استعراض الحوثي وخطة طهران لتحويل الحديدة لقاعدة عسكرية

السياسية - Sunday 04 September 2022 الساعة 08:16 am
عدن، نيوزيمن، هديل محمد:

استعراض "الحوثي" العسكري في الحديدة، والذي كشفت فيه المليشيا المدعومة من طهران، عن امتلاكها صواريخ إيرانية جديدة، بالإضافة إلى الألغام البحرية والطائرات المسيرة، جاء تأكيدا على إصرار الذراع الإيرانية تحديها للمجتمع الدولي، ومواصلتها خرق بنود الهدنة الأممية، واتفاق ستوكهولم الذي أوقفت الأمم المتحدة بموجبه استكمال تحرير المدينة.

وأثبت هذا الاستعراض للعالم خطط إيران ورغبتها في اتخاذ البحر الأحمر ساحة حرب انطلاقا من الحديدة، وهذا ما أكدت عليه المليشيا على لسان رئيس مجلسها الانقلابي مهدي المشاط، الذي قال بأن مليشياتهم "قادرة على ضرب أي نقطة في البحر الأحمر".

وجاءت تهديدات الذراع الإيرانية من داخل مدينة الحديدة، لتؤكد حقيقة تحول المحافظة الساحلية وموانئها الحيوية، لقاعدة إيرانية عسكرية متقدمة، للتحكم بأمن البحر الأحمر وتهديد الملاحة الدولية وزعزعة الاستقرار في المنطقة، فقد كان التواجد في البحر الأحمر، أحد الأهداف التي سعت طهران لتحقيقها، ونقطة ارتكاز مهمة في استراتيجيتها مع رغبتها في التحكم بأهم الممرات الدولية، ولذلك عملت إيران من أجل تحقيق مطامعها على دعم أدواتها الإرهابية في اليمن، ممثلة في مليشيا الحوثي لتنفيذ مخططاتها بالسيطرة على الميناء الحيوي على البحر الأحمر.

وعلى مدى السنوات الماضية، سعت إيران عبر أذيالها الحوثيين، إلى تعزيز سيطرتها على الحديدة، للحصول على منفذ بحري مهم على البحر الأحمر، ما يؤمن استقبال الحوثيين السلاح الإيراني بسهولة، فضلاً عن فرض نوع من السيطرة على البحر الأحمر ومضيق باب المندب.

وباجتياح الحوثيين لمحافظة الحديدة في أكتوبر 2014، تحقق لإيران واحدا من أهدافها، في التواجد في البحر الأحمر، والذي يعد بالنسبة لطهران تواجدا في خاصرة الخليج، ويمنحها الإمساك أكثر بالأمن القومي العربي.

وتستخدم الذراع الإيرانية في اليمن، المنافذ البحرية المحكومة باتفاق ستوكهولم، منفذا لتهريب واستقدام الأسلحة الإيرانية دون أي رقابة، وذلك بعد رفع القيود عن موانئ الحديدة، بموجب بنود الهدنة الأممية التي يواصل الحوثيون خرقها كل يوم.

ويرى الناشط أحمد سحاري أن ما قامت به ذراع إيران الإرهابية من استعراض عسكري في منطقة استراتيجية هامة، يعتبر إعلان حرب وليس مجرد استعراض فحسب، مشيرا إلى أن بعثة الأمم المتحدة في الحديدة لا يهمها أمن اليمن أو المنطقةِ.

ويقول المحلل السياسي مصطفى ناجي الجبزي، إن الحوثي أدرك نفسية المتعاملين معه إقليمياً ودولياً وفهم أن الهدنة حاجة عالمية وليست من احتياجه هو طالما لا يهتم بشأن الناس.

ويشير الجبزي إلى عدد من النقاط حول استعراض الحوثي العسكري في الحديدة:

‏أولاً، بالغ الحوثي في استعراض قوته ليثبت قدرته في تهديد الأمن والأمن البحري بألغام بحرية وزوارق مسيرة حتى يرتفع مبلغ الفدية التي ستقدم له.

