الحوثيون يمررون قانون الضرائب والجمارك لتعزيز إمبراطوريتهم المالية

تقارير - Tuesday 05 March 2024 الساعة 04:13 pm
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

تسعى ميليشيا الحوثي الإيرانية من خلال سيطرتها على ما تبقى من "مجلس النواب" في صنعاء، لتمرير عدد من التعديلات القانونية في نظام عمل الضرائب والجمارك في المناطق الخاضعة لسيطرتها. 

ومعظم التعديلات التي يراد تمريرها عبر مجلس النواب قدمها وزير المالية الحوثي، وترتكز في سلب حقوق المجلس لصالح ما يسمى رئيس المجلس السياسي الأعلى الذي يترأسه القيادي في الميليشيات مهدي المشاط ووزير المالية في الحكومة الحوثية المقالة مؤخراً. ولا ترتكز التعديلات فقط على فرض الجبايات على كاهل التجار والمواطنين وإنما استغلال القانون لخدمة مشروعهم وتعزيز الإمبراطورية المالية الحوثية.

أبرز التعديلات التي تم تمريرها هي إعطاء ما يسمونه "الرئيس" الحق في رفع أي رسوم ضريبية أو جمركية بناء على مقترح مرفوع من رشيد عبود أبو لحوم بصفته نائبا لرئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية- وزيرا للمالية، ولا داعي لموافقة مجلسي الوزراء والنواب.

بحسب قانونيين: من خلال التعديلات الجديدة التي تصر ميليشيا الحوثي منذ نحو شهر على تمرير تعديلات في قانون الضرائب والجمارك، وهذه التعديلات ستنقل صلاحية سن التشريعات والقوانين لصالح رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى وغيرهم من القيادات الحوثية التي ستتمكن من إصدار الإعفاءات الضريبية والجمركية للتجار الحوثيين وتمرير الصفقات وغيرها من الأعمال المخالفة للدستور والقانون.

أوضح القانونيون أن الميليشيات الحوثية تحاول إحكام سيطرتها الكاملة على القطاع الخاص والاستحواذ على كامل إيرادات الضرائب والجمارك وتسخيرها لمصالحها الخاصة. موضحا أن المخطط الحوثي للسيطرة على هذا القطاع بدأ في تشكيل قطاعات ومؤسسات وشركات تجارية رديفة للقطاع الخاص، في حين قامت الميليشيات بتضييق الخناق على الشركات والبيوت التجارية الرائدة في مناطق سيطرتها من خلال الابتزاز وفرض الجبايات ودفعها للإغلاق والخروج صوب مناطق الحكومة أو بلدان مجاورة. كما سعت الميليشيات إلى فرض سيطرتها الكاملة على الغرفة التجارية والصناعية، ورفض توجيهات قضائية بانتخاب مجلس إدارة جديد للنقابة. 

جريمة متكاملة

النائب البرلماني في صنعاء، أحمد سيف حاشد، قال إن الهدف من قيام سلطة صنعاء -الحوثيين- بتمرير قانون التعديلات القانونية للضرائب والجمارك هدفه ليس فقط فرض مزيد من الجبايات على كاهل المواطن، إنما سلب جزء مهم من حقوق المجلس التشريعية فيما يخص الضرائب والجمارك لصالح وزير المالية ورئيس المجلس السياسي، ليتمكنوا من زيادتها متى أرادوا، وإعفاء من يريدون من تجار السلطة، وإحلال تجار جدد يجري إعفاؤهم من الضرائب والجمارك ليحلوا محل التجار القدماء، في توجه عصبوي يستبيح المواطنة ويتعمد التمييز وينتهك المساواة، حسب تعبيره.

وأضاف في تغريدة على منصة إكس: إن التعديلات الجديدة تدعم فئة يجري تشكيلها على حساب وطن يتم استباحته لصالح هذه الفئة الطفيلية الجديدة التي لا تعتمد على المنافسة والتراكم المالي الطبيعي، وإنما تعتمد على دعم السلطة لها واستغلال السلطة، وهي جريمة متكاملة الأركان. 

