة التي يسيطر على جغرافية اليمن كل فرق الموت وعشاق المشاريع الصغيرة.

هذه مرحلة القول الفصل الذي لا دبلوماسية فيه ولا تكتيك ولا براجميتك ولا توسط فيها ولا رمادي ولا حياد.

ولعل واحدة من إشكاليات العاملين في الإعلام والمحاماة أنهم يحاولون عقلنة الجريمة بحجة عقلنة الخطاب الإعلامي والنقد البناء، ويحولون موجات الغضب إلى مواقد تدفئة تفيد القتلة ولا تقتص للضحايا، ويحولون الكلمة والإعلام إلى ماراثون تسالٍ وترفيه ليس إلا.

إن واجب الكلمة والمثقف والإنسان اليمني عموما بأدواته المتاحة وبما يمتلكه من وعي سياسي كثفته الأيام والأحداث، وبصموده الذي عارك الزمان، وصهر المكان، واجبه قطعا، ومضمون مواطنته حتما، أن يبقى صارخا غاضبا، رافضا لكل هذا الوضع الذي أسسته الحرب وتجارها، وذاك قدره.

إن واجبه الحتمي أن يبقى في اشتباك بالوطن مهما كانت انشغالاته، ووجوده أو بعده وسفره، مدافعا عنه ما استطاع سبيلا، قويا وصارخا في انتقاد جماعات الدين وأدعياء الله، ومخرجاتهم من المفصعين وقطاع الطرق ومشاريع الخلافة والولاية، وكذلك خذلان الحكومة وغياب السلطة العليا، وترك ثكنات الجبهات للعيش في نعيم أجنحة الفنادق وشاليهات المنتجعات.

إن واجب اليمني لا سيما أصحاب الكلمة، والإعلام والثقافة أن يبقوا في علاقة روحية صوفية، وفي رباط دائم مع أحزان الوطن يسطرون منه امتدادات نضال ومتاريس مقاومة، وطاقة تحفيزية للجيل القادم، كي يتعلم هذا الجيل أن شرط وجوده على وطنه متصل بمقاومته ووعيه لهذا الواقع المفروض الذي لا يمت بتاريخ اليمن بأي صلة، وإنما هو مرض وفيروس طارئ، يحتاج مناعة ويحتاج كورسات علاج متتالية لا يستطيعها سوى جيل الشباب القادم.

وليس من المفروض أن ينتظروا أحزابا سياسية متهالكة، ضعيفة زادتها الحرب ضعفا، وهناك مبررات كثيرة لهذا الضعف بعضه موضوعي وواقعي وبعضه فقر في القيمة والوسيلة معا، لكن بعضها يحاول أن يفيق من غيبوبته وهذا أمر محمود، كما لا ننسى أن معظم كوادر الأحزاب القديمة تم احتواؤها بطريقة أو بأخرى من الحوثي والإخوان وغيرهم من مراكز النفوذ، لكن الوطن ليس خارطة خاصة بالأحزاب يلونونها وحدهم أو يذودون عنها دون سواهم وليس ذلك عدلا، إنها مسؤولية العقل الجمعي والوعي الشعبي والعمل النوعي الذي يقوم به الجميع وتشارك الأحزاب حسب قدرتها كونها لا تشكل سوى ثلاثة في المئة من عدد السكان على أحسن التقديرات إذا ما استثنينا حزب الإصلاح وأحزاب الحوثي وأشياعه، وما تم اختطافه من حزب المؤتمر لصالح الطرفين وغيرهم من تركة صالح وحزبه التي ذهبت مشاعا وتفرقت بين القبائل والجماعات، ولم يتبق إلا القليل الذي يفتقر لقيادة تجمع شتاته، ولذلك عندما نتحدث عن مهمة الأحزاب في إنقاذ ما يمكن إنقاذه فنحن نخاطب المجهول ونستدعي السراب، والأجدر بنا أن نخاطب كل قوى المجتمع وقبل ذلك كله الشعب كل الشعب الذين هم أس أي تغيير ومركز أي مرحلة من مراحل الخلاص.

