د. عيدروس نصر

د. عيدروس نصر

تابعنى على

رسالة إلى عقلاء التجمع اليمني للإصلاح (5)

Sunday 14 June 2020 الساعة 10:02 pm

توقفنا في المنشور الأخير من رسالتنا هذه عند مشاركة الإخوان في الظلم والفساد والاستبداد وتهربهم من تبعات هذه السياسات بل وتلفيقها على من شاركوه فيهاـ وضربنا على ذلك أمثلة كثيرة مثل مشاركتهم للرئيس علي عبد الله صالح في كل السياسات الخاطئة التي مورست على اليمنيين، وفي المظالم المرتكبة بحق الجنوب والجنوبيين بعد حرب 1994م، ثم التهرب منها وتحميل الرئيس الراحل كل تبعات وعواقب تلك السياسات.

ونواصل هنا التعرض لبقية السياسات التي يعتقد الإخوان أنهم من خلالها سيحسمون سيطرتهم على السلطة ولن ينتبه لهم أحد، ونسوا أن عالم اليوم يختلف عن زمن المعاهد العلمية وتلفيق الأحاديث وتصدير الفتاوى وتكفير كل من يختلف معهم.

سأتوقف هنا عند قضية خامسة من بين الكثير من المسالك السياسية للإخوان التي تجعلهم محل رفض وعدم قبول في الشمال كما في الجنوب وهي:

5. التناقض بين الأقوال والأفعال:
وفي إطار هذه السياسة يرفع قادة التجمع اليمني للإصلاح ومؤسساته القيادية والإعلامية الكثير من الشعارات ذات المضامين الوطنية أو الإنسانية أو الدينية والتي لا مانع أن تتضمن فتاوى وتأويلات ومواقف متناقضة لكنها تتعلق باللحظة الزمنية التي يصدرون في هذه المواقف، فتراهم يتحدثون عن العدل والمساواة، بين المواطنين لكنهم في حقيقة سلوك الكثير منهم لا يعترفون بعدل ولا يقيمون أية مساواة لا بين المواطنين ولا حتى داخل التجمع نفسه، حيث إن مقامات علية القوم وأبناء الذوات ليست كمقامات بقية الأعضاء، أما عندما يتعلق الأمر بالمواطنين العاديين أو حتى القادة السياسيين من غيرهم فالأمر أبعد من هذا بكثير، حيث المساواة يمكن أن تقام بين المتنفذين والزعماء وكبار الأثرياء والساسة، أما بقية الشعب فهو حارج الحسبة، وما زلت أحاول العثور فيها على مرة واحدة وقف فيها زعيم أو شيخ أو مفتٍ من منتسبي الإصلاح أمام قاضٍ في محكمة للرد على دعوى مرفوعة ضده من مواطن عادي أو حتى من قائد سياسي آخر أو جماعة مدنية أو مهنية.

وفي هذا السياق يأتي حديثهم عن الدولة المدنية، التي تعني فيما تعني، دولة الدستور والنظام والقانون والمواطنة المتساوية، والفصل بين السلطات، وعدم الزج بالمؤسسة العسكرية والدينية والقبلية في التنافسات والصراعات الحزبية والسياسية.

فالإخوان في اليمن لا يكفون عن الحديث عن الدولة المدنية، في معظم أحاديثهم وتصريحاتهم ومقابلاتهم الصحفية والتلفيزيونية، لكنهم، والحديث هنا عن الممسكين بصناعة القرارات السياسية للتجمع، ما إن ينتقلوا إلى حقل الممارسة العملية، حتى يقلبوا ظهر المجن لكل هذه المفاهيم، فلا هم يقبلون بالخضوع للقانون، ولا هم يرضون عن مفهوم المواطنة المتساوية ولا هم يتورعون عن ممارسة التمييز في الحقوق والواجبات، ولا هم يتوقفون عن التعبئة الدينة (المضللة) والقبلية والفئوية المقيتة، ولا عن اختراق المؤسسة الأمنية والعسكرية، ولو بحثت في السير الذاتية لقياداتهم لوجدتهم في المعظم ألوية وعمداء وعقداء ومقدمين في المؤسستين الأمنية والعسكرية ولا يتورعون عن تسخير صلاحياتهم ورتبهم ومواقعهم هذه لخدمة مصالح الحزب ومواجهة خصومه بشتى الوسائل بما في ذلك الوسائل المسلحة والحروب غير المعلنة والمعلنة تارةً تحت مظلة الشرعية وتارةً بمسميات أخرى قبلية ومناطقية وسواهما.
وللحديث بقية

*من صفحة الكاتب على الفيسبوك