عبدالستار سيف الشميري

عبدالستار سيف الشميري

تابعنى على

من حُكم الثعابين إلى صراع الثعابين

Wednesday 03 February 2021 الساعة 08:26 am

قال الرئيس صالح يوماً إنه يحكم على رؤوس الثعابين، وعندما ذهب خرجت كل الثعابين تتصارع، حوثي وإخوان وقاعدة ومراكز نفوذ وهوامير فساد قديمة ومستحدثة.

الرئيس هادي أتاح لها جميعاً الصراع وأوجد بعضها وأحيا أخرى بعد موات، وجلس في أريكته يتفرج وكأن ليس له من الأمر شيء من قبل ومن بعد، وغالب الظن أنه لن يعيش طويلاً، وسيذهب قريباً وقد خلف لنا كل هذا الصراع اللا نهائي.

وإذا كانت مقولة حكم الثعابين منسوبة لصالح، فإن له مقولة أخرى طابقت الواقع في توصيفه لهادي حين قال: إن هادي لم يتعلم ولم يستفد درس الانجليز ولا درس روسيا ولا درس صالح، كما أنه لم يتعلم درس مدرسة الحزب الاشتراكي ولن يتعلم لوجود مناعة ضد الفهم.

صحيح أن الفترة منذ العام 62م إلى العام 2011 كانت بامتياز حكم الثعابين ذهب ضحيتها شمالا وجنوبا كثير من الرؤساء حتى صالح نفسه رغم أنه طوقها ثلاثين عاما لكنها أيضا لدغته في النهاية، وبرحيله بدأ عصر صراع الثعابين اليمنية وعصر الدويلات.

ولذا فإن التكهن بنهاية الصراع وعودة الدولة يبدو مفقوداً، وعصر الجماعات الدينية ينمو ويصبح واقعاً كل يوم.

استطاع الحوثي زرع دويلته شمالاً، وكذلك هو حال الإخوان في تعز ومارب، بينما يترنح الجنوب ويحاول أن يكسر قيود عبوديته ليؤسس دولته الخارجة من هذا السرب والسراب وتجهض بعض محاولاته لكنه يستمر.

على المدى المنظور يبدو الأمر خرج أيضا عن سيطرة التحالف العربي كي يعيد الشرعية ويصفيها من أطماع الخارج وتجاذبات الداخل كي يحمي اليمن ويحمي حدوده وأمنه معاً.

إننا في اليمن في صراع وجود من أجل الحياة والبقاء والحفاظ على التاريخ اليمني العريق ومستقبل الأجيال القادمة وضد المشاريع الاستعمارية الإيرانية والتركية وحلمهما القديم/ الجديد أن تكون اليمن ورماً سرطانياً في خاصرة الخليج والعروبة.

وعلى هذا الأساس ينبغي صياغة كل مفردات التوعية الإعلامية والثقافية والتعبئة العامة واستنهاض التحالف العربي باعتباره محور الممانعة ضد محور الشر العثماني الفارسي.

وفي ظل هذا التجريف والصراع يبرز السؤال الأهم ما الذي تبقى من اليمن على مستوى الجغرافيا وعلى مستوى القرار السياسي؟

في الحقيقة لم يتبق غير مضيق باب المندب الذي تحاول جماعة الإخوان الوصول إليه بدعم تركيا، وتحاول جماعة الحوثي ارباكه بفعل الصواريخ والأعمال العسكرية العدائية المستمرة وذلك يحتاج حتما إلى تصفية الجيش من ملشنة الإخوان.

إن مهمة تحرير هادي من اختطاف الإخوان له واختطاف الشرعية معه يقع على عاتق الأحزاب اليمنية وقبلها الشارع الذي يجب إيقاظه عاجلا.

وعلى الاعلام الإسهام بشيء في هذا الاتجاه في ظل ركود حزبي تام وانقسام وخلافات معلنة وغير معلنة.

لقد إثبتت الأيام أن جماعة الإخوان شريك مخادع ومليشيات عابثة كالحوثي تماما، والبقاء في شراكة سياسية معها يستوجب اعادة النظر فيه، قالها الجنوبون بشجاعة، فلتفعل الأحزاب ذات الفعل والقول للحفاظ على ما تبقى من اليمن.

لا شك أن ذلك يتطلب مزيداً من التلاحم بين المؤتمر الشعبي والناصري والاشتراكي، وضم القوى المجتمعية إليهم والجيش الوطني والأمن في مناطق مختلفة لإحباط الموجة الثانية للسيطرة الإخوانية الحوثية على ما تبقى من اليمن.

وخلاصة الأمر، ليس في الوقت متسع للتحالف العربي إلا إعادة النظر في الحلفاء وفي طريقة إدارته المعركة خلال السنوات الماضية والتي أثبتت قصورها على أقل توصيف.