من "صافر" إلى "روبيمار".. الحوثيون يعيدون كوابيس التلوث البيئي للسواحل اليمنية

تقارير - Monday 26 February 2024 الساعة 06:41 pm
عدن، نيوزيمن:

عاش العالم سنوات من الترقب والقلق خوفاً من وقوع كارثة بيئية خطيرة في مياه البحر الأحمر، بسبب خزان "صافر" النفطي المهدد بالغرق والانفجار، لما يحويه من كميات كبيرة من النفط الخام. اليوم يعيش العالم ذات المخاوف عبر سفينة "روبيمار" المهددة بالغرق في مياه خليج عدن وعلى متنها كميات كبيرة من الأسمدة الخطيرة والوقود.

وتعرضت سفينة "روبيمار" في 18 فبراير الماضي، لهجوم صاروخي من قبل الميليشيات الحوثية أثناء إبحارها في مياه خليج عدن. السفينة تحمل على متنها نحو 41 ألف طن متري من الأسمدة والزيوت المصنفة من الفئة 5.1 وهي خطيرة للغاية. وفي حال غرق هذه الكمية ستخلف كارثة بالأحياء البحرية في خليج عدن، وسيكون لها تأثيرات اقتصادية على اليمن وعلى شريحة الصيادين الذين ستتضرر مصادر رزقهم.

تحذيرات متكررة أطلقها الكثير من المسؤولين الأمميين والدوليين بشأن خطورة الهجمات الإرهابية التي تشنها الميليشيات الحوثية تجاه السفن خصوصاً ناقلات النفط والوقود التي ستسبب بكارثة بيئية خطيرة في حال غرقها أو تسرب كميات من الخام الذي تحمله إلى مياه البحر. 

القيادة المركزية الأميركية في بيانها الأخير أكدت أن هناك تسربا نفطيا فعلاً يجري حالياً في المنطقة المحيطة بالسفينة البريطانية، وأن طول التسرب النفطي وصل نحو 18 ميلا بحريا. وهو ما يثير الكثير من المخاوف من تسرب مزيد من المواد الخطرة إلى داخل مياه البحر والوصول إلى السواحل اليمنية الأكثر تضررا من هذه الكارثة.

ووفقاً للتصريحات الحكومية في اليمن، تتجه السفينة حالياً صوب جزيرة حنيش اليمنية، وهي جزيرة خصبة بالأحياء البحرية والشعاب المرجانية، محذرين من تضرر الحياة البحرية في منطقة خليج عدن وباب المندب بشكل كبير في حال وصول التلوث والتسريب إليها بهذه الكمية الكبيرة من الأسمدة الخطيرة.

وقدم عدد من الخبراء العاملين في المجال البحري مقترحات بشأن سحب السفينة المهجورة حالياً إلى سواحل جيبوتي، كون ذلك أفضل مسار للعمل، موضحين أن "جيبوتي هي الخيار الفوري الوحيد الذي يمكن فيه إجراء بعض الإصلاحات أو التحسينات للسفينة، مشيرين إلى أنه من الخطر للغاية أن يتم سحب سفينة في هذه الحالة بعيداً جداً أو في مياه أكثر انفتاحاً".

ويرى مراقبون أن هذه العملية تدق ناقوس خطر ينذر بعواقب وخيمة قد تتعرض لها اليمن والمنطقة بفعل الأعمال الإرهابية المتهورة التي يمارسها الحوثيون بدعم من إيران، مشيرين إلى أن عملية انقاذ "خزان صافر" النفطي كانت طويلة ومكلفة جراء التعنت والاشتراطات التي وضعتها الميليشيات الحوثية أمام صيانة الخزان الواقع قبالة سواحل الحديدة الخاضعة لسيطرتهم.

ذات السيناريو يعاد مع سفينة "روبيمار" المهددة بالغرق، حيث خرجت الميليشيات الحوثية باشتراطات جديدة بشأن السماح لعمليات الإنقاذ بقطر السفينة صوب السواحل الجيبوتية خشية غرقها والتسبب بأضرار بيئية خطيرة جراء الأسمدة الخطيرة التي بداخلها.

القيادي البارز في الميليشيات الإيرانية باليمن، محمد علي الحوثي، خرج باشتراطات بشأن السماح بقطر السفينة المهجورة، موضحا أن جماعته ستسمح بعملية إنقاذها بشرط السماح بدخول شاحنات المساعدات لأهالي قطاع غزة. ورقة ابتزاز جديدة تضعها الميليشيات أمام المجتمع الدولي من أجل تفادي كارثة بيئية خطيرة ستكون أضرارها بشكل مباشر على اليمنيين واقتصاد البلد.

وتصريحات الحوثي عبر صفحته في موقع "إكس" كشفت تهديدا غير مباشر بأن جماعته ستقوم باستهداف أي جهود ستقوم بعملية سحب السفينة "روبيمار" وإنقاذها. وعلى ما يبدو أن سبب تأخر عملية الإنقاذ حتى اليوم بالرغم من التحذيرات الأممية والدولية بضرورة انتشال السفينة وسحبها قبل أن تصل مياه البحر إلى مستويات يصعب قطرها لاحقاً.

ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي، الدكتور عبدالملك اليوسيفي، أن تسرب هذه الكمية الكبيرة من الأسمدة إلى البحر يمثل كارثة غير عادية وستكون لها تداعيات وآثار كبيرة لن يتم تلافيها بالسهل على مدى سنوات قادمة، موضحا أن على المجتمع الدولي والأمم المتحدة والهيئات والجهات المعنية بحماية البيئة تلبية دعوة الحكومة اليمنية في مواجهة هذه الكارثة الحقيقية.

وأشار إلى أن الميليشيات الحوثية ومن خلال استهدافها للناقلات النفطية في مياه البحر الأحمر وباب المندب، تريد أن تصنع كارثة أكبر من الكارثة التي كانت ستخلفها "صافر" قبالة سواحل اليمن، موضحا أن العالم أمام جماعة مقامرة لا يعنيها مستقبل اليمن ولا اقتصاده ولا مصادر رزق أبنائه، بل يعنيها فقط خدمة أسيادها في طهران.