وفي طليعة هؤلاء جميعا الشباب،

نعم الشباب ذلك قدرهم الذي ما كنا نتمناه، ولكن هكذا جاءت الرياح بهم إلى هذه المحطة من تاريخنا الذي يعيش الانكسار ووطننا الذي يعاني المحن والحرب وضعف القيادة وفساد الحكومة وبعض النخبة، ولذلك لا مفر من أن يبادر الشباب كما بادر الذين من قبلهم يوم أن فكروا بثورة سبتمبر واكتوبر وما قبلهما وما بينهما، من نضالات، راح ضحيتها خيار الشباب، وقدموا الدماء كي يمهروا الحرية والوطن.

 وعليهم وعلينا أن نحفظ درس الوطن جيدا كهوية وكفكرة لا تموت، وأن نخط خطوطا عريضة في إفهام هؤلاء الشباب وأيضا في إفهام العامة أن الوطن ليس تجمعا سكانيا وترابا فقط نقول له طز كما قالها مرشد الإخوان في العالم محمد مهدي عاكف يوم أن قال طز في الوطن إنه حفنة تراب.

 هذه الهرطقة هي عقيدة الإخوان ومن على شاكلتهم من جماعات العنف، وهي تتنافى مع مفهوم الوطن جملة وتفصيلا، ذلك أنه الكينونة التي لا يكتمل وجودنا إلا بالحفاظ عليها والرفع من قيمتها وحمايتها.

صحيح أن ما قدمه جيل سبتمبر واكتوبر كبير وأن هذه التضحيات تم التآمر عليها، لكنها لم تذهب سدى بالمطلق بل تم البناء عليها والتاريخ تراكم على كل الأحوال. 

لا يزال الأمل ممكنا ولا يزال هناك متسع من الوقت  للبناء بقدرات ودماء جديدة، هذه سيرورة التاريخ وناموس الوجود، وما نمر به مرت به دول كبرى وصغرى أيضا وتجاوزته، بشبابها وإيمانها بقضاياها ووطنها، ولعل أول خطوات البناء هو تحفيز الجميع على النضال وعدم الوقوف في الحياد والفرجة كما يفعل الكثير من المثقفين والنخبة اليمنية وبعض الشباب.

لا يكفي بأن نلعن الحرب فقط، يجب مقاومة من يصنعها ويتكسب بها بحيث أصبح الذهاب إلى خيارات السلام يشكل خسارة لهم لأنهم يتكسبون من الحرب مكانة وثروة وسلطة.

كما أن الانتقائية في تحميل المسؤولية لطرف واحد دون غيره يعتبر إشكالية أخرى.

إن تعليق الجرس على رقبة الحوثي والإخوان في اليمن وتحميلهم كل كوارث الحرب هو الموقف الذي ينبغي انتهاجه، ولعل الشرعية تدخل ضمنا في سياق اختطاف الإخوان لها.

ولذلك فإن انتقادها وهي ليست جسما حاضرا كامل الأوصاف والقدرة يعد عبثا.

وخلاصة القول: 

إن هناك جبهة كبيرة من العاملين في كل دروب المدنية والعمل الحقوقي والإعلامي عليهم مهمتان أساسيتان..

 الأولى: توثيق الجريمة وذاكرة الدم والعمل على إيصالها لكل محفل دولي بكل الطرق الممكنة، وبالفعل تم توثيق شيء من ذلك، ففي آخر تقرير للجنة الخبراء في مجلس الأمن أدانت حزب الإصلاح وألوية محور تعز بارتكابهما جرائم جسيمة، وأدان التقرير مليشا الإصلاح وقيامها بعمليات قتل واغتيالات ونهب واسعة النطاق في تعز.

 وكشف تقرير فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن عن مشاركة العديد من القادة والمسؤولين في تعز في عمليات القتل والاغتيالات والاستيلاء غير القانوني وأنشطة أخرى غير قانونية مع الإفلات من العقاب.

وأشار التقرير أنه تلقى معلومات بشأن 58 منزلاً للمدنيين استولى عليها أفراد ينتمون إلى الألوية 17 و22 و170 بالقوة في أعمال تبدو واسعة النطاق ومتكررة. 