ثانياً، تعامل مع إغراءات الهدنة باعتبارها فدية استحقها بصلفه وكلما زاد صلفه زادت ترضيته وزاد طمعه فلا يكف عن انتهاك الهدنة كما هو الحال في تعز ومأرب. 

ثالثاً، يعاني الحوثي من رفض اجتماعي له في مناطق نفوذه تعكسها انتفاضات حقوقية بالأساس بسبب إفراط العنف وسلب الحقوق والممتلكات آخرها في همدان فيعمل لفرض أو تجديد سيطرته بحشود وعتاد يجره من محافظة لأخرى بفضل الهدنة ويقينه أنه لن يُهاجَم. 

وهذه الحشود المبهرة تحمل دلالات ضعف، لأنها ما تمت إلا بالهدنة وقد تفرقت قواه دون كتلة مركزية. ولأنها الدليل العكسي على ضعف السيطرة وإلا ما الحاجة للابهار بعروض إذا كنت تلاقي قبولاً وانصياعاً طوعياً قائماً على الشرعية والمشروعية؟

رابعاً، يرفع الحوثي من سقف التحدي للمجتمع الدولي راكناً إلى معطيات سياسية دولية خادعة مؤقتة جذرها مرحلة التفاهمات الإيرانية الأمريكية النووية المعقدة في مرحلتها الأخيرة من التوصل أو عدم التوصل إلى اتفاق جديد من ناحية. واضطراب القبضة الإيرانية في العراق من ناحية أخرى. 

ويضيف الجبزي: الحوثي ليس شريكا دوليا تدفعه مصالحه إلى التأني. فها هو يضع نفسه في محور ضيق محصور هو محور إيران  ومن يدور في فلكها. هذا المحور لم يحقق مكاسب استراتيجية كما يتوهم البعض، إنما يتحول إلى أداة ابتزاز مرهقة للدول المنخرطة فيه لصالح مشروع إيران. إيران بكلها بلاد محصورة ومعزولة وتقنيا تتراجع كل يوم عن آخر في مستويات التنمية ومؤشراتها الشاملة. 

واعتبر الناشط أسامة الزومي استعراض  الانقلابيين مجرد بهرجة، مذكرا بوصول القوات المشتركة في 2018 أسوار مدينة الحديدة وتجاوزها منصة العروض التي أقام الحوثي فيها استعراضه الخميس، مضيفا إنه في تلك اللحظات وقبلها كانت قد هربت من شوارع المدينة كل البيادق الانقلابية وتداولت السوشيال ميديا صورهم وهم يحملون الأمتعة والحبوب استعداداً للا عودة والاختباء الطويل في صعدة.

أما الناشط علي ناصر فيقول إن من يعرف حقيقة الحوثي، ومقدار حجمه الحقيقي، يعرف ويدرك حقيقة الاستعراض العسكري الذي تم في الحديدة وما قبله من الاستعراضات في صنعاء وغيرها، ويدرك أيضاً كيف تم تجميع تلك القوات. وتجهيزها لغرض الاستعراض.  

ويسخر المصور شجاع المظفر من استعراض الحوثي ويقول: لا تغرنكم هذه العروض؟ هؤلاء تخصص استعراض فقط؟ أما مقاتلو العصابة الحوثية كلهم لقاط من الشوارع ويخرجونهم من السجون، البعض بالإغواء والبعض بالصميل؟ 

ويضيف: لو كان هؤلاء مقاتلين فأنا أتحداهم أن يسقطوا تبة فإن فعلوا فأنا جاهز للمشنقة؟ لأني الخبير بهم ثماني سنوات أرصدهم بكاميراتي؟

واتهمت بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة "أونمها"، الجماعة المسلحة بخرق اتفاق الحديدة، الذي تم التوقيع عليه في العاصمة السويدية ستوكهولم عام 2018، بعد قيامها بعرض عسكري في الحديدة.

وكان اتفاق السويد تضمن وقف العمليات العسكرية وإعادة انتشار القوات من مدينة الحديدة وموانئ المحافظة (الحديدة - الصليف - ورأس عيسى) إلا أن الاتفاق تعثر تنفيذه، ولا يزال الحوثيون يتمركزون في المدينة والموانئ حتى اليوم.