"خاصرة التحولات".. أبين ضحية الإرهاب والاستقطاب والانتهازية

السياسية - Thursday 08 September 2022 الساعة 08:52 am
أبين، نيوزيمن، خاص:

أعاد هجوم أحور الدامي، فجر الثلاثاء، إلى الواجهة المعركة المستمرة التي تخوضها محافظة أبين منذ ما يزيد عن عقد مع التنظيمات الإرهابية، كجزء من مشهد صراع واستقطاب تعاني منه المحافظة لعقود طويلة.

هجوم أحور جاء كأول رد من التنظيمات الإرهابية على عملية "سهام الشرق" قبل نحو أسبوعين من قبل القوات الجنوبية لتطهير أبين منها، بعد ان نجحت في ذلك عام 2016م، إلا أن سيطرة القوات الموالية لجماعة الإخوان على أجزاء واسعة من أبين في أغسطس 2019م أعاد إحياء تواجد التنظيمات الإرهابية.

ومع تكرار ذات المشهد في شبوة، تعزز حضور وقوة التنظيمات الإرهابية بعد أن بات لها مساحة تحرك واسعة أشبه بمثلث مديريات المناطق الوسطى في أبين مع المديريات المجاورة لها من شبوة بالإضافة إلى المناطق المحاذية للبيضاء.

ووفقاً لذلك فإن هجوم احور يأتي كرسالة تهديد إلى القوات المشاركة في عملية "سهام الشرق" لثنيها عن أي تحرك قادم لها تتوغل فيه إلى عمق مناطق انتشار عناصر القاعدة في المديريات الوسطى (المحفد – مودية – الوضيع)، عقب تأمينها للشريط الساحلي وانتشارها في مدينة لودر مؤخراً.

تواجد التنظيمات الإرهابية في أبين له تاريخ طويل يمتد لأكثر من عقدين من الزمن، حول المحافظة إلى ساحة قتال ومعارك مفتوحة ضدها، وبات اسمها مقترناً بمصطلح الإرهاب، بدلاً من اسمها كسلة غذاء وخاصرة للجنوب.

ويصعب تحديد سبب هذا التاريخ الطويل من تواجد التنظيمات الإرهابية في بعض مناطق في أبين، إلا أن ما يمكن الجزم به أنه محصلة لحالة الصراع والاستقطاب الذي عاشه ويعشيه المتجمع الأبيني منذ ما قبل عام 90 وحتى هذه اللحظة، أثمرت غياباً واضحاً لملامح الدولة بغياب مشروعها ومشاريعها.

هذا الغياب جعل من العامل القبلي هو المحرك في إدارة المجتمع بصورة عشوائية مع تشتت زعامة القبيلة وغياب مرجعية عامة لقبائل أبين، ما خلق مساحة لتواجد عناصر القاعدة في جبال ووديان أبين، بعد أن باتت مسألة قبول هذا التواجد أو رفضه خاضعاً لما يراه المجتمع القبلي في كل منطقة.

وقد يبدو هذا المشهد غريباً بالنظر إلى حقيقة أن أبين كانت حاضرة في فترات طويلة من التاريخ الحديث على رأس هرم السلطة وفي قطاع عريض من المناصب بالدولة، لعل أهمها فترة حكم الرئيس السابق عبدربه منصور هادي لعشر سنوات وتواجد أبين عبر قيادات بارزة أبرزها وزير الداخلية السابق احمد الميسري ورجل الأعمال النافذ أحمد العيسي نائب مدير مكتب هادي.

كل هذا الأسماء والمناصب لم تكن إلا تجسيداً لأهم معضلة تعاني منها أبين، وهي حجم انتهازية نخبتها التي لم تقدم لمحافظتها شيئاً، بل ساهمت في تعميق حالة الصراع والاستقطاب داخلها وتحويلها إلى ورقة لصالح مشاريع سياسية محلية وإقليمية على حساب أبنائها.

وجسدت أحداث أغسطس 2019م أبرز مثال على ذلك، بعد أن تحولت أبين على يد نخبتها الانتهازية إلى رأس حربة للمشروع الإقليمي الذي تقوده جماعة الإخوان لضرب التحالف العربي في اليمن بشكل عام والجنوب بشكل خاص.

ثلاث سنوات ظلت فيها القوات الموالية للإخوان بقيادة "أبينية" مرابطة في مدينة شقرة في مواجهة قوات الانتقالي بعد فشلها في اقتحام العاصمة عدن، في حين كانت تعاني المحافظة من خطرين، الأول هو توسع وتعاظم دور التنظيمات الإرهابية تحت نظر هذه القوات إلى حد قيامها بعملية اختطاف لعاملين في منظمة أممية مطلع فبراير من العام الحالي.

أما الخطر الثاني فلا يزال يتربص بالمحافظة من أعالي جبال ثرة المطلة على مدينة لودر عمق أبين، متمثلة في مليشيات الحوثي، ذراع إيران، التي ما تزال تنظر إلى ذات الطريق الذي سلكته في مارس عام 2015م وأوصلها عبر ساحل أبين إلى قلب العاصمة عدن.