وتحقق الفريق من خمسة من المنازل التي تم الاستيلاء عليها بالقوة. ففي إحدى القضايا، قُتل صاحب منزل على أيدي أفراد مرتبطين باللواء السابع عشر المنحل.

وفي قضية أخرى وثقها الفريق، تورط غزوان علي منصور المخلافي، ضابط في اللواء الثاني والعشرين وهو ابن شقيق قائد اللواء الثاني والعشرين صادق سرحان، في عدة عمليات قتل واغتيال في تعز منذ 2018، على الأقل مع عدم المساءلة.

وأكد الفريق تدهور الوضع العسكري والأمني بسرعة في تعز في منتصف عام 2020، مع تصاعد القتال بين مختلف الألوية التابعة للحكومة اليمنية، خاصة تلك التي بين عناصر من اللواء 35 مدرع ومحور تعز العسكري بعد تعيين عبد الرحمن الشمساني قائدا للواء خلفاً للعميد عدنان الحمادي. 

ويعتبر فريق الخبراء تشكيل حمود سعيد المخلافي لقوات شعبية مسلحة بمثابة تهديد للاستقرار في تعز. حيث وقف هؤلاء المقاتلون إلى جانب الوحدات العسكرية التابعة للحكومة اليمنية المتورطة في بعض أسوأ حوادث الاقتتال الداخلي في التربة في عام 2020.

ووثق الفريق أيضا استخدام المرافق المدرسية ثكنات عسكرية فيما لا يزال يحقق في مصادر التمويل لدعم جهود التجنيد  غير الرسمي، 

ويحقق الفريق في تدريبات جماعة الحشد الشعبي المسلحة التابعة للواء السابع عشر في تعز في عامي 2018 و2019.

كما أشار التقرير إلى نفوذ حزب الإصلاح واعتبر فريق الخبراء التعيين المثير للجدل لعبد الرحمن الشمساني، القائد السابق للواء السابع عشر، قائداً جديداً للواء الخامس والثلاثين، على أنه توطيد لهيمنة الإصلاح على الجيش في تعز، مؤكدا أن نفوذ أي حزب سياسي في المجال العسكري قد يضعف تماسك القوات المناهضة للحوثيين.

ووثق الفريق اعتقالا وإخفاء قسريا وتعذيبا ضد رضوان الحاشدي، الذي كان مدير المكتب الإعلامي السابق لكتائب أبو العباس، لافتاً إلى وجود أدلة تشير إلى أن الاعتقال كان على صلة بمعارضته المتصورة لقوات الإصلاح في تعز. 

كل ما ورد هو بداية وسوف يوثق التقرير القادم جرائم أخرى. هذا هو المهم الآن ويشكل النقطة الأولى..

وثانيا وهو الأهم، يجب تسلم الراية من شباب اليمن بقوة نضالهم وإصرارهم وتضحياتهم من جيل الخيبات الذين يمسكون بكل شيء ومقارعتهم حتى يكون ذلك، لقد قارع الأبطال الملكية والاستعمار في اليمن منذ ستين عاما ونجحوا في ذلك، ولم يقولوا إن ذلك الأمر مستحيل، ولو ركنوا إلى هذا القول ما كانت الثورة والجمهورية والوحدة والوطن، وما نمر به اليوم لا شك أنه انتكاسة لكنها قابلة للمعالجة عبر السير على خطى السابقين  واستلهام ما صنعوه وما بذلوه وما كانوا عليه كي يستكمل التاريخ دورته الطبيعية في تخليق وطن مستقر وشعب ينعم بالعيش الرغيد والأمن.

 وهذه دورات مستحقة مرت بها كل شعوب الأرض لكن على تفاوت في حجم النضال وفاتورته المدفوعة وزمنه الأقصى.

ولكل نضال نتيجة حتمية، ولكل مجتهد نصيب ولكل تضحية أثر، مهما طال ليل الإجرام والاستبداد..

"إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر" 

وغداً لناظره قريب.