وأضاف: "وأكثر من هذا أنه تم تمرير تلك التعديلات من قبل وزير مقال في حكومة مقالة، وبعيدا عنها. وأكثر من هذا أنه تم تمريره رغم مخالفته للدستور وللقانون، وما يحدث اليوم من قبل وزير التجارة والصناعة في الإحلال والاستبدال للتجار يصب في نفس الاتجاه ويكمله".

وأوضح النائب حاشد: "ما يجري اليوم في الواقع مخيف ومرعب بحق شعبنا، وقد رفضت هذه التعديلات وتم منعي من الكلام بصددها في قاعة المجلس، وغادرت المجلس أثناء التصويت عليها، وكتبت عن مخاطرها وعدم مشروعيتها قبل مناقشتها والتصويت عليها ثم بعد تمريرها". مضيفاً: "إن ما يحدث في صنعاء بحق شعبنا كارثي، وها نحن نرى اليوم بعض نتائجه في الواقع. وما سنراه في المستقبل أشد وأكبر".

مخطط خبيث 

من جانبه يرى الكاتب والمحلل السياسي، خالد العراسي أن ما يزعج المجتمع هو استهدافه في لقمة عيشه، ويبرز هذا الأمر من خلال إجراءات عدة بينها رفع جميع أسعار السلع والمنتجات في ظل توقف المرتبات وانخفاض وشحة مصادر الدخل عند فئة كبيرة وانعدامها عند فئات أخرى.

وأشار العراسي: بشأن رسوم الضرائب والجمارك، لا يمكن زيادتها بموجب قرار وزير المالية أو توجيهات شفوية، أو بتواصله بشكل خاص مع المعنيين بالتعرفة الجمركية، أو بأي شكل من الأشكال. ولهذا خطط الوزير لتجاوز هذه العقبة، وسعى للحصول على صلاحيات دائمة وليس التعديل لمرة واحدة ليستمر برنامج القتل للشعب بشكل دائم. وأضاف الكاتب العراسي: وزير المالية تقدم بمشروعي تعديلات لقانوني الضرائب والجمارك، وهي تعديلات ليست مخالفة للقانون فقط وإنما مخالفة ومناقضة لمواد دستورية أيضا، فهي تعديلات كارثية بما تحمله الكلمة من معنى والمصيبة أنها مغلفة بموافقة رئيس المجلس السياسي الأعلى ودون المرور على مجلسي النواب والوزراء.

وأضاف: طبعا غير مذكور بشكل صريح "رفع أو زيادة الرسوم" في التعديل الجديد، لكن مذكور صلاحيات التعديل وهو يتم بالزيادة أو الخفض، والجميع يعلم بعدم وجود أي انخفاض أو إعفاءات تخدم الشعب في ظل حكومة الوضع المزري، وفي المقابل شهدنا إعفاء أصحاب الفنادق والمطاعم السياحية بموجب توجيهات وزير المالية. 

وأشار الكاتب العراسي: النتيجة معروفة من خلال التعديلات المقرة، وهي مزيد من الزيادات والرفع كما حدث في كثير من الأوعية الإيرادية بناء على توجيهات أو قرارات داخلية أو بطرق أخرى، لا سيما وصاحب المقترح هو نفسه الوزير الذي رفع رسوم التحسين والنظافة وضاعفها أكثر من عشرة أضعاف بدون وجه حق وبدون مبرر قانوني.

ومن جانب آخر هناك صلاحيات ممنوحة في مشروعي هذه التعديلات بشأن منح امتيازات للتجار والمستثمرين على أساس تشجيع الاستثمار والصناعات المحلية وخفض فاتورة الاستيراد، إلا أننا لم نشاهد أي تشجيع لأي استثمارات وصناعات باستثناء ما يقتل المواطن وهو مصنع السجائر في المنطقة الصناعية بالحديدة، بحسب الكاتب العراسي.

وأضاف: على العكس شاهدنا ولمسنا وعرفنا بالتوازي مع منح السعودية تسهيلات وامتيازات ضخمة جدا للتجار والمستثمرين الأجانب عن برنامج تنفيري وتهجيري للتجار وللاستثمارات، باستخدام قطبي الحرب الاقتصادية الداخلية وسياسة التجويع وزيري المالية، والصناعة والتجارة، اللذين تحولا من مالكي باص وكورولا إلى مالكي مليارات.