في الفضاء الاجتماعي لفايروس كورونا تلعب حكومة هادي لعبة سخيفة.. اتصل رئيس الحكومة بمحافظ تعز، ثم اتصل بمحافظ حضرموت وصرف توجيهات وإرشادات ووعوداً، بينما كورونا، وحمى الضنك، والتيفوئيد، والبيئة المجيفة، والمستشفيات المعطلة، والشوارع في عدن التي صارت محفرة ومكومة مثل وادي الغيل، تركها معين عبد الملك وحكومته ورئيسه لامتحان المجلس الانتقالي الجنوبي بغية فضحه أمام الناس كما يتوهمون.. هذه لعبة سياسية سخيفة، لعبة قذرة في موضوع يتعالى على أي لعبة.. إنها لعبة في غير ميدانها يا قوم.. أفي رؤوسكم عقول أم فرث؟
ومنذ ظهرت أول إصابة بفايروس كورونا في حضرموت وتلتها التسع في عدن وتعز بدا كبار المسئولين في حكومة هادي كأنهم هذه المرة خجولون من أنفسهم، محرجون من ظهور تلك الحالات في محافظات خاضعة لحكومة الرئيس هادي، وحنقون من عدم تسجيل أي حالة إصابة في المناطق الواقعة تحت سيطرة الجماعة الحوثية، فراحوا يدافعون عن أنفسهم وحكومتهم ورئيسهم دفاعا مخزيا.. هذا يقول: نحن ملتزمون بالكشف عن أي حالة إصابة، بينما الجماعة الحوثية تتكتم.. والثاني يصرخ: ميليشيا الجماعة الحوثية تخفي حالات الإصابة في صنعاء، ومنظمة الصحة العالمية ومكتب الشؤون الانسانية متواطئان معها.. والثالث يوجه نداء عاجلا إلى الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية أن تدخلوا سريعا بالضغط على الجماعة لكي تكشف الارقام الحقيقية للإصابات بالفايروس في مناطق سيطرتها.. والرابع يصرح لوسائل الإعلام: إنها تتكتم عن حجم الإصابات، إنها تمنع العاملين في المستشفيات من نشر الحقائق.. والخامس يعرب عن أمله في مكتب الشؤون الإنسانية ومنظمة الصحة العالمية القيام بمسئوليتهم لدفع الحوثيين إلى الكشف عن حالات الإصابة الموجودة لديهم!
حسنا، ما الذي سوف يفيد منه رجال حكومة هادي لو عجز الانتقالي أمام الجائحة؟ وما الذي سيكسبونه لو خرجت الجماعة الحوثية تقول: اكتشفنا في صنعاء عشرين حالة إصابة بفايروس كورونا؟ بل قد أعلن وزير صحة الحوثيين يوم الثلاثاء الأخير اكتشاف حالة إصابة وأن المصاب صومالي ومات!! وغدا قد يعلنون حالات أخرى كما هو متوقع.. وسنرى كيف سوف تستثمر الجماعة الإصابات لكي تحلب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى؟ وقد سبق أن استثمرت الكوليرا والتيفوئيد ونجحت، وواضح أنها بذلك الاستثمار اجتذبت وما تزال تجتذب الجزء الأكبر من المساعدات الدولية والأممية الصحية والإنسانية، بينما هادي وحكومته ينامون يرقدون لما يطرق عليهم مركز الملك سلمان.
قبل يومين أضيف من المكلا حالتان جديدتان إلى حالات الإصابة المسجلة أو المؤكدة بفايروس كورونا ويوم الثلاثاء الأخير حالتان في حضرموت وثمان في عدن ليصل إجمالي الاصابات في محافظات حكومة هادي إلى واحد وعشرين حالة، وهذه الحكومة تكيل مثل تلك التصريحات الغبية وآخرها على لسان وزير صحتها.. نقول غبية لأن المواطن لا يستطيع فهم تصريحات كهذه إلا بأنها ضرب من ضروب المكايدة السياسية، وفوق ذلك تعد مثل هذه التصريحات نقيصة إضافية في حق هادي ووزرائه، فهي تشير- وعلى المكشوف- إلى أنهم سوف يبتسمون لو رأوا وباء كورونا يصيب مواطنيهم في المحافظات الخاضعة للإدارة الحوثية، وحينها تستريح ضمائرهم، فليستريحوا إذن بعد ظهور الحالة في صنعاء، إذا كان المطلوب أن يقال: سوا سوا يا عباد الله متساوية!
يا حكومة هادي.. دعكم من الحرج وقلة الحياء أيضا، فلا يبيض وجوهكم ظهور كورونا في صنعاء، ولا يسود وجه الجماعة الحوثية لو ظهر في مران صعدة.. هذا الفايروس اجتاح العالم كله.. عدد المصابين يزيد على ثلاثة ملايين، وعدد الموتى يقترب من الثلاثمائة ألف، ومعظم هذه الأرقام سجلت في أغنى الدول وأكثرها تقدما علميا ورعاية صحية، وهي الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا.. لم يشعروا بخجل ولا حرج، ولا كايدوا بعضهم بعضا في جائحة طبيعية عمياء لا تستثني أحدا.. بل يتضامنون ويعملون بجد ودأب.. وحكومة هادي لم تفعل حتى الآن ما يجب عليها فعله، لا مع التيفوئيد والضنك والمكرفس الذي يفتك بسكان عدن منذ الفترة التي أعقبت الأمطار التي ما تزال مياهها راكدة في بعض الشوارع، ولا هي فعلت أي شيء مع فايروس كورونا، ولا اتخذت أي إجراء بحق المستشفيات والعيادات التي أقفلت أبوابها هربا من الواجب الإنساني.. كل ما في الأمر أنها قررت اعتماد 60 مليوناً لمركز الحجر الصحي في البريقة بعد خراب البصرة، ولم تصرف هذه الملايين بعد، كما أنها وضعت 500 مليون في البنك المركزي للمحافظات الجنوبية ستصرف وقت الحاجة، وكأن الواحدة والعشرين حالة كورونية، لا شيء ولا حاجة!