إلى ما قبل ثلاثة أيام تحديدا وأنا اعتقد ان عمليات الاغتيال والقتل التي تقوم بها جماعة حزب الاصلاح (إخوان اليمن) تتم بطريقة عشوائية او وفق ما كان سائدا منذ تكوين هذه الجماعة باباحة سفك الدم بالفتوى، لكني ذهلت الى حد ولأول مرة اشعر بالخوف الحقيقي من هذا التنظيم الارهابي وانا الذي كنت دائم الاستهتار بتهديدهم ووعيدهم، مدركا ان فتاواهم لم تعد تلقى ذاك التصديق حتى من افراد تنظيمهم في بعض حين، إلا اني وبعد انكشاف بعض حقائق كيفية الاغتيالات السابقة عرفت ان الارهاب متجدد في كيفية صناعة الموت وتقنينه وفقا لمنهجيتهم المبنية على فرش بساط احمر من دماء حقيقية ليصلوا الى كرسي الحكم وخلافة المرشد.
بعد ادراك الارهاب عدم الجدوى من الفتاوى واستهلاكها خلال الفترة السابقة ابتكروا طريقة جديدة لشرعنة الموت والقتل لمن يعتقدون انه حجر عثرة في طريقهم للوصول الى مبتغاهم، فاجترحوا طريقة اخرى لتحليل قتل المعارضين لهم ألا وهي (الاحكام الشرعية) كما يسمونها، والتي تكون نتاج محاكمات تجري في اروقة تنظيمهم شبيهة بمحاكم القضاء المعروفة لدى المجتمع وبنفس الاجراءات المتبعة في المحاكم العادية حتى انهم يقومون بنصب محامٍ او ما يسمى وكيلا عن من قرروا محاكمته للدفاع عنه ليكون الحكم الصادر من قبل محكمتهم ملزما ومقنعا للجلاد (العضو المنفذ للاغتيال) في انه منفذ لحكم وليس اجير قتل فقط.
ما اقوله ليس حكما اعتباطيا ولا دخل له بالمكايدات السياسية، بل هي حقيقة مرة فاجأني بها قريب لي في عمق هذا التنظيم، وقد اطلعني على بعض من هذه الاحكام، منها على سبيل المثال الحكم باعدام شخص اسمه وليد الرغيف تم اغتياله في تعز تحت مبرر الحملة الأمنية، لكني لم اتمكن من تصوير هذه الاحكام كما يسمونها، للرفض الشديد من قبل قريبي تحت دعوى ان اطلاعي عليها من باب فقط تقديم النصح واعادتي الى جادة الصواب قبل ان يقع الفأس بالرأس، في لهجة تهديد واضحة بأن هذه الاحكام لا تستثني احدا حتى بعض ابناء التنظيم نفسه المفارق دينه التارك للجماعة.
المفارقة ايضا ان هذه المحاكم تقوم حاليا بمحاكمات لعدد من قادة المجلس الانتقالي الجنوبي وعدد آخر من القيادات الجنوبية بتهم القتل ومحاربة شرع الله والحرابة كما يسمونها، وقد تم تقديم الدعوى بحسب ما وصلتني من معلومات من قبل احد ابناء الجنوب ويدعى أمجد خالد وهو متواجد الآن في تعز بحسب المعلومات، كما قدم الى هذه المحاكم عدد من الشهود منهم علاء البامس وحاموده الشاطر ويوسف وديع وبانتظار ما سيصدر عن هذه المحاكم من احكام خلال الايام القادمة والتي تكتنفها السرية ولا يتم الاعلان عنها الا لقيادة التنظيم او الجلاد الذي قد باع نفسه ودنياه لله، كما يصفونه.
جزئية مهمة وهي ان اعضاء هذه المحاكم وقضاتها هم ايضا قضاة حقيقيون منتمون للسلك القضائي للدولة ويتبعون تنظيميا للاصلاح والتنظيم الدولي للإخوان، كما تم تنقيحهم بثلاثة من اعضاء ما كان يسمى مكتب التحكيم وفض النزاعات او ما يقارب لهذا الاسم والذي كان موقعه مكتب التربية والتعليم بتعز بداية الحرب واظنه لا زال قائما.
إن التلاعب بادمغة المنتمين لهذا التنظيم وشرعنة القتل خلافا للدين والدستور والقانون هو جريمة بحد ذاتها. فكيف بالقتل واستباحة دماء الناس في محاكمات خفية امتدادا لمحاكم التفتيش في القرون الوسطى في اوروبا سيئة الصيت، وهو ما يجعل المجتمع المحلي والدولي ودول التحالف امام معضلة يجب ان تتم معالجتها حتى لا يصبح القتل وتشريعه هواية لمصاصي الدماء العابثين بأمن اليمن والإقليم..