فرض موقف شخصي عليَّ أن أبحث عن رقم تليفون “الشيخ غزوان المخلافي”، وصلت للرقم بواسطة صديق بالصدفة كان قريبًا منه، ويجالسه.
حدد لي الوقت المناسب “عصر ذلك اليوم”..
اتصلت بالواسطة، فأوصلني بـ”الشيخ”، عندما أكرر وصفه بالشيخ، فأنا أقصد ذلك، إذ ما الذي ينقصه عن الآخرين حتى لا أقتنع به شيخًا، هم جاؤوا نتيجة غياب الدولة، وصاروا هم الدولة بكل تفاصيلها، ولذلك رأينا دولة في الحصبة، وأخرى في الجراف، وأخرى في السبعين.
ولن ننسى ما قاله المرحوم الرئيس علي عبدالله صالح: “الذين يأتوا إلى السبعين، هم أنفسهم يذهبون إلى الفرقة وإلى الحصبة”!
فارق وحيد أن الحصبة لم تكن تدفع، بل تستلم!
وعودة إلى مذكرات القاضي الإرياني، ستجد أنه ناشد عبدالحكيم عامر ليفتحوا الباب للمشايخ للانضمام إلى الحكومة، فإذا مصلحة شؤون القبائل تؤسس، ويصدر بها قرار، وتتحول إلى غول يلتهم المال الرسمي طوال سنين!
هنا أتذكر ذلك المهني الإنسان حسين جبارة، رئيس تحرير صحيفة “الثورة”، أيامها، كنت معه في السيارة العتيدة الزرقاء التي تعاقب عليها رؤساء تحرير “الثورة”، متتابعين حتى سقطت فاقدة الوعي!
كان مقر المصلحة يومها في شارع القيادة، وبالتحديد بجانب فندق “سام”، قلت: أي غرض جئت من أجله إلى مصلحة شؤون القبائل؟
ابتسم:
أستلم راتبي و10 مرافقين.
همّ بالطلوع، لكنه عاد:
أنت من المشايخ، تعال أسجلك و10 مرافقين. اعتذرت معلقًا:
والدي لم يسجل اسمه يومًا في المصلحة، ورفض مرارًا عرض أن يُضم اسمه إلى كشف اللجنة الخاصة.
غزوان المخلافي لم يأتِ من السماء، هو نتاج كل العبث من بعد ثورة 26 سبتمبر الخالدة، مشايخ استولوا على الضرع وحليبه!
وتحولوا إلى أئمة من طراز جديد! وتبين أنهم دعموا ثورة سبتمبر 62 ليكونوا أئمة بدلاء للإمام أحمد الذي لو قارنت ما كان يملكه من مال وعقارات، فلن يصل إلى نصف ما كسبه الشيخ الكبير من الثورة، واستفاد منها!
غزوان المخلافي يعبر عن هذا الواقع، ولا تستغربوا أن تسمعوا في لحظة من ليل قادم، أن قرارًا جمهوريًا صدر بتعيينه محافظًا إما لتعز في دولة المدينة، أو محافظًا لتعز الأخرى في دولة الحوبان!
ما هو الغريب في الأمر؟
وما هو الغريب في أن يظهر على شاشة أية قناة؟
قالوا ساخرين:
لا يعرف يتكلم، وهل كان الآخرون يجيدون فن الخطابة والحديث، ويُفحِمون الشعراء عندما يتحدثون؟!
ألم يظلوا يُتأتئون طوال الوقت؟!
وهل الآخرون الذين حكموا، والذين يحكمون، جاؤوا من جامعة أكسفورد؟
د. رشاد العليمي هو الاستثناء، ولذلك يُنظر إليه شزرًا!
ولأن غزوان من تعز فقط، كان لا بد من السخرية من قبل أهل مَنزَل وأهل مطلع؟!
*نقلا عن موقع "النداء"