قرصنة الحوثي بالبحر الأحمر تفاقم أزمة الجوع في اليمن

إقتصاد - Monday 08 January 2024 الساعة 08:30 pm
الحديدة، نيوزيمن، خاص:

"من سرق الطعام من أفواه الجائعين" إلى "حرمان الشعب من الغذاء"، حقيقة مرة يجنيها اليمنيون جراء استمرار عمليات القرصنة والاستهدافات التي تنفذها مليشيا الحوثي- ذراع إيران في اليمن، ضد السفن التجارية المارة في البحر الأحمر وباب المندب.

ومع تزايد الهجمات البحرية، اضطر الكثير من شركات الشحن العالمية إلى تغيير مسار سفنها صوب جنوب إفريقيا -رأس الرجاء الصالح- تجنباً للمرور من منطقة باب المندب والبحر الأحمر. وهذا التغيير انعكس سلباً على تدفق المواد الغذائية الأساسية إلى الموانئ اليمنية خصوصاً اليمن من البلدان المستوردة للغذاء.

وتشير مصادر ملاحية في ميناء الحديدة إلى تراجع واردات الغذاء من أرز وقمح خلال الشهرين الماضيين بفعل عزوف الكثير من شركات الشحن التجاري عن تسيير رحلاتها إلى البحر الأحمر بفعل الاضطرابات الأمنية والتهديدات المتواصلة، موضحة أن استمرار التصعيد البحري سيخلق أزمة غذائية كبيرة كون اليمن من البلدان المستوردة وسيدفع أيضا إلى تفاقم أكبر للوضع الإنساني والأزمة الراهنة التي تصنف بأنها الأسوأ على مستوى العالم.

وفي تقارير متكررة وسابقة أصدرها برنامج الغذاء العالمي، كشفت أن ميليشيات الحوثي "تسرق الطعام من أفواه الجائعين في مناطق سيطرتها". وهذا تعبير لخص معاناة الأسر اليمنية التي تعاني من الحرمان جراء نهب الميليشيات الحوثية للمساعدات الغذائية الأممية المقدمة لهم، وتحويلها إلى مجهود حربي ولصالح عناصرهم وجبهاتهم القتالية.

ولكن اليوم بات الشعب اليمني يواجه الحرمان من الغذاء بشكل كامل بسبب أعمال القرصنة البحرية التي تمارسها هذه الميليشيات المدعومة من إيران ضد السفن التجارية المارة قبالة السواحل اليمنية تحت غطاء "الحرب على اسرائيل". فالتصعيد الحوثي في البحر الأحمر وباب المندب فاقم من الأوضاع المعيشية المتدهورة أصلاً لليمنيين. إذ يضاعف ارتفاع تكلفة تأمين السفن والشحن أسعار المواد الغذائية الأساسية وهو ما ينذر بأزمة حادة في الغذاء خلال الأشهر القادمة.

ويؤكد تقرير حديث لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن اليمن لا يزال واحدا من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، حيث يحتاج ما يقدر بنحو 21.6 مليون شخص إلى المساعدة الإنسانية أو الحماية في عام 2023، موضحا أن نقص الغذاء أدى إلى تفاقم الوضع، حيث تواجه العديد من الأسر الضعيفة في اليمن صعوبات في تأمين الغذاء، إذ أصبحت أسعاره لا يمكن تحملها.

ويؤكد وزير الإدارة المحلية السابق- رئيس اللجنة العليا للإغاثة، عبدالرقيب فتح لـ"نيوزيمن"، أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر تؤثر بشكل كبير على حركة الإمدادات الغذائية لليمن، فالمخاطر التي تسببها تلك الهجمات دفعت بالسفن التجارية إلى تجنب الوصول إلى الموانئ اليمنية أو حتى المرور من البحر الأحمر وباب المندب.

وأشار إلى أن إيران من خلال أدواتها في المنطقة تسعى لتنفيذ مشروعها الاستراتيجي الهادف إلى السيطرة على البحر الأحمر والمياه الإقليمية اليمنية وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، لافتا إلى أن الميليشيات الحوثية تستغل تعاطف الشعب لما يتعرض له إخواننا في فلسطين من همجية وإبادات نازية لتسويق عمليات داخل البحر الأحمر ليس هدفها دعم أبناء غزة ومقاومتها كما يدعون، ولكن هدفها السيطرة على البحر الأحمر والتحكم بالحركة الملاحية والتجارية. 

وقال فتح: من المؤكد أن السيطرة على البحر الأحمر أثرت بشكل كبير على حركة السفن التجارية التي تصل لليمن، خصوصا السفن المحملة بالغذاء وهذا الأمر سينعكس سلباً على مستوى الأمن الغذائي للبلد خصوصا وأن موانئ الحديدة يستقبل الكثير من الواردات الغذائية التي تغطي المحافظات غير المحررة. كما أن التصعيد البحري في البحر الأحمر يعطي مبررا كافيا للمنظمات الدولية حول امدادها للإغاثة في المحافظات اليمنية المختلفة.

يؤكد الصحفي الاقتصادي، ماجد الداعري، أن الهجمات على السفن من الطبيعي أن تؤثر على تدفق الغذاء ليس على اليمن فقط بل بلدان أخرى في العالم، وقال إن رفع تكلفة التأمين والشحن البحري يزيد من أعباء وصول السفن، ويؤدي إلى تكبد الشركات تكاليف إضافية مع طول الفترة الزمنية، وهذا الأمر ينعكس بالأخير على السعر الإجمالي للسلع المباعة، ويفاقم من حدة الوضع الإنساني الصعب والمجاعة التي بدأت في اليمن لأنه من بين الدول الأكثر تضررا إلى جانب مصر والدول المشاطئة أو الدول الأقرب إلى خط الملاحة الدولي في البحر الأحمر”.

ولفت الداعري إلى أن "ارتفاع تكاليف التأمين على السفن ينعكس بشكل طبيعي على سعر الجملة النهائي للسلع، ويفاقم من الحالة المعيشية السيئة في اليمن خاصة في ظل انهيار سعر صرف العملة وعدم استقرار الوضع الاقتصادي في البلاد واستمرار توقف تصدير النفط، وتواصل المعاناة الإنسانية بشكل عام".