متقاعدو لحج.. كفاح مستمر من أجل لقمة العيش الكريمة

الجنوب - Friday 12 May 2023 الساعة 07:57 am
لحج، نيوزيمن، محيي الدين الصبيحي:

بعد دخوله سن التقاعد براتب ضئيل لا يتجاوز الـ36 ألف ريال يمني، ما يعادل 30 دولارا، لم يجد المواطن محمد الفقيه المتقاعد في هيئة النقل البري مجالا للراحة، عقب عقود من الخدمة في وظيفته، ليعود مجدداً للعمل بمهنة أخرى لتغطية نفقات أسرته في ظل موجة الغلاء الكبيرة فمرتبه لا يساوي سوى ثمن كيس الدقيق. 

يتخذ الفقيه من بسطة صغيرة تحت حر الشمس في شارع الحوطة، مركز محافظة لحج، جنوب اليمن، ليبيع من خلالها بعض المخبوزات المصنوعة منزليا من الكعك والمقرمش والمشبك، وتارة أخرى يبيع خضروات وأسماك وقطع الثلج. حيث يجني مالاً بسيطاً من بيع هذه الاحتياجات اليومية التي تساعده في تأمين لقمة العيش لأفراد أسرته.

وضع كارثي 

المواطن الفقيه، ليس الوحيد المتقاعد في السلك الحكومي بهذا المرتب الزهيد فهناك ستة آلاف متقاعد في محافظة لحج يعيشون على هذا المنوال في وضع كارثي، فمتوسط رواتبهم لا تتجاوز خمسين ألف ريال يمني، ما يعادل 41 دولارا أمريكيا شهرياً، وفق الأخ محمد المدس مدير مكتب الخدمة المدنية والتأمينات في محافظة لحج لـ"نيوزيمن".

ويضيف: إن فئة المتقاعدين يجب أن تعطى لهم حقوقهم كاملة، وحسب ما تقتضية الحياة المعيشية اليوم، وليس الحقوق القانونية التي أقرت قبل 40 عاما وعفا عليها الزمن، ولم تعد مجدية في الوضع الراهن.

وقال المدس: نحن كمديري مكاتب في المحافظات المحررة دورنا نقدم ملاحظاتنا للوزارة وهي صاحبة القرار والتنسيق مع مجلس الوزراء، مضيفا إن الحاجة الملحة حاليا هو إعداد هيكل جديد وبما يتناسب مع ارتفاع الأسعار وأن يكون راتب الموظف قريبا جدا من ارتفاع الأسعار.

تدني المرتبات

ووفقاً لتقرير صادر عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي فإن متوسط معاش المتقاعد من الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات التي تؤمن على العاملين في الجهاز الإداري للدولة والقطاعين العام والمختلط  يبلغ 40.975 ألف ريال يمني شهريا أو 1336 ريالا يوميا مما يجعل نصيب الفرد في أسرة المتقاعد 0.7 دولار يوميا دون قيمة خط الفقر المدقع الذي يستخدمه البنك الدولي المحدد ب1. 9 دولارات يوميا. 

وقال التقرير: إن الأزمة الاقتصادية والمالية في اليمن الناجمة عن الصراع الجاري أدت إلى تأخر رواتب المتقاعدين على رغم تدني المعاش التقاعدي الذي يمثل المصدر الرئيس للرعاية الاجتماعية للمتقاعدين. 

توجد في اليمن أربع مؤسسات تأمين اجتماعي رسمي هي الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات  والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية التي تؤمن على العاملين في القطاع الخاص وصندوق تقاعد الداخلية والأمن وصندوق التقاعد العسكري.

ويقدر عدد المتقاعدين لدى هيئة التأمينات 124.051 والمؤمن عليهم 589.806 ولدى مؤسسة التأمينات 11.114 والمؤمن عليهم 90 ألفا.

البحث عن وظيفة

الظروف المعيشية الصعبة التي تمر بها البلد بسبب الحرب العبثية التي تشنها الميليشيات الحوثية، ذراع إيران في اليمن، دفعت الكثير من المتقاعدين كبار السن للخروج إلى سوق العمل مرة أخرى من أجل البحث عن وظائف تؤمن لهم مزيدا من الأموال لتغطية احتياجاتهم الضرورية.

من بين هؤلاء أحمد سعيد، الذي أحيل للتقاعد في مؤسسة الاصطياد الساحلي سابقا، حيث وجد من البحر فرصة لتعويض معاشه التقاعدي البالغ 35 ألف ريال يمني ما يعادل 32 دولارا أمريكيا، فهو يغادر منزله في السادسة صباحا نحو البحر للعمل فيه حتى الظهيرة قبل العودة ليعمل مساعدا لدى ملاك أحد قوارب الصيد. 

يعمل سعيد في البحر على الرغم من وجود مشكلة في صمامات القلب لديه وتقدم سنه، لكن شحة الأجر التقاعدي الذي يتقاضاه أخرجه -كما قال- للعمل لكسب المال وتلبية الاحتياجات المنزلية أو ما يحتاج من علاجات. 

وتساءل سعيد الجهات المعنية عن الدور الممكن عمله للتخفيف من وطأة المعاناة لفئة المتقاعدين الذين تركوا دون لفتة نظر سوى التفرج على معاناتهم في ظل موجة غلاء كبيرة تأخذ الأخضر واليابس.

على الرغم من تقديرات الأمم المتحدة عن تجاوز البطالة حد الثلاثة ملايين إلا أنه لا يوجد إحصاء رسمي غير الذي تم إجراؤه قبل اندلاع الحرب بالتعاون بين منظمة العمل الدولية والجهاز المركزي للإحصاء، حيث أظهر الإحصاء ارتفاع البطالة من 13.5 في المائة عام 2014 مقارنة 11.5 في المائة في العام 1999 فيما تراجع معدل المشاركة في القوى العاملة من 45.9 في المائة من السكان في سن العمل إلى 36.3% في المائة في الفترة نفسها.