ياسر العواضي.. ثالث ثلاثة مؤتمريين في وجه جماعات الإسلام السياسي
تقارير - Wednesday 17 November 2021 الساعة 06:37 amبرحيله المفاجئ، صباح الاثنين 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021م، في العاصمة المصرية القاهرة، يكون حزب المؤتمر الشعبي العام في اليمن خسر أحد أركانه المتقدة نشاطاً وحيوية وفاعلية تنظيمية، وما يمكن تسميته ثالث ثلاثة تفرغوا للعمل السياسي التنظيمي (خارج السلطة) ولو لفترات متفاوتة محدودة، إثر تخلي رئيس الحزب الرئيس علي عبدالله صالح عن السلطة بموجب المبادرة الخليجية في نوفمبر 2011م، وعزوف الأمين العام المساعد للحزب حينها عارف الزوكا عن المناصب الحكومية وتفرغه للعمل السياسي التنظيمي.
بديناميكية عالية ونباهة سياسية ملحوظة عمل أصغر الأمناء العامين المساعدين سناً، ياسر العواضي، مع قيادات حزبه (صالح، وعارف) بانسجام لافت خلال العشر السنوات الأخيرة، وتحديداً مرحلة ما بعد الانتخابات المحلية والرئاسية 2006م، جمعتهم رؤىً توافقية عديدة منها تقديرهم لمخططات جماعات الإسلام السياسي بشقيها (الإخوان - الحوثي)، وتنبؤهم المبكّر بفشل هذه الجماعات في إدارة شئون الدولة، ومخاطر تفتيت الدولة الوطنية لحساب تغذية الانقسامات وصراعات الجماعات وإذكاء النعرات الطائفية والمناطقية والجهوية المقيتة.
وفي ذروة عاصفة ما عرف بالربيع العربي مطلع العام 2011م، وفي ظل ارتفاع حدّة خطاب العنف والكراهية والتحريض والتبرير للعنف في تلك المرحلة، فتح القيادي المؤتمري ياسر العواضي قنوات تواصل واتصال عديدة بشركاء الحياة السياسية، واعتبر مجلس منزله في صنعاء بمثابة منتدى سياسي لمختلف القوى والتيارات الفكرية والسياسية، على أمل تخفيف حدّة الاحتقان ومحاولة تقريب وجهات النظر، وإعلاء قيم الحوار والسلام والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة.
إضافة إلى تأهيله العلمي- بكالوريوس علوم سياسية، دبلوم عالي فى القانون الدولي والعلاقات العامة- تشرّب ياسر العواضي العمل السياسي والجماهيري ميدانياً، حيث انخرط في سلسلة مفاوضات ضمن فريق المؤتمر وحلفائه مع أحزاب اللقاء المشترك وشركائهم خلال الفترة من 2007م وحتى أواخر 2010م، ومثّل المؤتمر في مؤتمر الحوار الوطني 2013م، وفي مرحلة ما بعد مارس 2015م، شارك العواضي بفاعلية في مشاورات الكويت، جنيف ضمن فريق المؤتمر.
في أكتوبر من العام 2014م، أعلن العواضي بشكل مفاجئ استقالته من عضوية (هيئة الرقابة الوطنية للرقابة على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني) تنديداً بالجرائم الارهابية حينها، ولما وصفها بـ(الدولة المسلوبة والأكذوبة الموعودة والوطنية المزعومة).
وقبلها بعام واحد تحدّث السياسي العواضي بشجاعة عن "القضايا المفخخة في مؤتمر الحوار الوطني رافضا تمزيق الوطن وترحيل الازمات من اجل ايجاد كيانات سلطوية جديدة، وتوقّع حينها فشل الجلسة الختامية لأعمال المؤتمر "اذا لم تحل الملفات الساخنة".
سجّل العواضي مواقف أحادية معارضة مثيرة وصاخبة على طاولات اجتماعات هيئات حزبه، لكنه بقي مثالاً للالتزام التنظيمي لما تقرره هيئات المؤتمر، ونقل عنه اواخر 2018م أنه "تنظيمياً مع قواعد وقيادات المؤتمر حسب ما يقررونه، وفق نظام ولوائح المؤتمر ونهج زعيمه وأمينه العام".
عقب انتفاضة 2 ديسمبر 2017م، التي قتل فيها الرئيس صالح وأمين عام الحزب عارف الزوكا، بارك التعيينات التي اقرتها اللجنة الدائمة للحزب في دورتها بصنعاء مايو 2019م، معتبراً تلك القرارات "أنها لملمت أجزاء مهمة من المؤتمر وتركت الباب مواربا أمام الأجزاء الأخرى وأنها أوصلت شرايين ولم تقطع الأوردة".
تدرّج العواضي في المناصب التنظيمية داخل هيئات حزبه بدءاً من رئاسة فرع المؤتمر الشعبي العام بمديرية ردمان محافظة البيضاء، وعضوية اللجنة الدائمة، ثم رئاسة دائرة المنظمات الجماهيرية بالأمانة العامة للمؤتمر، يليها رئاسة الدائرة الفنية للانتخابات، ثم عضوية اللجنة العامة (اعلى هيئة قيادية في الحزب)، قبل تكليفه بمنصب الامين العام المساعد للشئون التنظيمية للمؤتمر الشعبي العام في نوفمبر 2014م.
والعواضي احد المصابين في تفجير مسجد الرئاسة 3 يونيو 2011م، وعضو مجلس النواب، شغل منصب نائب رئيس كتلة المؤتمر البرلمانية، ورأس عددا من الوفود البرلمانية والحزبية والرسمية إلى عدد من الدول الشقيقة والصديقة، وعمل في عضوية ثلاث لجان برلمانية للتعديلات الدستورية في مجلس النواب، وشارك في إعداد وصياغة المواد القانونية لأكثر من 80 قانوناً وأكثر من 200 تعديل قانوني.
عُيّن ياسر العواضي وزيراً للتخطيط والتنمية ضمن حصّة حزبه من مقاعد حكومة ما بعد تشكيل (المجلس السياسي الاعلى 2017م) في صنعاء بين حزبه والحوثيين، لكنه رفض المنصب وبقي المقعد شاغرا حتى استبدله المؤتمر بوزير آخر، وفي يونيو 2020م قاد انتفاضة قبلية مسلحة ضد مليشيات الحوثيين في مديرية ردمان بمحافظة البيضاء.
وللعواضي حضور مدني واسع محليا وخارجيا، حيث تولّى عددا من المهام المدنية منها رئيس مجلس أمناء مركز رؤى للدراسات، وعضو اللجنة العربية الأمريكية لمكافحة التمييز A.D.C. وعضو الهيئة الدولية لمكافحة الفساد، واكتسب عضوية العديد من الجمعيات والمنظمات المدنية والبرلمانية والحقوقية والرسمية المحلية والإقليمية والدولية، وشارك بفاعلية في العديد من الدورات العلمية والثقافية في مجالات سياسية وإعلامية وحقوق الإنسان والعمل البرلماني والهيئات الرقابية ومنظمات المجتمع المدني.
ينحدر ياسر العواضي (مواليد 1978م) من قبيلة كبيرة كان لها دور رئيس في فك حصار السبعين عن صنعاء، وقتال قوى الملكية، وهو نجل الشيخ الشهيد أحمد سالم العواضى، وقد اختارته قبيلة آل عواض (محافظة البيضاء) زعيماً لها خلفاً لخاله.