أكاديمية للقرآن.. مؤسسة حوثية لأهداف مذهبية وغطاء للفساد وبمعدات منهوبة

الحوثي تحت المجهر - Wednesday 28 July 2021 الساعة 08:17 am
صنعاء، نيوزيمن، تقرير خاص:

في إطار إجراءات المليشيات الحوثية، الذراع الإيرانية في اليمن، لمذهبة التعليم في مناطق سيطرتها، بدأت المليشيات في الترتيب لإنشاء ما سمته الأكاديمية العليا للقرآن الكريم وعلومه من خلال إصدار رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي القيادي الحوثي مهدي المشاط قانونا بشأن الأكاديمية العليا للقرآن الكريم وعلومه يوم السابع عشر من يوليو الجاري، وذلك بعد ان كان مجلس النواب الخاضع لسيطرة المليشيات أقر مشروع القانون في الثلاثين من يونيو الماضي.

وتعد مؤسسة أكاديمية القرآن الكريم وعلومه إحدى المؤسسات الجديدة التي استحدثتها المليشيات خارج إطار المؤسسات التي كانت موجودة داخل هياكل مؤسسات الدولة اليمنية قبيل انقلابها في 21 سبتمبر 2014م ولأهداف خاصة بتحقيق اجنداتها المذهبية والدينية، واستكمال سيطرتها على التعليم ومجال التوجيه والإرشاد.

محاولة حوثية لشرعنة مؤسسة مذهبية 

خلافا للمؤسسات التي استحدثتها المليشيات الحوثية ومنحتها صلاحيات بعض الوزارات والمؤسسات الدستورية والقانونية لجأت المليشيات الحوثية في اجراءاتها لاستحداث ما تسميه بالأكاديمية العليا للقرآن الكريم وعلومه الى محاولة شرعنة انشاء واستحداث هذه المؤسسة بشكل قانوني.

وقالت مصادر في وزارة الاوقاف والارشاد -التي عدلت المليشيات مسماها الى وزارة الارشاد وشؤون الحج بعد فصل قطاع الاوقاف عن الوزارة وبسط سيطرتها عليه بالكامل– لنيوزيمن، إن المليشيات وفي اطار سعيها لشرعنة هذه الاكاديمية كلفت الوزارة التي يقودها القيادي المحسوب على المؤتمر الشعبي العام نجيب العجي بعد مصادرة صلاحيات وزارته على قطاع الاوقاف وتحويلها الى وزارة معنية بالإرشاد والحج، بالتقدم بمشروع قانون الاكاديمية العليا للقرآن الكريم وعلومه الى مجلس النواب كبديل عن مشروع قانون سبق وقدمته الوزارة لتطوير المعهد العالي للتوجيه والارشاد التابع للوزارة وبما يسمح بإلغاء المعهد ومنح اختصاصاته وصلاحياته للأكاديمية.

وخلال مداولات ومناقشات مجلس النواب الخاضع لسيطرة المليشيات لمشروع القانون اعترض عدد من البرلمانيين على كثير من المواد الخاصة به لكن ضغوطا كبيرة من قيادات المليشيات على اعضاء المجلس انتهت الى تمرير التصويت على القانون بشكل نهائي في آخر جلسة للمجلس قبيل اجازته العيدية والتي انعقدت في الثلاثين من يونيو المنصرم.

وقالت مصادر برلمانية لنيوزيمن، إن جل ما استطاع النواب المعترضون والرافضون لقانون اكاديمية القرآن الحوثية فعله هو الاصرار على اضافة مادة الى مشروع القانون نصت على انه (لا يجوز أن تتضمن مناهج الأكاديمية أو برامجها أو خططها ما يُكرس ويعمق التعصب المذهبي بأي شكل من الأشكال).

وحسب المصادر، فإنه وحتى بعد اضافة هذه المادة، سيكون من المستحيل فعل شيء فيما يخص عمل الاكاديمية وصلاحياتها واختصاصاتها خصوصا بالنظر الى ما تضمنه مشروع القانون من مهام واهداف للأكاديمية التي ستتولى ترسيخ فكر مذهبي خاص بمليشيات الحوثي وهو ما يتضح من خلال وضع اهداف لها تتمثل في ترسيخ ما يسمى بالهوية الايمانية وهي قضية مذهبية خاصة بالمليشيات ولا علاقة لها بدين الدولة او بدين اليمنيين، ناهيك عن الاهداف الخفية التي يراد ان تلعبها الاكاديمية فيما يخص استحداث وفرض مناهج تعليم تتفق مع توجهات المليشيات المذهبية، ومنحها صلاحيات تخريج خطباء ومرشدين تلقوا تعليما مذهبيا متطرفا، فضلا عن صلاحيات تخريج مدرسين خاصين بتعليم القرآن ليتولوا التدريس في المدارس والجامعات.

وبررت مصادر برلمانية لجوء المليشيات الحوثية، وخلافا لبقية المؤسسات التي استحدثتها لشرعنة انشاء هذه الاكاديمية ذات الاهداف المذهبية، حتى تدافع عن استمرارها مستقبلا في حال التوصل الى تسوية سياسية سيكون من نتائجها الغاء أي مؤسسات غير دستورية انشأتها المليشيات، مثل هيئة الزكاة والهيئة العامة للأوقاف والمجلس الاعلى للشؤون الانسانية وغيرها من المؤسسات التي تعمل كدولة داخل الدولة.

واشارت المصادر الى ان هذه الاكاديمية ستكون إحدى ابرز المؤسسات التي ستحرص المليشيات على مساومتها ببقية المؤسسات والمعاهد ذات الطابع الديني، مثل جامعة العلوم الشرعية في الحديدة والتي كان يديرها العلامة محمد علي مرعي، ومعهد دار المصطفى بتريم والذي يديره العلامة عمر بن حفيظ، وحتى جامعة الايمان التابعة للإخوان المسلمين والتي كان يديرها عبدالمجيد الزنداني.

