د. صادق القاضي

د. صادق القاضي

تابعنى على

تجليات علمانية.. لمتدين أصولي!

Saturday 13 June 2020 الساعة 08:53 am

في مفارقة لافتة، تجلّى الدكتور السلفي د. "رصين بن صالح"، في مقالٍ نشره مؤخراً، كعلماني من الطراز الأول. يقول:

 - هذا الزمان اسمه زمان (حقوق الإنسان) ولن يُقبل فيه إلا مبادئ الدولة المدنية، والقوانين التي يصدرها البرلمان.


- أحكام الشريعة الإسلامية، أحكام (قديمة- منقرضة)، انتهت صلاحياتها بانتهاء ظروفها التاريخية، ولم تعد تصلح لهذا العصر. حتى لو وردت في القرآن.!


- الرق والسبي والجلد وقطع اليد وحد الردة وحد الرجم والجزية ودية المرأة.. أحكام انتهت بانتهاء زمانها والمعنيين بها، وطريقة ومنهج التفكير فيها.


- لا يقبل في "هذا العصر" عقوبة -حتى للزاني والسارق- سوى (السجن) وبعد محاكمة عادلة.. فحتى السعودية -التي كانت تطبق أحكام الشريعة (المزعومة) ألغت الجلد والقطع.


- لا يقبل في هذه العصر من جباية للأموال سوى (الضرائب). وبقانون يقره البرلمان، والخُمس من الأحكام الشرعية (المنقرضة).


- الإخوان والحوثيون يعيشون في العصور القديمة، ويريدون أن يحكموا الشعوب المعاصرة بفقه سياسي بائد منقرض!

..

الخلاصة: أن العصر الحديث عصر قائم على حقوق الإنسان والدساتير والقوانين البرلمانية، ومختلف جذرياً عن العصور القديمة التي كانت قائمة على "حقوق الله". والشريعة الدينية.


وخلاصة الخلاصة: أن الشريعة الإسلامية ليست صالحة لكل زمان ومكان. على عكس العبث الذي تقوله وتحاول تطبيقه الجماعات الأصولية والأنظمة الكهنوتية في كل زمان ومكان.!

..

بالمناسبة. د. "رصين بن صالح". ليس قيادة دينية أو فكرية أو اجتماعية.. مهمة، حتى يكون لأفكاره أهمية خاصة مستمدة من شعبيتها الواسعة، أو تأثيرها العميق.


كما أن هذه الأفكار التي طرحها ليست بنات أفكاره، وكغيره من المفكرين الدينيين ورجال الدين. تكمن الدهشة ليس في الأفكار التي قدمها، بل في كونه تقبلها وأجازها وعبر عنها بأسلوبه.


بطبيعة الحال هذه أفكار علمانية شائعة في الأوساط المدنية، وعادية في خطوطها العامة كبديهيات على مستوى العالم والثقافة العربية، والثقافة السياسية اليسارية في اليمن.


لكنها في الأوساط الدينية، كما هو معروف. ما تزال محرمة وخطرة للغاية، باعتبارها تنتمي إلى التابو والخطيئة والمحظور، وتمثل مساساً بالمقدسات والأمور المعلومة من الدين بالضرورة.


ومع ذلك فهي واردة وإن بشكل نادر في هذه الأوساط، ليس فقط لدى بعض المفكرين المتحررين، بل حتى لدى بعض رجال التيار السلفي. بما لا يتناسب مع مرجعيتهم الدينية المتزمتة.!


المفارقة فقط أن رجلاً سلفياً من اليمن عبَّر عنها بمثل هذه الجرأة والعمق والشمولية، ولتوضيح المفارقة يقول:

لست رجعياً فيما يتعلق بالدولة والنظام العام.. أما الحياة الشخصية والأخلاق فهذه ليس لها من مصدر سوى الدين.


يمكن تفهّم هذه النقطة، التي عبرت عنها أيضاً تيارات صحوية مزيجة من فكر الوهابية والإخوان، وتمثل قفزة تقدمية على كليهما، في مقابل تيارات من نفس المزيج شكلت الأرضية الفكرية لظاهرة الإرهاب.


بهذا المعنى. يمثل د. رصين شذوذاً إيجابياً عن حالة سلبية، ونموذجاً يمكن تعميمه بالتشجيع، على الأقل في مقابل قيام الجماعات الدينية بتشجيع التوجهات الدينية في الأوساط المدنية، واستقطاب الكوادر والقيادات اليسارية للعمل لصالح مشاريعها الكهنوتية المدمرة.