منذ نشأة جماعة الإخوان في اليمن (حزب الإصلاح) كتنظيم سياسي، والبلاد لم تنج أو تتجنبها المشاكل والصراعات والاغتيالات والحروب، وحتى من قبل تشكيلها (سياسياً) في اليمن شكلت حالة صداع مزمنة في الجسد اليمني، أصابت الرأس وأعمت الجسد عن السير في الطريق السليم.
كلما وجدت نفسها في مأزق، أو وجدت نفسها تعيش أزمة على المستوى السياسي، أشعلت اليمن وأصابت الدولة بالترهل وأخضعت الدين للسياسة، وأجبرت الدولة على الاستسلام لصداعها السياسي والديني والاجتماعي.
كغيرها من الجماعات الدينية المتطرفة، تقتات من الحروب والصراعات، ومنذ عام 90، وبعد توقيع اتفاق الوحدة بين الجنوب والشمال، وجدت نفسها أمام غنيمة وتريد وسيلة للاستحواذ عليها، فنشطت على إصدار فتاوى التكفير ضد الجنوبيين، وساهمت في اغتيال كوادر الحزب الاشتراكي في كل المناطق.
جماعة الإخوان تعرف أنها لن تحصل على شيء إلا بإثارة الصراع، فدعمت وجيّشت لغزو الجنوب، ورأت فيه الغنيمة التي لا يمكن تركها، ولم تتوقف عند ذلك، بل عززت دورها في بث الكراهية والبغضاء ضد الاشتراكية كقيم وايديولوجيا، وكأشخاص ينتمون للحزب الاشتراكي، ولكل ما هو متعلق بالجنوبيين، من أجل أن لا تقوم لهم قائمة.
وفي بداية الألفية الثانية، وجد حزب الإصلاح في حرب صعدة فرصة لتعميق الشرخ في الدولة من أجل ترهلها، فبدأ في عملية امتصاص الأموال والسلاح والتهام الكتائب العسكرية والألوية المقاتلة باسم "الفرقة الأولى مدرع" وبقيادة الجنرال علي محسن الأحمر قائد الجناح العسكري للإخوان في اليمن.
لم يكن لحزب الإصلاح في أي مرحلة دور إيجابي يخدم بناء الدولة اليمنية، بل كان دوره الرئيسي إعاقة أي تقدم سياسي أو ديمقراطي، في محاولة منه لإسقاط النظام والدولة من أجل أن يعتلي الحكم ويسيطر على السلطة بشكل كامل.
كلما كانت البلاد تحاول النهوض من واقعها المرير، سارعت جماعة الإخوان لإعاقة أي نهوض، من خلال تفجير أنابيب النفط، الاغتيالات، اختطاف السياح، تفجيرات المقار الدبلوماسية، خلق الفوضى في المجتمع، كل هذه الأعمال الدنيئة تقوم بها هذه الجماعة من أجل الوصول إلى السلطة.
وصلت إلى 2011م ووجدت فيها الفرصة السانحة للانقضاض على النظام والدولة والمجتمع، تحالفت مع الحوثيين، وافترشت الشوارع وقطعت الطرقات وأحرقت المنازل ودمرت المساجد وهتكت حرمة الجيش، وأدخلت البلاد في معمعة لم نخرج منها حتى الآن.
وفي عاصفة الحزم ولا تزال علاقتها مع جماعة الحوثي قائمة وبشكل أقوى، فرضت جماعة الإخوان بقوة تغلغلها وسيطرتها على الشرعية، حواجز وقرارات أممية تعيق أي تقدم لدحر الحوثي، وفرضت حول صنعاء طوقاً يحمي أي تقدم لأي مقاومة كانت، من جهة مأرب والمناطق التي تسيطر عليها بميليشياتها.
في كل مرحلة تبقى جماعة الإخوان هي الصداع الذي يصيب الجسد اليمني بالفتور وعدم الرؤية الواضحة، ويعيقه من النهوض، بل وينشر في جسده الفساد والإرهاب، وفي الفترة الأخيرة ساهمت العلاقة مع جماعة الحوثي بانهيار كل مقومات الدولة والمجتمع، فأصبح الأمر على اليمن أصعب من أن تقاتل طرفا واحدا، ولزاماً على اليمن أن تقاتل الإرهاب بشقيه الإخواني والحوثي.