مصطفى النعمان

مصطفى النعمان

تابعنى على

يمنيون عالقون في الخارج ومحاصرون في الداخل

Monday 11 May 2020 الساعة 09:35 pm

في 20 مارس 2020 غردت (ليس مستبعدا ان يضرب فيروس كورونا بلادنا، واذا ما حدث فإن كارثة الحرب العبثية ستبدو تبعاتها ضئيلة! وقف الأعمال الحربية وكافة التحركات المصاحبة في كل اليمن واجب اخلاقي على كل إنسان الدعوة اليه فورا دون شروط ولا تردد.. أنقذوا اليمنيين من أنفسهم).

وفي 21 مارس غردت ثانية (أتفه ما يتداوله كثير من المدونين اليمنيين ومنهم من هو مدفوع الأجر، هو اللهث وراء اصطياد اخطاء طرف أو آخر في مواجهة كارثة كورونا.
المحزن أن لا أحد منهم يدعو إلى وقف الحرب ليتفرغ اليمنيون لإنقاذ انفسهم من الطرفين الآثمين).

كلنا يتابع ما يقوم به موظفو الشرعية عن بعد وعبر وسائل الاتصال الاجتماعي ومجموعات الواتساب الوزارية والرئاسية والبرلمانية والسفارات، وهو جهد أقل ما يوصف به أنه مضحك، ولكنه تعبير عن مدى تخليهم عن المسـؤوليتين الأخلاقية والوطنية، ولا يمكن لاي عاقل تبرير هذا التخاذل واللا مبالاة بأن سببه هو عدم تنفيذ (اتفاق الرياض)، لأن من غير الممكن انهم ممنوعون من العودة إلى مأرب أو حضرموت او المهرة، وكان ذلك بمقدورهم لو رغبوا.. او على الأقل ان يعود وزير الصحة لأنه افتراضيا مسؤول عن صحة المواطنين قدر اهتمامه بصحته واسرته وأصدقائه في الواتساب، والحديث عنه هو بالضرورة موجه لبقية الموظفين من زملائه الموظفين في مجموعة الواتساب الخاصة بمجلس الوزراء.

هذه الشرعية التي تستجدي الكون ليعيدها إلى عدن بعد طردها من صنعاء قبل ذلك، تدار عبر مجموعات واتساب منذ خمس سنوات، وطبقت حرفيا سياسة التباعد الاجتماعي عن الوطن والمواطنين مكتفية بالتسريبات وما يغرقنا به إعلاميوها مدفوعو الاجر للحديث عن منجزاتها النظرية، والمصفوفات والانفوغرافيك، واستغنت عن سماع المواطنين والتعرف عليهم بأن صارت تكتفي بالحديث معهم ومع أصدقائها في مجلس الوزراء عبر الوسائل الحديثة وشاشات الأجهزة الالكترونية.

منذ أسابيع واليمنيون في الداخل والخارج لا يعرفون من هي الجهة التي يمكن ان يلجأوا اليها بعد ان قرر قادة الحرب مواصلة القتال لتوسيع نطاق مساحات سيطرتهم، وليس كافيا تحميل مسؤولية فشلهم في إدارة البلد الى عدم تنفيذ (اتفاق الرياض)، ولكني أسأل ما علاقة هذا الاتفاق بعدم الاهتمام بالعالقين في الخارج والذين لم يعد معهم ما ينفقون ويرغبون فقط في العودة الى البلاد في اسرع وقت، ولا يليق ان يصدر موظف في الخارجية تصريحا ليبرئ نفسه من المسؤولية بأن السفارات ستقوم برعاية هؤلاء وهو يعلم ان اغلب السفارات ليس بمقدورها سداد فواتيرها الشهرية ومرتبات الموظفين المحليين ناهيك عن الدبلوماسيين.

أنا على يقين ان أحاديث مجموعات الواتساب الرسمية لا تتناول هذه القضايا ولا كيفية معالجة أوضاع العالقين في الخارج الذين حولتهم الحرب والسياسات الحكومية الفاشلة الى متسولين ومنبوذين في البلدان التي تورطوا بالوصول اليها، لكنها تركز على السؤال الأهم لدي أعضائها: هل وصل المرتب بالدولار؟

واعلم ان كثيرين سيقولون ان كل هذه المآلات هي بسبب الانقلاب الذي قام به الحوثيون في 21 سبتمبر 2014 ولا اختلف معهم في ذلك، ولكن هذا المنطق يضعف امام ما نشاهده في عدن التي خرجت منها مليشيات الحوثيين او في المناطق التي لم تدخلها مثل المهرة وحضرموت وسقطرى.

ان المشاهد التي تنقلها العدسات والتقارير عن أحوال اليمنيين في الخارج والداخل لا تمنح المرء فسحة ليعقد الامل في هذه الشرعية التي ادمنت الفساد والكسل والاسترخاء والابتعاد، ولم تعد ترغب بالعودة لانها اضعف من ان تواجه الواقع والناس ولن تتمكن من مواجهة غضبهم وحنقهم ورغبتهم في الخلاص منها، وهي –أي الشرعية– لم تعد ترى في البلد ما يغريها على زيارته ناهيك عن البقاء فيه.

* من صفحة الكاتب على الفيسبوك