تصويب البوصلة وإنهاء حالة المراوحة.. رسائل الجنوب لشركاء المعركة ضد الحوثي وللإقليم

تقارير - Sunday 04 February 2024 الساعة 12:01 pm
عدن، نيوزيمن، عمار علي أحمد:

في خطابه لحشود المكلا السبت، كان لافتاً دعوة رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي وعضو مجلس القيادة الرئاسي عيدروس الزبيدي لإنهاء ما أسماها بحالة "المراوحة" والتي قال بأن الجنوب بات ضحيتها والمتحمل لأعبائها.

حديث الزبيدي الذي وجهه إلى الحشد الجماهيري بمليونية "النخبة لكل حضرموت" التي نظمتها قيادة الانتقالي بالمحافظة في مدينة المكلا، عن حالة المراوحة، جاء ترجمة لحجم التذمر المتصاعد في المناطق المحررة وفي الجنوب تحديداً من الوضع الحالي سياسياً واقتصادياً.

حيث تشهد المناطق المحررة حالة من التدهور المستمر في الخدمات والعملة المحلية جراء تفاقم الأزمة المالية التي تعاني منها الحكومة منذ أكثر من عام لتوقف تصدير النفط بسبب استهداف مليشيات الحوثي المدعومة من إيران لموانئ التصدير في حضرموت وشبوة.

أزمة من المتوقع أن تتفاقم خلال الفترة القادمة جراء الهجمات التي تشنها مليشيات الحوثي الإرهابية ضد الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن، وانعكاساتها الخطيرة على رفع تكلفة الشحن إلى الموانئ اليمنية ما سيرفع معه من أسعار السلع المستوردة.

هذه الأزمات وتداعياتها انتجت بحسب الزُبيدي، "أزمة إنسانية كارثية باتت تهدد حياة الشعب كافة من أبناء الجنوب واليمن، وهو ما يتطلب إجراءات عاجلة في إطار مبادرة إقليمية ودولية تنقذ الشعب في الجنوب واليمن من هذه الأزمة الإنسانية غير المسبوقة"، حسب قوله.

إلا أن ما يضاعف من أثر هذه الأزمة هو حالة الجمود داخل مجلس القيادة الرئاسي وحكومته في مواجهة هذه الأزمات الاقتصادية والمالية والتي تتطلب إصلاحات جذرية وعملية تغيير شامل في مؤسسات الدولة وأجهزتها التنفيذية وعودة كافة المسئولين إلى الداخل.

حالة الجمود جاءت بعد تفاؤل ساد في الأوساط السياسية أواخر العام الماضي بوجود توجه داخل الرئاسي لإحداث تغيير في رئاسة الحكومة وعدد من الوزراء، إلا أن الأمر جرى توقيفه بناء على طلب من الرياض –بحسب تقارير إعلامية- بانتظار التوقيع على خارطة الطريق مع جماعة الحوثي والذي كان من المتوقع أن يتم مطلع العام الجاري.

إلا أن الأمر توقف بشكل تام مع تصعيد الجماعة لهجماتها بالبحر الأحمر وخليج عدن وشن واشنطن ولندن لضربات جوية ضدها منتصف الشهر الماضي، ليسود الجمود على مشهد السلام في اليمن، وانسحب الأمر على الموقف داخل مجلس القيادة الرئاسي.

وهو ما أنتج حاليا ما أسماها الزُبيدي بحالة المراوحة ويرى بأن الجنوب "بات ضحيتها والمتحمل لأعبائها"؛ ويضيف قائلاً بأن الوقت "قد حان لإعادة تصويب البوصلة وتصحيح المعادلة، على الوجه الذي يضع الأمور في نصابها ويُنهي حالة المراوحة".

إعادة تصويب البوصلة يلخص المبدأ الذي رفعه الجنوبيين والقوى الوطنية في المعركة ضد جماعة الحوثي منذ اليوم الأول للحرب في مارس 2015؛ بتحديد بوصلة المعركة ضد الجماعة ومشروع إيران في اليمن ورفض المعارك العبثية والجانبية داخل المناطق المحررة والتي أثارتها قوى النفوذ داخل الشرعية وعلى رأسها جماعة الإخوان.

حرف بوصلة المعركة نحو المناطق المحررة خلال سنوات الحرب الماضية مثَّل أكبر ضربة لهدف هزيمة مشروع الحوثي وإيران؛ فإثارة الفوضى بجغرافيا المحرر منع تطبيع الأوضاع فيها وتقديم نموذج أفضل في الاقتصاد والخدمات والظروف المعيشية؛ وهو الأمر الذي كان كفيلاً بإشعال الثورة في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي.

