محمد عبدالرحمن

محمد عبدالرحمن

هل تظنون أن مع "الحوثي" سيتحقق السلام..؟

Monday 13 December 2021 الساعة 08:40 am

هل تدور في مخيلتكم أسئلة تشابه في مضامينها عن سلام واستقرار سياسي واجتماعي لبلادنا في ظل بقاء قوة الحوثي التي هو عليها الآن يطوف في قرانا ومدننا يجرها نحو الهلاك والخراب عنوة، ويمزق بها أواصر الترابط الاجتماعي الذي بُني خلال فترة ظهور الدولة الحديثة في اليمن، ويستخدم هذه القوة لبناء نظام طائفي وطبقي يتوافق مع فكره وعقيدته التي أدخل عليها تشيعاً دخيلاً على معتقداتنا وعادتنا..؟ 

هل تظنون أن الحوثي وأنتم تمدون له يد السلام –كما تفعلون الآن- سوف يمد لكم يده بيضاء غير ملوثة بالدم والخيانة والمكر، أن يقبل أن نكون مجتمعاً واحداً متنوعاً معتزاً بالهوية اليمنية الغنية بالتنوع والاختلاف وثرية بالتاريخ والأصالة، وأن يتوقف عن استيراد الثقافة الولائية المطلقة لعمائم إيران وسياسة إيران وقادة إيران، وأن لا نبكي قتلى إيران على أنهم امتداد لهويتنا أو حماة لعقيدتنا، أو منقذينا من نار تصطلينا دنيا وآخرة، وأن يعترف باليمننة لكل ما هو يمني تاريخا وأرضا وحضارة وإنسانا..؟

هل تعتقدون أن الحوثي سوف يترك "الولاية" فكرة وممارسة، ويقبل بحكم الشعب في اختيار من يريد أن يحكمه عبر انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، وأن يمارس الديمقراطية بكل أدبياتها ووسائلها ومجالاتها، وأن يتحول إلى مكون سياسي أو اجتماعي أو حتى ديني يمني خالص "اليمننة"، وأن تتحول برامجه وأهدافه كلها لخدمة اليمن، وأن يترك الخدمة والتبعية للحرس الثوري الإيراني، وأن يكون جندياً من أجل اليمن لا من أجل إيران ومشروعها الطائفي التدميري..؟

هل تتوقعون أن الحوثي سوف يترك سلاحه الذي يدك بها القرى والمدن، ويعمّق سلطته ونفوذه في الشمال من خلال هذا السلاح، وأن يؤمن بوجود جيش وطني واحد لليمن وحده يحتكر استخدام السلاح المشروع، وأن يسلّم لإرادة الشعب التي ترفض استخدام القوة من أجل السيطرة على السلطة والثروة..؟

هل تدركون أن حقيقة السلام مع الحوثي لا تكمن في عبارات تُطلق هنا أو هناك، بعيداً عن الأسلوب الذي يستخدمه وهو أسلوب البندقية ومنطق القوة، فهو يريد سلاما حسب المشيئة الإيرانية التي ترغب أن يكون المسيطر والمهيمن، هو يريد سلاما حسب تعريفه للسلام، لا سلاما شاملا لكل اليمنيين ينهي حربا أنهكت الناس، هو لا يريد سلاما ولا تزال بعض المناطق خارج سيطرته، هو لا يريد سلاما ولا تزال مأرب وشبوة وعدن والمخا ليست تحت سيطرته، هو يريد سلاما وقد أصبح هو كل شيء، هل تدركون حقيقة هذا السلام الذي يؤمن به الحوثي حسب تعريفه للسلام..؟

هل تشعرون بخطورة الترهل الذي أصاب المعركة وترك زمامها للحوثي، يسيّرها حسب خططه وأهدافه، ويتحكم بها صعوداً وهبوطاً، ويستخدمها لتفكيك الجبهة الوطنية المقاومة لمشروعه الإيراني التدميري لبلادنا والمنطقة بأسرها، خطير هو ذلك التعب الذي يأتي في منتصف المعركة ويتوقف عن استكمال المهمة الوطنية، خطير أن تبقى المعركة بهذا الحال من التشظي والترهل، خطير هو الفساد الذي يُمارس بحق المعركة الوطنية، خطير هو الابتعاد عن تحرير صنعاء، خطير هو أن النداء للسلام ولا يزال الحوثي هو من يتحكم بزمام المعركة، هل تشعرون بخطورة كل ذلك على مستقبل اليمن أرضاً وإنساناً، على الدولة والجمهورية والكيان الاجتماعي لليمنيين..؟

هل تعرفون أن الحوثي لديه مشروعه الثقافي الخطير الذي منحته ترهل الحرب فرصة لأن يتغلغل في البيئة الشمالية وبالذات في أوساط المراهقين المندفعين بحماسة الدعاية الإعلامية التي يستخدمها والمؤثرات العاطفية التي ينتهجها في تلك الدعاية المستوحاة من النموذج اللبناني والإيراني، هذا المشروع لن يواجهه إلا مشروع وطني قوي شامل وجامع لكل اليمنيين، وبدون السلاح والمعركة الوطنية لن يتحقق لهذا المشروع الوطني النجاح، لا بد من كسر الحوثي ومرمغة غروره وعمالته في التراب، هل تملكون مشروعاً وطنياً حقيقياً أم انكم فقط تمارسون الخطابة الإعلامية عن الوطنية من فنادق الخارج بعيداً عن ما يتجرعه الناس من ويلات الحوثي وفساد وحقد الشرعية وقياداتها التي أصابها العجز ولبسها الفشل والهزائم..؟

وحده السلاح ووحدها المعارك ووحدها دماء الشهداء وبسالة المقاتلين هي من تفرض السلام وبالقوة، وحدها تلك العوامل من تجبر الحوثي على الرضوخ لإرادة اليمنيين وقطع حبال الوصال بينه وبين عمائم إيران، لا سلام مع الحوثي بدون معركة حقيقية ومشروع حقيقي، لا سلام مع الحوثي بدون الجنوب وآمال الجنوبيين.