عرفات العامري

عرفات العامري

تابعنى على

اليمن.. "مسرح حرب بلا أسرار"

Tuesday 22 February 2022 الساعة 07:29 am

دفع اليمن طيلة سبع سنوات من الحرب ثمناً باهظاً ولا زال حتى اللحظة.

 كل هذا بسبب رصد أجهزة العدو الحوثي "العلني" لنشطائنا وإعلامنا.

نحن في اليمن للأسف الشديد، نعيش في عشوائية وشتات، نمارس حياتنا ونقود معركتنا الحربية المقدسة بعيداً عن القوانين الأمنية والعسكرية بل وحتي الآدمية!

كل ما نملكه في اليمن مجرد فوضى، "مجتمع عفى عنه الزمن" وإعلام منفلت لا مرتب ولا منضبط ولا محترف.

إعلام لا يفرق بين حرية الإعلام والسبق الإعلامي والصمت والتكتم والأسرار الأمنية والعسكرية!!

نشاهد الناشط والمراسل في المعسكر والجبهة يتكلم عن الموقع والمكان وأسلوب واستراتيجية المعركة والخطة ويلتقي بأفراد الجيش ويتعرفون لبعض ويتبادلون المعلومات عن انتمائهم ووحداتهم وخطط الهجوم ويأخذون صورا لبعضهم، ويذهب الإعلام إلى نشر وتوزيع أنواع الأسلحة وعدد العربات وحجم السلاح والتقدم!

إضافة إلى ذلك هناك أيضا انفلات كبير في تصريحات وتغريدات الساسة وطاقم الحكومة والنواب والمقربين من الدوائر. 

الجميع تحول إلى مهرج!.. الجميع يتكلم عن تفاصيل عسكرية أمنية دقيقة وخطط عمليات وتوجيهات وبرامج أمنية وعسكرية وحتى التسليح ومسرح وميزانية المعركة أحياناً.!

تخوض معظم الدول حروبا كونية ولديها ناطق عسكري واحد والجميع يصمت. 

وفي اليمن عشرات المتحدثين، بل مئات يتحدثون بلا مسؤولية، غير آبهين إلى أن مراكز الرصد العلني المحترف في أجهزة العدو الحوثي تعمل على مبدأ "لا تغادر صغيرة أو كبيرة"! تنظر لكل شيء وترصد كل شيء!!.

وللأسف. نستطيع القول، إنه لا توجد أسرار في أجهزتنا الأمنية والاستخبارية.

نشاهد القرار الرئاسي والوزاري والإداري والرسائل والخطط والتنقلات وأوامر التحرك والتوجيهات كلها على التواصل الاجتماعي بعد دقائق من صدورها.

 الجميع ينشر وجميع موظفي أجهزة الدولة يؤكدون ويناقشون على التواصل!

نحن في اليمن أشبه بمشروع ويكليكس على مدار 24 ساعة.

 حتى رئيس الوزراء والحكومة لم يفلت من الفوضى والانفلات الأمني، فـبمجرد تحركه من الرياض أصبح حديث الشبكة رحلته، وبمجرد دخوله مطار عدن شاهد الجميع تلك الصواريخ التي سقطت على صالة المطار ومثلها في سيئون والعند والأمس في العلم!!

لا تحتاج مليشيا الحوثي للجهد، لا تحتاج لأن تدفع أموالا للحصول على المعلومات عن أجهزتنا ومنظومتنا الأمنية والعسكرية.

فكل ما تحتاجه هو مجموعة "رصد" على شبكات التواصل ووسائل الإعلام المسموعة والمرئية وسوف تعرف كل تحركاتنا وعددنا ووجهتنا وسلاحنا، فنحن باختصار، لا نمتلك ثقافة حفظ السر!!

لكم أن تلاحظوا حينما يظهر مسؤول أمني أو سياسي أو إعلامي أمام الكاميرا، يظهر وينثر كل شيء، يتحدث عن التعزيزات والحركة وحجم القوة والخطط والاستعدادات والأسلحة والتوجه وغيرها!!!

وهناك من القادة من يوجه رسائل إلى القائد الفلاني أو التحالف وينشرها في وسائل التواصل يطالب فيها التخصص بصرف الرواتب والبعض يتحدث عن قوات تمارس تدريبات أو تحركت بالخط الفلاني للجبهة الفلانية أو دخلت المعسكر الفلاني، وما هي إلا ساعات، حتى يطلق الحوثي صواريخه ويصبح الجميع بين شهيد وجريح!

كل هذه الأخطاء والعشوائيات والفوضى الأمنية مستمرة حتى اللحظة رغم الكوارث التي حدثت ولا زالت.

 وكل هذا بسبب عدم وجود مؤسسة تتولى حفظ وصيانة السر (العسكري) ولا وجود حتى لشعب يعنى بها.. فاليمن باختصار: "مسرح حرب بلا أسرار".