ما يلفت الإهتمام في موضوع توكل كرمان وفيسبوك ونوبل والدعم الأمريكي والأوروبي لحركة الإخوان المسلمين ورموزها، هو التحول الجذري من جماعة قامت على فكرة العداء للغرب الصليبي الذي ظل يحارب الإسلام ويتآمر على دولة الخلافة العثمانية حتى أسقطها.. الى جماعة وحركة وتيار يستمد كل حضوره الآن وأوراق قوته من الغرب الصليبي ذاته الذي تربت القواعد الحركية في الجماعة على أنه عدو ولا يقدم للإسلام والمسلمين الا المؤامرات والدسائس..
المذهل في هذا التحول ان قواعد الجماعة وبكل سهولة ويسر، أصبحت ترى التبني الغربي محل فخر ومصدر قوة وتتباهى به.
منذ العام 2011 تغير كل شيء لكن الواقع يقول: ان الجماعة التي قامت على العداء للغرب الصليبي ومنظماته التنصيرية والاستخبارية والاستعمارية لم تحقق أي انجاز الا بدعم مباشر واحتضان معلن من الغرب ومن منظماته وبرلماناته واحلفائه العسكرية ودوائره الاستخبارية.
في ليبيا تدخل حلف الناتو الغربي الصليبي إلى جانب الثورة الإخوانية على حكم القذافي، ولولا ذلك التدخل الغربي لصالح الإخوان ما استطاعت الجماعة هزيمة النظام.
في مصر لم يكن الدعم الأمريكي والغربي للإخوان خافياً وبه وحده وصل الإخوان للرئاسة.
لم يحدث تدخل عسكري في مصر كما ليبيا لكن المساندة الإعلامية والسياسة والمخابراتية والدفع بشخصيات لها ارتباط مباشر ومعروف بالدوائر المخابراتية الغربية لاسناد مهمة إيصال الجماعة للحكم محمد البرادعي عمرو حمزاوي كمثال وأسماء أخرى كثيرة.
في اليمن احتشد الغرب مع الجهة التي وقفت فيها الجماعة اصدرت الهيئات الدولية القرارات بل واجتمع مجلس الأمن في صنعاء لدعم وصول الحركة لسدة الحكم.
منحت توكل كرمان جائزة نوبل للسلام مع انها جندت لمهمة ليس للسلام فيها أي علامة، وعبر المنفذ القطري - التركي تحولت الجماعة التي قامت على فكرة العداء للغرب الصليبي والكفاح من أجل التحرر من هيمنته.. الى أيقونة الغرب للحرية والديمقراطية والحداثة والليبرالية.!!
لكن ورغم تمكن الجماعة من التحول الأيديولوجي تجاه الغرب الذي جعلها تنظر للإحتضان الإمريكي والغربي أمراً ليس مشروعاً فقط وإنما مصدر فخر واعتزاز وورقة قوة تجاه الرافضين الوطنيين والمحليين للجماعة.
فشلت الجماعة في تحويل الغطاء والدعم الغربي والأمريكي في عهد أوباما وبعده إلى انتصار وطني محلي دائم.
بمجرد ان بدأت القوى الوطنية والمحليه في البلاد العربية بالتعرف على الحكم الجديد الذي جاء بالدعم الخارجي، انطلقت عجلة الخسارة على الأرض للمشروع الجديد القديم.
كل المكاسب التي حصلت عليها الجماعة بالدعم الخارجي فقدتها في مصر، في ليبيا وفي اليمن.
ليس فقط بسب تنامي الرفض المحلي للمشروع المدعوم خارجيا وإنما أيضاً بسبب فشل الأداة التي استخدمتها الدوائر الغربية.
البنية الأيديولوجية التي قامت عليها الجماعة الأداة تجاه مجتماعتها المحلية وقواها الموجودة على الأرض بنية تكفيرية تضليلية إقصائية عنيفة ضيقة الأفق اصطدمت بشكل مباشر مع القوى المجتمعية المتجذرة في البنيان الإجتماعي والسياسي للاوطان المستهدفة.
استطاعت الجماعة بانتهازية دينية سياسية من تغيير ادبياتها الأيديولوجية تجاه الغرب الصليبي واستجلبت دعمه الكبير، لكنها فشلت فشلاً ذريعاَ في إحداث أي تغيير حتى كاذب ومخادع تجاه المجتمعات المحلية ومافيها من قوى وتيارات أكبر وأهم من الجماعة.
تصالحت مع الخارج وعملت معه وله وتصادمت مع الداخل والأرض فسقطت في الواقع وظل الخارج يدعمها كجماعة منفية في الشتات والعالم الإفتراضي والمحافل الغربية.
هذه الجماعة الأداة لا يجب أن تتحدث الآن عن الوطنية.. عيب..
* من صفحة الكاتب على الفيسبوك