مروان العقيبي

مروان العقيبي

تابعنى على

اليمن.. إدارة الدولة بين الانهيار والدعم

منذ 39 دقيقة

تُرينا التجارب أنه حين تفشل الدولة وينفرط عقد النظام في اليمن، يصعب استعادته دون مساعدة خارجية.

في 1872 قام مشايخ القبائل بمراسلة القائد العثماني مختار باشا، طالبين منه القدوم إلى صنعاء لفرض الأمن وإنهاء الفوضى.

كان هناك زعيم عصابة نهب يدعى علي حسين الدفعي، وقد تمركز في "شعوب" مع عشرات المجرمين، وشنوا غارات على صنعاء وأرعبوا الأهالي.

وصل مختار باشا إلى صنعاء وسط ترحيب السكان والإمام نفسه، وقضى بسهولة على أسطورة "الدفعي" وبذلك دانت له العاصمة بالطاعة.

عندها أراد مختار باشا إقامة حكومة مدنية طلب من الإمام تسليم الدفاتر والسجلات الخاصة بإدارة الدولة وإيرادتها ومصادر الثروة فيها.

وتحت الضغط الشديد سلّم الإمام سجلات الدولة، واستمرت هذه الإدارة المدنية إلى أن تسلمها الإمام يحيى من العثمانيين بكل سلاسة.

ثم قامت ثورة 26 سبتمبر وتم إعدام جميع أعضاء الإدارة المدنية - تقريبا - والذين كانوا نحو 20 شخصًا يمثلون "نظام تشغيل بشري" للدولة.

وبمساعدة مصرية تغلب اليمن على المشكلة، وتمكن من إنشاء "إدارة مدنية بيروقراطية" تحت جناح الحكم العسكري، لكنها سرعان ما ضعفت بعد خروج المصريين.

وبعد المصالحة الجمهورية-الملكية بدأ عقد النظام ينفرط تدريجيا، وانتهى الحال إلى حرب أهلية عنيفة في المناطق الوسطى، ونجح صالح أخيرًا في استعادة النظام.

اعتمدت هذه الإدارة بشكل كبير على "نظام تشغيل بشري" للدولة، وهي معرفة تشغيلية وذاكرة مؤسساتية غير مسجلة كانت مخزنّة في رأس صالح.

تتضمن هذه المعرفة التشغيلية خارطة للولاءات والتحالفات والصراعات وشبكات العلاقات المعقدة الضرورية لإدارة التوازنات بلد ذي طابع قبلي محافظ.

في ديسمبر 2017 أراد الحوثيون القضاء على "نظام التشغيل البشري" هذا لمنع أي محاولة لاستعادة الإدارة المدنية ولو مؤقتًا وبشكل انتقالي.

وقد كان لهم ما أرادوا، ولكن ليس دون ثمن. لدينا الآن رصيد هام من التجارب للمحاولة مجددًا.

#تأملات

من صفحة الكاتب على الفيسبوك