أحمد نويهي

أحمد نويهي

تابعنى على

عن ثلاثية النضالات المدنية

منذ ساعتان و 26 دقيقة

سجلت ريمة، منذ وقتٍ مبكر، انحيازها لثورة الشعب التي جاءت صباح 26 سبتمبر المجيد.

وعاشت حقول ريمة تصدّر البن والقمح والحنطة والشعير إلى سوق الطعام الشهير في بلاد الطعام زمن القحط، والجدب، والمجاعة، والجفاف، والخُمس.

(كل ما سبق بين القوسين نتاج تراكم ما يربو على ألف سنة من استبداد الجملة الدنيئة لبروتوكولات حميد الدين، الغاصب لأرض حمير).

عاشت في القمم الشاهقة، ترفل كما لو شماريخ تناطح الغيوم، بل تسامقها. وهكذا، جُبل الريمي على الاعتراك مع الطبيعة القاسية واللدِنة أحيانًا، ليتشكّل هذا الأصل القادم من عميق المغارس التي أصلها ثابت وفرعها في السماء.

تعرّفتُ باكرًا على ثلاثية لا زالت تدهشني، وتفيض إليها أسارير روحي شوقًا للوقوف على أطلالها والدمن، ليُقرأ تعاويذ الزمن الذي تمخضت عنه هذه اليمن:

ريمة – وصابين – عتمة

المناطق الوسطى، خاصرة الجغرافيا، وحاضرة التاريخ.

وهنا ينتصب المجد ليطالع اليمن من علوٍ شاهق، من السمو الذي تركت آثاره مرويات وأساطير تستحق الكثير من سطور الرواية، التي نحكيها بلا ملل، عن إنسان هذه الثلاثية التي تتفولذ في واقع يبدو اليوم هشًّا، وليس له أساس، بسبب تلاطمات الحرب التي تشنها مليشيا الحوثي، المسنودة فارسياً، نكاية بالعرب الذين حطموا إيوان كسرى، وأزالوا يومًا عروش الدويلات الصفوية والسلجوقية.

خاض الإنسان، الذي وُلد في الرقعة الجغرافية من بلاد السعيدة جنوب الجزيرة العربية، كفاحاتٍ ونضالاتٍ مريرة مع القاضي القادم من المشرق، وكاتب بيت المال القادم من السيّاني، والشاوش القادم من أنس، والعكفة القادم من حاشد، والقيد القادم من جحانة، والرسّام القادم من شهارة، والقاقوق القادم من إريان، والفقيه القادم من معلامة سيدي يحيى الأبهر.

خاضت ريمة، ووصابين، ونواحيها العتيّة والفتية، في عتمة وبُرع، بطولاتٍ لم تزل في طيّ النسيان، لكأنّما خُلقت هذه الثلاثية لتصبح ذلك "الجندي المجهول".