محمد عبدالرحمن

محمد عبدالرحمن

الحوثي والحرب من أجل "الولاية"

Tuesday 08 February 2022 الساعة 08:00 am

يستمر "الحوثي" في رسم مشروعه الطائفي من أجل تثبيت دعائم حكمه واستيلائه على السلطة والثروة بالقوة القاهرة، ويستمر في إعادة التركيب الفكري للعقلية اليمنية الشمالية البسيطة التي ترتعد فرائصها من كل شيء يأتي باسم الدين والعقيدة، ولكن في المقابل هناك رفض وكبرياء لتلك التركيبة التي يسعى العميل الإيراني إلى تثبيتها من أجل أن يستمر في السلطة ونهب الثروة.

من يعتقد أن الحوار مع الحوثي تحت سقف الجمهورية وصندوق الانتخابات للوصول إلى السلطة، هو واهم وغير مدرك للحقيقة الجوهرية التي يعمل الحوثي للوصول إليها، هو لا يدرك القاعدة الثابتة للحوثي التي ينطلق منها لقتال اليمنيين ووأد شأفتهم وإركاعهم وتمزيق مدنهم وقراهم وبلادهم التي كانت جغرافية واحدة قبل مجيئه على متن دبابة وعمامة إيرانية.

الحوثي لا يمكن له أن يخوض حوارا من أجل أن يحتكم لصندوق الانتخابات، هو يرى ذاته أقدس من أن يختاره الناس بأيديهم وأصواتهم ليحكمهم، هو ينظر من العلياء نحو الأرض، يحمل بعض الاعتقاد السماوي بالارتباط المباشر بين وجوده في السلطة وبين اختيار الإله له كاصطفاء لا يناله الكثير.

يعود الحوثي كل مرة وبشتى الوسائل ليرسم صورة سوداوية عن الوصول إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع، ويعمل أتباعه "المتنورون"، حسب الاعتقاد الحوثي، على صياغة توليفة من نماذج دول مختلفة تنتهج مسار صناديق الاقتراع وتعاني من الأزمات، ويتناسى هؤلاء الطلائيون بذكاء، دولاً أخرى تعيش في نعيم واستقرار والديمقراطية أساس نظامها وحكمها واستقرارها.

لا يمتلك الحوثي سبيلاً لاستمرار سلطته سوى استخدام البندقية وبجانبها فكرة الولاية، من يرفض يستحق السحق ولعنة السماء، ومن يقبل بها سيعيش أبد الدهر خانعا كالعبيد وإن ظن أنه يعيش حياة الأحرار كما يصورها الحوثي وأتباعه.

فكرة الولاية لدى الحوثي تعني الجهل والتخلف، تعني العبودية والحروب، تعني التمزق والتشرذم، تعني الذل والهوان والعيش في الخوف والجوع والسجون.

 فكرة الولاية هي منبع كل الشر، وأصل كل الخراب والدمار، من يؤمن بها هلك، ومن يقاومها فقد صنع له طريقاً يمشي فيه كل الأحرار عبر كل الأجيال.

لا يمكن التعايش مع فكرة الولاية في القرن الواحد والعشرين بسلام، ولا يمكن لها أن تصنع مجتمعاً متحضراً، لأن الأصل فيها هو التجهيل وخلخلة البلدان وتمييع مجتمعاتها وتركها تعاني التخلف والجوع والفقر والحروب.

لا تصدقوا حديث الحوثي عن السيادة والاستقلال، لا يمكن أن تجتمع فكرة السيادة مع فكرة الولاية، ولا يمكن أن تحقق الولاية أي استقلال، هو فقط حديث للاستهلاك الإعلامي يسعى الحوثي إلى ربط حروبه بشعارات واهية لعله يستغفل من يمكن له أن يصدق حديثه ليذهب للقتال معه، وفي نهاية المطاف سيجد هذا الشخص نفسه أسير المعركة، إما أن يُقتل أو تذروه رياح المعارك فلا يستطيع أن يمسك نفسه، بينما الحوثي متربعاً عرش السلطة.