مجلة "فورين بوليسي”: إيران تسيطر على صوت وصورة اليمن في الإنترنت

الحوثي تحت المجهر - Tuesday 11 January 2022 الساعة 05:34 pm
نيوزيمن، ترجمة خاصة:

يوازي الحرب المروعة في اليمن صراع من نوع آخر يجري في فضاء المعلومات، وعلى السيطرة على الاتصالات والإنترنت نفسه، وسط أسوأ أزمة إنسانية في العالم.. هي حرب بحد ذاتها، بل وباء معلوماتي مضلل يسري عبر الإنترنت، أفرزت خطاب الكراهية والتطرف الذي يقوض الثقة القليلة المتبقية بعد سبع سنوات من الصراع الدامي. هذا الوباء المتوطن، بلا شك عمق العداوات بين أبناء الشعب اليمني، ما تسبب في تآكل آفاق التوصل إلى تسوية تفضي إلى إحلال سلام شامل وعادل ودائم.

كشفت صحيفة "فورين بوليسي" الأمريكية، عن حرب أخرى تدور رحاها في اليمن، ولكن هذه المرة في الفضاء الإلكتروني.

ففي وقت مبكر من الصراع، سيطر الحوثيون على نطاق "ye"، والذي يمكن للمواقع اليمنية استخدامه بدلاً من "com". كما سيطروا على مزود خدمة الإنترنت المحلي "يمن نت" من أجل تصفية المحتوى وإدارة المواقع المحلية، وبمرور الوقت قاموا بتقييد استخدام الإنترنت، ورقابة المواقع، وتعطيل وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك الوصول إلى المنصات الاجتماعية مثل فيسبوك وتويتر ويوتيوب.

تقول الصحيفة الأمريكية في تقريرها، الذي شارك في إعداده خبراء ومحللون مختصون، إن الحوثيين أشرفوا على حملات التأثير التي تهدف إلى حشد الدعم الدولي ضد الهجمات السعودية ضدهم، في وقت يصف السكان المحليون المنصات الموالية للحوثيين بأنها "حرب ناعمة" لجذب الجمهور.

خبراء الأمن المعلوماتي كشفوا للصحيفة، أن الحوثيين قطعوا الكابلات البحرية بدعم إيراني، بل وبدأوا في تعدين عملات مشفرة بمساعدة إيرانية لتمويل عملياتهم وذلك من أجل التحايل على أي محاولات أجنبية من شأنها أن تعرقل جهودهم وحملاتهم الدعائية. 

ويرى التقرير، أن هذه الجهود للسيطرة على الفضاء المعلوماتي اليمني عززت قضية الحوثيين في الخارج وعززت شرعيتهم في الداخل.

ووجدت دراسة استقصائية أجرتها شركة "دي تي جلوبال" العام الماضي، أن  سيطرة الحوثيين على وسائل الإعلام والفضاء الإلكتروني أتت بثمارها.

وتصدت حكومة هادي لتحركات الحوثيين في 2018 من خلال إطلاق مزود الإنترنت الخاص بها "عدن نت" لانتزاع السيطرة من "يمن نت"، ويقع مقر عدن نت في المملكة العربية السعودية، ويتم تشغيله من خلال أجهزة توجيه "هواوي"، بشكل مستقل عن الكابلات البحرية اليمنية. وقد وعدت "عدن نت" بالوصول إلى الإنترنت عالي السرعة عبر الألياف الضوئية بأسعار أقل من منافستها.

ووجدت الشركة عملاء راغبين، خاصة بعد ارتفاع أسعار "يمن نت"، لكن التغطية لا تزال محدودة نسبيا. ومثل منافستها، لا تقدم "عدن نت" أي دليل على سياسات الخصوصية أو شروط الخدمة، مما يقلق المستخدمين المحتملين.

ليس من المستغرب أن يزداد الاعتماد على الشبكات الخاصة الافتراضية في أوساط اليمنيين البارعين في مجال التكنولوجيا الذين يحاولون التحايل على المراقبة المتطفلة وانقطاع الإنترنت المتكرر.

يشير تقرير الصحيفة الأمريكية، إلى أن المنافسة على السيطرة على قطاع الاتصالات والمعلومات أدى إلى تسميم مشهد وسائل الإعلام التقليدية والاجتماعية في البلاد، إذ تشهد شبكات الأخبار اليمنية استقطابا شديدا، ويفقد معظم المواطنين خارج المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون ثقتهم في موضوعية وصدق وسائل الإعلام المحلية.

ووجدت الأبحاث التي أجرتها شركة "دي تي جلوبال"، إلى أن غالبية اليمنيين يعتقدون أن معظم شبكات التلفزيون والراديو ووسائل الإعلام المطبوعة والإلكترونية، تحرف الروايات حول الوضع الأمني في البلاد ومفاوضات السلام والاقتصاد.

تشير الدراسات، إلى أن متابعة الأخبار الكاذبة باستمرار، تؤدي إلى اضطراب حتى في سياق يتسم بالمزيد من الاستقرار، لكن في مناطق الحرب، يمكن أن تكون قاتلة. ولذا يعد الوصول إلى المعلومات الموثوقة أمرا ضروريا لتجنب المواجهة العنيفة، والحصول على مساعدات الإغاثة، وبناء السلام والمصالحة في نهاية المطاف.

ويعد تدمير وسائل الإعلام المستقلة تكتيكا شائعا في مناطق الصراع. وهدف جميع الأطراف المتحاربة هو السيطرة على الأخبار، فمن خلال الحد من الوصول إلى مقدمي الأخبار الدوليين والمحليين والافتراء عليهم، يمكن للمجموعات المتعارضة ضمان إبقاء المدنيين في الظلام وابقائهم أكثر عرضة للتأثير على العمليات.

ولنشر دعايتهم الخاصة، أوجد الحوثيون احتكارا فعليا للمعلومات، بما في ذلك وسائل الإعلام المطبوعة والمسموعة في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم.

يختم تقرير صحيفة "فورين بوليسي" بأن الجماعات المتطرفة تستفيد من تعميق حالة الانقسام والاستقطاب عبر النظام البيئي الرقمي في اليمن من أجل بناء الشخصية والتأثير. ويقدر أحد الباحثين، أن أكثر من 50 في المائة من التغريدات التي يُفترض أنها قادمة من تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، تلفت الانتباه إلى التواصل التنموي المجتمعي المفترض للجماعة، في محاولة لتقديمها كبديل شرعي لحكومة هادي المحاصرة.