سمية الفقيه

سمية الفقيه

تابعنى على

في عيد المعلم .. تُذبح الكرامة على سبورة الوطن

منذ ساعتان و 13 دقيقة

ككل عام، تُرحَّلُ مآسينا من عام إلى آخر.. ككل عام يأتي عيد المعلم وهو يبحث عن فتات الراتب ولا يجده. العام الماضي والذي قبله والذي قبله ومنذ سنين طويلة لا يأتي عيده إلا وراتبه مقطوع يبحث عنه في شوارع الحرمان ومدن تحتفي بجوعاها وأنينهم الذي لا ينتهي.

وهذا العام ككل عام، يأتي عيدهم وراتبهم مقطوع منذ ثلاثة أشهر. يأتي عيدهم لا ليحتفى بصانعي الوعي، بل ليوقظ فيهم جرحًا لم يندمل، جرحًا اسمه "الراتب المقطوع"، وكرامة تُساق إلى المذبح باسم الصبر والوطن.

يأتي العيد وهو يطوي الأيام في انتظارٍ مهين، يقتات على الديون والوعود، فيما تُقام الاحتفالات  باسم "التكريم"، وتُرفع الشعارات الخشبية في وجه الجوعى، الذين باتوا يعرفون أن التصفيق لا يُطعم أطفالهم، وأن الكلمات لا تُسدد الإيجار.

أيّ احتفالٍ هذا؟، وأي عيدٍ يُقام على صراخ الأمعاء وقهر الرجال؟

كيف تهنئون من قضى عمره يُشعل الطباشير ليضيء عقولكم، ثم تركتموه يحترق في العتمة؟

كيف تحتفلون بمن علّمكم الحروف الأولى للكرامة، ثم سحقتم كرامته تحت أقدام التجاهل؟.

منذ سنوات الحرب والمعلم اليمني يستقبل عيده بجيوب فارغة وقلوبٍ ممتلئة بالقهر، يُعلّم أبناء الآخرين بينما أطفاله يُطالعون الجوع من خلف الزجاج. هو الذي كتب على السبورة أن الوطن غالٍ، فكتب عليه الوطن، "لا راتب لك".

المهانة والإذلال والقهر الذي يلقاه المعلم والكرامة الملقاة تحت أقدام المسؤولين، عار عظيم على جبين كل متواطئ وصامت على معاناته وتجويعه  وحرمانه من راتبه لعدة شهور.  

عار أن تعلقوا اليافطات، وتتحدثوا عن الرسالة السامية وأنتم تمارسون أبشع إهانة بحق أصحابها..أوقفوا هذه المسرحية القبيحة التي تُسمّى "عيد المعلم"، ما دام المعلم فيها ضحيةً لا مُحتفًى به. اعطوه راتبه ولا يحتاج منكم ابتسامات صفراء وتصفيق كأنه خنجر مسموم. فراتبه حق مشروع وليس صدقةً ولا إحسانًا منكم.

هذا الذي تسمونه عيدًا ليس إلا مأتمًا آخر تُزفّ فيه كرامة المعلم إلى قبر جديد من الخذلان.