عقب صرف حافز متدنٍ.. معلمو حضرموت يواصلون شل العملية التعليمية
السياسية - Tuesday 23 April 2024 الساعة 07:37 pmيقف المعلم "هاني"، وهو معلم متعاقد من أبناء المكلا بمحافظة حضرموت، أمام بوابة شركة صرافة "العمقي"، وهو ينظر إلى الحافز المالي الذي تم اعتماده له من قبل السلطة المحلية ومكتب وزارة التربية والتعليم في محافظة حضرموت من أجل تحسين ظروفه المعيشية.
وتسلم المعلمون المتعاقدون في مدارس ساحل حضرموت، حافزا ماليا بنحو 8 آلاف ريال يمني -ما يعادل 4 دولارات أو 17 ريالا سعوديا- في حين كان نصيب المعلمين الثابتين مبلغ 15 ألف ريال يمني، أي ما يعادل 9 دولارات أميركي أو 34 ريالا سعوديا.
يقول المعلم هاني: "لا أعرف كيف سوف يحسن الحافز الضئيل الذي تسلمته معيشتي، الراتب الذي أتسلمه دون انتظام يصل نحو 55 ألف ريال يمني -ما يعادل 33 دولارا أمريكيا-. مضيفاً: "أسعار المواد الغذائية في ارتفاع وتكلفة المواصلات والتنقلات مرتفعة أيضاً، والحافز الذي تسلمناه لا يسمن ولا يغني من جوع".
وزميله "عبدالعزيز" قال: "هذا الحافز يذل المعلم ولا يرفع قدره، فالجميع كان ينتظر تحركا جادا من السلطة المحلية ومكتب وزارة التربية نحو تحسين ظروف وأوضاع المعلمين، إلا أن النتيجة كانت صادمة بالمبلغ الذي تم صرفه والذي لا يكفي حتى لشراء كيس أرز أو سكر أو دقيق".
وأضاف: "الكثير من المعلمين توجهوا إلى بوابة المعسكرات في الربو للالتحاق بالجيش والأمن من أجل الحصول على مبالغ مالية مرتفعة، فالجندي هناك يتسلم نحو 1000 ريال سعودي وأكثر، وهو مبلغ يفوق راتب المعلم الحالي أربعة أضعاف".
استمرار الإضراب
ويقود المعلمون منذ 11 فبراير الماضي، إضراباً شاملاً للمطالبة بعدد من الحقوق المالية بينها انتظام دفع الرواتب نهاية كل شهر، وصرف حافز غلاء معيشة لكل العاملين في حقل التربية والتعليم بالساحل والوادي 50000 ألف ريال يمني، والتعجيل بالعلاوة السنوية المستحقة، وإقرار هيكل أجور يتناسب مع المتغيرات والوضع المعيشي.
ويؤكد المعلمون أن الحافز المتدني الذي جرى اعتماده وصرفه يأتي ضمن الحلول الترقيعية التي تحاول السلطة المحلية ومكتب وزارة التربية والتعليم للتهرب من تنفيذ المطالب التي يرفعها المعلمون منذ بداية إضرابهم. كما أن صرف الحافز يأتي لإثناء المعلمين عن الاستمرار بالإضراب ومحاولة إعادتهم للعملية التعليمية التي لم يتبق منها نحو أسبوعين قبل بدل الاختبارات النهائية للعام الدراسي 2023- 2024.
بالمقابل صعد معلمو محافظة حضرموت، من إضرابهم الشامل في معظم المدارس الحكومية في مناطق الساحل والوادي للضغط على الجهات المحلية والحكومية تلبية مطالبهم بصرف مستحقاتهم المالية وتحسين أوضاعهم المعيشية بعيدا عن الحلول الترقيعية.
وأكد مصدر تربوي في المكلا لـ"نيوزيمن": أن الإضراب الشامل لا يزال مستمرا ويشل العملية التعليمية في معظم مدارس ساحل حضرموت. لافتا إلى أن الكثير من المدارس لا يزال المعلمون فيها يرفضون استئناف الدراسة. وأشار المصدر إلى أن هناك بعض المدارس عادت واستأنفت العملية التعليمية، عقب صرف الحافز المالي، إلا أنها قليلة جداً.