فكر مذهبي وأهداف خفية لأكاديمية القرآن الحوثية 

وكشفت مصادر في وزارة الارشاد التي تولت تقديم مشروع قانون الاكاديمية لنيوزيمن، أن ثمة اهدافا خفية وراء إنشاء هذه الاكاديمية تحت مسمى اكاديمية القرآن، تتركز على محاولة فرض وترسيخ الفكر المذهبي الاثني عشري الخاص بالمليشيات من جهة، وتدريس مفاهيم الولاية، والحق الإلهي، وما يسمى بالهوية الايمانية التي تستخدمها المليشيات مبررا لمحاولة تغيير ثقافة وسلوكيات المجتمع وفرض سلوكيات معينة مبنية على مبررات دينية مذهبية متطرفة وهو النموذج الذي عبرت عنه اجراءات المليشيات مؤخرا، من خلال مصادرتها للملابس النسائية الداخلية، وفرض اجراءات معينة على مالكي بيع الملابس النسائية تحديدا.

وقالت المصادر، إن مراجعة ما تضمنه مشروع قانون انشاء الاكاديمية من مهام يؤكد انها ستكون واجهة لفرض وتعليم ما تتضمنه ملازم مؤسس المليشيات الصريع حسين الحوثي كمنهج رئيس للأكاديمية، فضلا عن مناهج وكتب خاصة بمضامين المذهب الاثني عشري، وما يعرف بالتبعية لمشروع ولاية الفقيه الايراني سياسيا.

وحسب المصادر، فإن خطورة هذه الاكاديمية انها تهدف الى السيطرة على قطاع الخطابة من خلال تعليم وتدريب وتخريج الخطباء عبر هذه الاكاديمية، حيث تم تخصيص قسم خاص بالتأهيل والارشاد ضمن مؤسسات الاكاديمية، وكذا تخريج المعلمين المتخصصين في مجال القرآن الكريم ورفد المدارس والجامعات بهم وهو ما يؤكد ان وراء انشاء هذه الاكاديمية مشروعا مذهبيا حوثيا، حيث يراد تحويل الممارسات والاجراءات المتعلقة بالمواقف الدينية والمذهبية المتطرفة للمليشيات والتي يعبر عنها زعيمها والخطباء والمشرفون التابعون لها من ممارسات خاصة بالمليشيات الى اجراءات مشرعنة وتحت غطاء الدولة، وضمن فرض سياسة تعليمية مذهبية ممولة من ميزانية الدولة.

غطاء للفساد وأكاديمية بمعدات منهوبة ومسروقة 

إلى ذلك قالت مصادر مقربة من مليشيات الحوثي، إنه والى جانب الاهداف المذهبية للأكاديمية الخاصة بالقرآن والتابعة للحوثيين فإن المليشيات تسعى الى تحويلها الى مؤسسة تمارس من خلالها عمليات فساد مالي جديد من خلال تخصيص ميزانية لهذه الاكاديمية من اموال الدولة.

وتضيف المصادر لنيوزيمن: كما ان مشروع الاكاديمية سيتيح للمليشيات استيعاب وتوظيف مئات القيادات والعناصر التابعة لها والذين سيعينون في الهيكل الاداري للأكاديمية والذي يتضمن (المجلس الاعلى، ورئيس الاكاديمية ونائبه والامين العام، والمجلس العلمي، وهيئة التدريس)، بالإضافة الى من سيعينون في المؤسسات التابعة لها والتي تشمل (كلية القرآن الكريم وعلومه، وكلية الدراسات العليا واقسامها، ومركز الإرشاد للتأهيل والبناء، ومركز دراسات وبحوث القرآن الكريم وعلومه).

وحسب المصادر، فإن مليشيات الحوثي ستستخدم الاكاديمية لاستيعاب وتوظيف ما يسمى بعلمائها ومشرفيها الثقافيين الذين يتولون مهام القاء المحاضرات في دوراتها المذهبية، وكذا الذين يتولون مهام الكلام عن مواقفها المذهبية في وسائل الاعلام، والمناسبات المذهبية الخاصة بها، بالإضافة الى خطبائها، وبعض الاكاديميين الذين اعلنوا انضمامهم اليها بعد انقلابها على السلطة في 2014م وسيطرتها عسكريا على العاصمة صنعاء.

وكشفت المصادر لنيوزيمن: أن البنية التحتية الخاصة بالأكاديمية الحوثية ترتكز اساسا على معدات وتجهيزات نهبتها المليشيات من عدة اماكن أبرزها مؤسسة الصالح الخيرية، وجامع الصالح، وجامعة الايمان، والمعهد العالي للتوجيه والارشاد، وبعض المؤسسات التي كانت تابعة لوزارة الاوقاف والارشاد.

وأكدت المصادر، أن هذه المعدات تم نهبها وسرقتها والتحريز عليها بحوزة قيادات حوثية معينة تولت تجميعها بعناية وتحت اشراف ممن يسمى بالحارس القضائي الذي نصبه الحوثيون للاستيلاء على اموال وممتلكات عامة وخاصة.

واختتمت المصادر بالإشارة الى ان اموال قطاع الاوقاف الذي سيطرت عليه المليشيات، بفصله عن وزارة الاوقاف والارشاد واستحداث هيئة خاصة به وتعيين قياداتها فيها، ستكون هي المصدر الأول لتمويل ميزانية هذه الأكاديمية، بالإضافة الى هيئة الزكاة واموالها.