ولعل الأحداث التي تشهدها حضرموت حالياً؛ أحدث مثال على ذلك؛ فدعوة الزُبيدي لإعادة تصويب البوصلة جاءت في كلمته للحشد الجماهيري في مدينة المكلا؛ الذي أقيم كردة فعل على محاولات نشر قوات من درع الوطن في مديريات ساحل حضرموت.

هذه المحاولة يراها الانتقالي تناقضا تماماً لما تم الاتفاق عليه مع قيادة التحالف بإخراج قوات المنطقة العسكرية الأولى المنتشرة في وداي حضرموت واستبدالها بقوات درع الوطن بقيادة حضرمية؛ وفق تصريح لنائب رئيس مجلس الانتقالي الجنوبي اللواء أحمد بن بريك في مايو من العام الماضي.

ويرى الانتقالي ومعه قطاع واسع من أبناء المحافظة عدم وجود حاجة لنشر أي قوات في ساحل حضرموت الذي يشهد استقراراً أمنياً بفضل جهود قوات النخبة الحضرمية؛ على عكس الوضع في مديريات الوادي والصحراء الذي تنتشر فيها قوات المنطقة الأولى.

ويعبر أبناء حضرموت بوضوح عن مخاوفهم من استمرار بقاء هذه القوات والتي تعد من بقايا الجيش السابق (ما قبل الحرب 2015م) وموقف هذا الجيش حينها والذي انقسم حينها بين من أنظم للقتال مع مليشيات الحوثي وبين من انسحب بهدوء من مواجهة المليشيات.

 كما أنه هو ذات الجيش الذي سلم المكلا لعناصر القاعدة عام 2015م بدون قتال وفر عناصره بالباصات؛ بحسب تعبير محافظ حضرموت مبخوت بن ماضي في لقاء تلفزيوني قبل عام من الآن.

وعبر المحافظ في هذا اللقاء بكل صراحة عن مخاوف أبناء المحافظة من بقاء قوات المنطقة العسكرية الأولى بسبب أن قياداتها وأغلب منتسبيها من أبناء المناطق التي لا تزال في قبضة مليشيات الحوثي؛ وهو ما يثير القلق على مديريات الوادي والصحراء في حالة تمكن مليشيات الحوثي من إسقاط مأرب والتقدم نحوها.

حيث تساءل المحافظ قائلاً: إن كانت عناصر المنطقة الأولى المنتمين لمناطق يسيطر عليها الحوثيون ضد سيطرته على مناطقهم فعليهم أن يذهبوا ويحرروا مناطقهم فهي الأولى؛ وإن كانوا معه أو ليسوا ضده فعليهم الرحيل وتواجدهم غير مرحب به، فلا نرغب بتواجد قوات مع الحوثي في وادي حضرموت.

الدفع بقوات المنطقة العسكرية الأولى إلى الجبهات لمواجهة الحوثي بدلاً من بقائها بجوار آبار النفط في وادي حضرموت؛ يراه الانتقالي ومعه القوى الوطنية تحقيقاً لمطالب أبناء حضرموت والجنوب من جهة؛ ومن جهة أخرى بداية حقيقة تصويب بوصلة المعركة نحو الحوثي بعيداً عن الجنوب والمناطق المحررة.

وهو ما أكد عليه اللواء/ فرج البحسني عضو مجلس القيادة الرئاسي ونائب رئيس المجلس الانتقالي في تغريدة له على منصة "أكس" أكد فيها بأن تشكيل قوة درع الوطن مرحب به من قبل القادة السياسيين والسلطة المحلية بحضرموت؛ وقال بأن ذلك يعد إضافة نوعية إلى أمن حضرموت.

البخسني الذي تولى منصب محافظ حضرموت لخمس سنوات، أكد بأن تشكيل قوات عسكرية وأمنية من أبناء المحافظة مثل "مطلبا لنا منذ سنوات"؛ واستدرك بالقول: لكن يجب أن تحل هذه القوة بدل القوات التي من خارج حضرموت المتواجدة في وادي حضرموت فهذا هو مكانها المناسب.

ويرى البحسني بأن تشكيل قوات درع الوطن "جاء إنشاؤها وتشكيلها في الوقت المناسب جداً، الوقت الذي يتزايد فيه سلوك الغطرسة والاستعلاء لدى الحوثة الانقلابيين"؛ حسب قوله.

موضحاً بالقول: فيمكن الاستفادة من الألوية المتواجدة في وادي حضرموت والتي منتسبوها من خارج حضرموت والدفع بها إلى الجبهات القتالية بالشمال لمواجهة الحوثييين في مأرب وكل جبهات الشمال، ويحل مكانها قوات درع الوطن التي هي من أبناء حضرموت.