د. ياسين سعيد نعمان

د. ياسين سعيد نعمان

تابعنى على

"مطيع" في ذاكرة الجنوب.. نجاح دبلوماسي نهايته الإعدام

Tuesday 15 June 2021 الساعة 07:54 pm

سيذكر عام 1974، بالنسبة لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، كعام للانفتاح السياسي والدبلوماسي على دول الجوار. 

فمنذ الاستقلال عام 1967 ظلت العلاقات الدبلوماسية مقطوعة مع دول المنطقة فيما عدا الكويت التي رحبت فور استقلال الجنوب بإقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع الدولة الوليدة، وأنشأت مكتباً لهيئة الخليج والجنوب العربي الذي أشرف على إقامة الكثير من المشاريع في مجال التعليم والخدمات الاجتماعية.

كان محمد صالح مطيع -رحمه الله- هو وزير خارجية جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية منذ العام (1973 وحتى 1980)، وكان يعد مهندس الانفتاح السياسي على دول الجوار. 

ولا يختلف كثيرون أن محمد صالح يافعي، الذي عرف باسمه الحركي "مطيع"، قد تميز ببعد النظر في قيادة دبلوماسية الجنوب، وعلاقات الدولة السياسية آنذاك على الصعيد الإقليمي والدولي في ظروف غاية في التعقيد. 

في عام 1974 دشن بداية العلاقات الدبلوماسية بزيارته التاريخية لكل من البحرين وقطر والإمارات العربية المتحدة، وكنت ضمن الوفد الذي زار هذه البلدان بقيادته، ولمست عن قرب حجم الجهد الذي قام به لتحقيق هذا الهدف. 

وفي عام 1976 تم استكمال بناء العلاقات الدبلوماسية مع المملكة العربية السعودية. 

وبقيت عمان لوقت متأخر لأسباب يطول شرحها.

في عهده كوزير للخارجية شهدت العلاقات الدبلوماسية لليمن الديمقراطية ازدهاراً كبيراً على نطاق واسع، وعمل بكل جهد على استعادة العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة الأمريكية. 

وقام بعض أعضاء الكونجرس الأمريكي بزيارة عدن كتمهيد لاستعادة العلاقات الدبلوماسية التي كانت قد قطعت عام 1969. 

تمتع "مطيع" بعلاقات ممتازة مع رفاقه ومع العاملين في السلك الدبلوماسي ومع دوائر اجتماعية وسياسية واسعة، ولعب دوراً إيجابياً في الحوارات السياسية بين فصائل العمل الوطني التي أدت إلى قيام التنظيم السياسي الموحد، الجبهة القومية، ثم الحزب الاشتراكي اليمني. 

كان "مطيع" صاحب كاريزما قيادية تجيد فن الحوار وإدارة الاختلاف، لكن الظروف التي صاحبت كثيراً من المحطات السياسية قد أسهمت في بناء تراكمات لم تترك في كثير من الأحيان غير خيار المواجهة.

 من عجائب السياسة في اليمن أن يثير مثل هذا النجاح أسئلة لا لون لها، مهمتها البحث عن أسباب النجاح بعيدا عن الحقيقة، وهي نفس الأسباب التي دائماً ما تكون إجاباتها جاهزة وتصب في خانة الصراع على السلطة. 

أعدم مطيع، في لحظة من اللحظات التي دائماً ما كان فيها الوعي بقيمة الحياة تستغرقه سلطة تتهشم قوائمها بمقارع التطبيل لخلق الزعامات.

حدث هذا مراراً في اليمن وفي تجارب كثيرة، ولم تنفرد اليمن الديمقراطية بمسار مختلف. 

كان إعدام مطيع خسارة كبيرة، فتحت ثغرات كبيرة في الجسم الذي كان يتهيأ للانتقال إلى مسارات أرحب، وكان ما كان.

*من صفحة الكاتب على الفيسبوك