محمد عبدالرحمن
ما الهدف الذي يسعى إليه الحوثي من وراء إعلانه قصف إسرائيل؟
بعد ما يقارب الشهر من الحرب الإسرائيلية على غزة وسقوط آلاف الضحايا المدنيين، وارتفاع أصوات المجتمعات العربية للبحث عن دور مخور إيران أو ما يسمى محور المقاومة، لإغاثة الفلسطينيين، رأت طهران أن الخيار الأنسب لإلجام تلك الأصوات هو الإيعاز لأذرعها في اليمن (الحوثي) الإعلان عن المشاركة بقصف إسرائيل برشقات من الصواريخ والطائرات المسيرة، لأن ليس من السهل أن تشارك إيران بشكل مباشر وتعلن عن ذلك، لما لذلك من تبعات انعكاسية عليها.
حزب الله منصرف إلى المناوشة في الحدود الجنوبية للبنان، وليس أمام إيران إلا الحوثي ليمتص غضب الرأي العام الموجه نحو محورها، وعلى الرغم من أن قرار المشاركة ليس بيد الحوثي، إلا أن ذلك يحقق له العديد من الأهداف على المستوى الداخلي في مناطق سيطرته، وآخر في محاولة كسب هوية معنوية أمام الرأي العام كمناصر ومدافع عن القضية الفلسطينية.
الهدف الأول: جاءت الحرب على غزة لتنقذ الحوثي من أزماته الداخلية وتصاعد السخط والتذمر الشعبي في مناطق سيطرته تجاه سلطته، حيث أن حالة السخط تلك وصلت مرحلة كبيرة كادت أن تخرج عن الأوضاع عن سيطرته، رغم محاولات الحوثي في معالجة الأزمات بالإعلان عن تغييرات جذرية ومنها إقالة الحكومة، إلا أن ذلك لم يشفع له، بل إن إقالة حكومة بن حبتور هو هروب آخر من أزمة نشبت بين قيادات الحوثي التي كانت التغييرات الجذرية تستهدفها.
جاءت الحرب على غزة لتصرف الرأي العام اليمني وتفاعله باتجاه المشاهد المأساوية التي تأتي من غزة، وأسهم الحوثي في ذلك بشكل كبير من خلال الدعوات المتكررة للتظاهر والاحتشاد تحت مسمى نصرة الأقصى، بل إنه ذهب إلى أبعد من ذلك وهو الإعلان عن قصف إسرائيل، ليصبح الحديث عن المرتبات وعن الأوضاع المأساوية في مناطق سيطرته نوعاً من الخيانة والمؤامرة، وبهذا يلجم أفواه الناس والناشطين.
الهدف الثاني: أن الحوثي يسعى إلى تثبيت وجوده في محور إيران كطرف قوي لديه القدرة والإمكانيات، وليصبح قوة فاعلة في المنطقة، لكن الهدف هنا ليس للحوثي، بل لإيران التي تحركه حسب مسارات مصلحتها وتحركاتها السياسية في المنطقة منطلقة من مصالحها، فمشاركة الحوثي بدلاً من إيران سوف يعفي طهران من أي ردة فعل عليها، وسوف تتحمل اليمن تبعات ذلك، فإيران نفذت ما تقوله بشأن الدفاع عن فلسطين من خلال الحوثي، ولكنها لن تكتوي بردة الفعل، وهذا ما تحاول تحقيقه في هذه الظروف.