استمرار الإضراب، دفع بقيادة مكتب التربية والتعليم ساحل حضرموت، بإصدار تعليمات لإدارات التربية في مختلف المديريات بدء حصر المعلمين المستمرين بالإضراب عقب صرف الحافز المالي. وتتضمن هذه الإجراءات توجيهات للمدارس بتسليم كشوفات يومية تتضمن أسماء المعلمين المضربين والمعلمين المتواجدين في المدارس ويرفضون التدريس وكذا المعلمين المنسحبين من الإضراب.
التوجه للعسكرة
ويؤكد الأستاذ محمد بافقاس، أمين عام لجنة المعلمين في حضرموت، أن واقع التعليم أصبح مزريا، وأن المعلم أصبح يعمل أكثر من عمل حتى يكابد الحياة والمعيشة الصعبة. لافتا إلى أن الكثير من المعلمين توجهوا إلى العسكرة من أجل الحصول على راتب مرتفع يلبي الاحتياجات الغذائية الأساسية لأفراد أسرته. لافتا إلى أن هناك إحصائية أولية للعام 2024 تؤكد أن نحو 165 معلما اتجهوا للجانب العسكري والتجنيد لتحسين أوضاعهم المادية، وهذه الإحصائية للعام الحالي دون الأعوام السابقة.
وأشار إلى أن السلطة المحلية واجهت مشكلة توجه المعلمين للتجنيد بالتعاقد مع أكثر من 13 ألف متعاقد غير ثابتين، وبمرتبات ضئيلة جداً، يصل فيها مرتب حامل شهادة البكالوريوس نحو 55 ألف ريال يمني -ما يعادل 110 ريالات سعودي-. لافتا إلى أن المتعاقدين يتعرضون للإذلال من قبل قيادة التربية، وتم إجبارهم قبل عيد الفطر المبارك على توقيع تعهد بإنهاء الإضراب من أجل صرف مرتبه الشهري.
وأضاف إن المدارس مغلقة منذ شهرين تنفيذا للاحتجاجات التي بدأت برفع الشارات الحمراء والإضراب الجزئي حتى الوصول إلى الإضراب الشامل. لافتاً إلى أن لجنة المعلمين التي تم تشكيلها من أجل الدفاع عن حقوق المعلمين التقت قيادة مكتب التربية في ساحل حضرموت ولم تكن لديها حلول، وأيضا التقينا السلطة المحلية ولم نجد منها الحلول الجذرية.
تجاهل السلطة
وأضاف أمين عام لجنة المعلمين في حضرموت، إن المطالب المرفوعة تم تقسيمها إلى قسمين، الأول نطالب فيه الحكومة والقسم الآخر من السلطة المحلية وهم بالإمكان تحقيقه إلا أن السلطة المحلية لم تستجب لنا. وأشار المسؤول في لجنة المعلمين أن الدراسة متوقفة بشكل شبه كلي في المحافظة، وأن المدارس التي عادت للعملية التعليمية لا تتجاوز 10% فقط.
وأوضح أن نقابة المعلمين انتزعت في السابق قانون المعلم، وفيه يصرف للمعلم أكثر من 110% من راتبه إلا أن هذا الأمر لم يتم ولم يتم تطبيق قانون المعلم. كما أن القيادة السياسية والحكومية السابقة أقرت زيادات مالية للمعلمين ولم يتم اعتمادها حتى اللحظة.
وأشار الأستاذ محمد بافقاس، إلى أن المحافظة ستواجه أزمة في المعلمين خلال الفترة القادمة، فأقسام كلية التربية بجامعة حضرموت أضحت اليوم دون طلاب، فمثلا قسم الرياضيات لا طلاب فيه، وقسم الفيزياء فقط 6 طلاب، ووصل الحال بناء إلى أن تقوم السلطة بتقديم مبالغ مالية لأي طالب يدرس في كلية التربية.