م. مسعود أحمد زين
قراءة لمستجدات الموقف الأمريكي في المنطقة
تصعيد إيراني - أمريكي محسوب في مضيق هرمز وباب المندب والبحر الأحمر واليمن والبحرين وسوريا، وذلك لتغطية تقارب حقيقي مبطن بين إيران وأمريكا استلمت بموجبه إيران 6 مليارات دولار من أموالها المحجوزة في كوريا الجنوبية قيمة شحنات نفط سابقة، مقابل إفراج إيران عن 5 سجناء يحملون الجنسية الأمريكية.
إدارة بايدن بدأت من الآن الخطة (ب) استعداداً للانتخابات الرئاسية 2024 بعد أن وصلت إلى قناعة لصعوبة تحقيق انتصار كبير على روسيا بواسطة الهجوم الأوكراني المضاد الذي بدأ منذ أكثر من شهرين ولم يحقق أي تقدم.
انتصارات السياسة الخارجية (مثل تحقيق نجاح أمني كبير على تنظيم القاعدة أو داعش) هو إحدى الأوراق الانتخابية التي تسعى أي إدارة أمريكية لتوقيت تنفيذها عشية أي انتخابات رئاسية لتقدم للناخب الأمريكي كأحد نجاحات الإدارة في تعزيز الدور القيادي الأمريكي للعالم.
في هذه الانتخابات الأمريكية القادمة لا يوجد في الحصيلة الخارجية للإدارة أي نجاحات كبيرة فعملية اصطياد الدب الروسي لم تنجح منذ نصب الشراك له في 2022 باوكرانيا ولا من خلال الهجوم الغربي المضاد بجنود اوكرانيين في 2023.
وبدلا من عزل روسيا وجدت أمريكا نفسها هي التي أصابها بعض أعراض العزلة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وذهاب إيران والسعودية (ومعها دول الخليج كتتابع منطقي) ومصر والجزائر وتركيا للنشاط في فضاء الفلك الصيني وتكتل منظمة "بريكس".
لذلك اضطر (الانجلوساكسون) لتفعيل الخطة (ب) بعد تعثر الخطة (أ) أعلاه، وذلك من خلال الآتي:
- سعي دبلوماسي بريطاني حثيث لإقناع جنوب إفريقيا ببذل محاولات اضافية مع روسيا لاقناعها بتخفيف جهدها العسكري في أوكرانيا والدخول في مفاوضات سياسية.
لذلك جاءت المبادرة الإفريقية للسلام والهدف منها في تخطيط بريطانيا هو شبيه لنفس الجهد البريطاني الفرنسي الألماني في 2014 واتفاق مينسك بين روسيا واوكرانيا والذي اعترفت القيادة الفرنسية والالمانية لاحقا انه اتفاق ليس بهدف السلام النهائي ولكن فقط لإعطاء أوكرانيا فترة زمنية ترتب فيها قوتها العسكرية استعدادا لحسم الامر لصالحها عسكريا لاحقا في شرق أوكرانيا.
- محاولة أمريكا لاعادة التواصل مع الصين وعلى مستوى رفيع بعد تصعيد سياسي سابق وانقطاع تواصل، حيث زار أربعة قادة امريكيون كبار بكين خلال فترة متقاربة جدا (وزير الخارجية ثم وزيرة الخزانة الامريكية، ثم مهندس السياسة الامريكية (كيسنجر)، وقبلهم وزير الخارجية الأسبق مسؤول ملف المناخ جون كيري.
واعلان وزير الخارجية الأمريكي الاستعداد التام لعودة حوار الأمن الاستراتيجي العالمي مع روسيا لمجرد فقط ان تعلن روسيا نيتها للعودة لذلك.
- هذا الغزل الأمريكي للتنين الصيني جاء بعد فشل عملية اصطياد الدب الروسي ثم لاحقا الاستفراد به دون أن يكون له سند من روسيا وكوريا الشمالية وايران في اي اصطفاف عالمي جديد.
لذلك وجب على أمريكا ترحيل اللعبة الى وقت آخر حتى لا يعطل غبار فشلها أجواء الانتخابات الرئاسية 2024.
- بدلا من خروج ورقتي ايران والسعودية من يدها، تسعى أمريكا الى إعادة استخدام سياسة الاحتواء المزدوج لهما مثلما فعلته لسنوات من قبل مع إيران وصدام العراق ولكن هذه المرة باستخدام الجزرة بدلا عن العصا.
وعليه تسعى للتقارب مرة أخرى مع إيران بواسطة عمانية وقطرية وافرجت عن بعض أموالها كبداية حسن نية مع اطلاق دخان كثيف لتغطية ذلك من خلال مظاهر التوتر المتزامن الآن ضد النشاط الأمريكي يقوم به حلفاء ايران بالمنطقة.
وعلى الطرف المقابل تسعى أمريكا لعودة جزء من حميمية العلاقة مع السعودية بزيارة قام بها مستشار الأمن القومي الى السعودية قبل اسابيع مدح فيها الدور السعودي القيادي للهدنة واحلال السلام في ملف الحرب باليمن واعطي للسعودية شرف تنظيم اللقاء الدولي الثاني لبحث سبل قيام مبادرة للسلام ووقف الحرب في أوكرانيا والذي حضره ممثلون كبار من 30 دولة مؤثرة في العالم، وهو امتداد لمؤتمر سابق في أوروبا عقد قبل 3 اشهر.
هذه بعض الشواهد للتوجه الأمريكي البريطاني الأخير في فضاء الدبلوماسية الدولية بهدف انجاز اختراق سياسي مفيد لهم وداعم لمواقف الادارة الامريكية داخليا وخارجيا.
أخيراً:
نحن بالجنوب لسنا خارج خارطة هذا النشاط، والتعزية الأمريكية باستشهاد احد قادة القوات الجنوبية (عبداللطيف السيد) ضد الجماعات الإرهابية هي المرة الأمريكية الأولى التي تخص بها القوات الجنوبية بثناء رسمي واضح، ويمكن أن يكون مفتاحا لتطوير موقف سياسي أمريكي بريطاني أفضل من القوات الجنوبية والقضية الجنوبية إذا تم التقاط هذا الخيط ونسج فرصة سياسية مكتملة منه لفائدة القضية الجنوبية.
* من صفحة الكاتب على الفيسبوك