محمد عبدالرحمن

محمد عبدالرحمن

نخبة الشمال.. الحوثي والإخوان وقيادة الانفصال عن الجنوب

Wednesday 19 May 2021 الساعة 07:51 am

في عام 90 أراد الجنوب أن يكون منطق الوحدة اليمنية مبنياً على أسس ديمقراطية، وكان يحمل رؤيته من أجل ذلك الهدف، أراد الوحدة والديمقراطية رديفةً لها، وتقدم خطوات كبيرة من أجل أن تصل صنعاء وتعانق عدن، وأن تُرسم ملامح مستقبل اليمن الجديد على قاعدة متينة، لكن ما أراده تم وأده مع أول فتوى أطلقتها جماعة الإخوان لغزو الجنوب واستباحته غنيمة للجنرالات والقبائل الشمالية. 

كانت غزوة صيف 94 هي البطاقة الأولى التي رفعها الشمال لقيادة الانفصال عن الجنوب، وانطلقت الدبابات وامتلأت المساجد بالإخوان، وارتفعت صرخات التكبير وتوجيهها نحو عدن، لقتال ما أسموهم المرتدين والسكارى، هذا الأمر شكّل نقطة النهاية لمشروع كان حلماً كبيرا له نتائجه الإيجابية مستقبلاً. 

وبداية حرب الحوثي على اليمنيين كانت البطاقة الثانية وربما الأخيرة التي رفعها الشمال لاستكمال قيادة الانفصال عن الجنوب، حيث انطلقت الدبابات وجحافل الحوثي نحو عدن، وارتفعت صرخات التكبير لقتال ما أسموهم المرتدين والسكارى، بل ازداد الأمر عند الحوثيين وأضافوا الحرب ضد الهنود والأحباش، في الجنوب.

قيادة الانفصال هو المنطق الشمالي الذي تختبره الأحداث المرتبطة بمصالح النخبة، وتتعلق بالثروة والنفط في الجنوب، ولا يزال إلى اليوم هو نفس المنطق.

النخبة في الشمال تريد الجنوب أن يكون مرتعاً لها ولفسادها وأن تكون عوائده تتجه إلى حساباتهم الشخصية. 

النخبة الشمالية تقود الانفصال بالحرب على الجنوب باسم الوحدة، تتلاعب بالمصطلحات الوطنية في عقول الناس، من أجل إخفاء وجهها القبيح في الحرب على الجنوب. 

الإخوان يمارسون حملة الانفصال من 94، والحوثي هو ختام تلك الحملة التي فرضها على الواقع بداية انقلابه على دولة صنعاء. 

الحتمية التي تبينها الأحداث ونوايا وخطط نخبة الشمال، هي التي فضحت مشروع الانفصال عن الجنوب، وهي التي صنعت من الجنوب مشروعا حقيقيا له مطالبه المحقة والعادلة في مواجهتها، ومواجهة المشاريع التي ترى فيه ثروة وغنيمة وحسب.

الحديث عن الوحدة في ظل سيطرة صنعاء على لغة الانفصال واستحواذها على القوة التي تهيمن عليها وتهديدها للجنوب باستمرار، لا يمكن أن يستمر، ولا يمكن لتلك الوحدة أن تحدث وقد وجد الجنوب طريقه للتمسك بقضيته العادلة.

والوحدة التي تتحدث عنها النخبة الشمالية، لا تمثل جوهر ما يريده الجنوب، ولا تمثل حقيقة تطلعات المجتمع الشمالي، ولا بد للمجتمع في الشمال أن يتنصل عن وحدة النخبة، وأن يتجه لمساندة الجنوب للوصول إلى نقطة متزنة تحقق الأمن والاستقرار.

الحوثي والإخوان يمثلان الآن النخبة الشمالية، وتتطابق رؤيتهما نحو الجنوب، والوحدة في ظل هاتين الجماعتين الإرهابيتين هي انفصال يقوده الشمال، وتعمّده الدماء الجنوبية.