تحالفات الدوحة مع الإخوان والحوثي: اليمن.. الطريق القطري إلى قلب السعودية

السياسية - Saturday 27 March 2021 الساعة 09:05 am
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

عقب توقيع اتفاق المصالحة الخليجية في قمة العلا بالسعودية في 5 يناير 2021م توقع الكثيرون تغييراً جوهرياً في الأداء العدواني لدولة “قطر” ضد دول الخليج وبالذات السعودية والإمارات، لكن يبدو أن الاتفاق لم يشكل إلا سحابة صيف عابرة، إذ سرعان ما عادت وسائل إعلام قطر وخاصة قناة (الجزيرة) لتبني ونشر كل ما يسيء إلى السعودية وقياداتها، وتمجيد وإبراز وتضخيم كل ما يستهدف أمنها واستقرارها، وعلى رأسها هجوم الذراع الإيرانية في اليمن للمدن السعودية ومنشآتها الحيوية النفطية بصواريخ بالسيتية أو طائرات مسيرة مفخخة.

فضلاً عن تعمد قناة الجزيرة إفساح مجال أكثر من ذي قبل لتبني ونشر وترويج وتحليل مواقف المليشيات الحوثية، وآخرها إجراء مقابلة خاصة مع الناطق الرسمي باسم المليشيات محمد عبدالسلام والذي أفسحت له الجزيرة المجال ليحاول غسل جرائم مليشياته ويدافع عن كل أفعالها ويهاجم السعودية من على منبر برنامج (بلا حدود) الذي تبثه القناة.

اليمن.. الطريق القطري إلى “قلب السعودية”

مثّل توقيع اتفاقية الحدود بين اليمن والسعودية عام 2000م، تحولاً استراتيجياً في العلاقة بين البلدين، وعلى العكس من ذلك اتجهت قطر لعملية بناء وتمويل مزدوج لجماعات التطرف الديني، التي تهدد اليمن والسعودية في وقت واحد، حتى إنها مولت جماعات تقدم نفسها أنها نقيضة، كالإخوان والحوثي والقاعدة، وهي الجماعات التي أدى عملها غير المشترك، إلى ذات النتيجة وهي سقوط النظام السياسي وقيام حروب متعددة أسقطت الدولة اليمنية ونقلت التهديد إلى الأراضي السعودية.

وفيما كانت قطر تنسج علاقتها مع تنظيم القاعدة في اليمن، كانت أموالها تنعش أداء الإخوان في حزبي الإصلاح والرشاد تالياً، وكانت قد دخلت بكل ثقلها مع “الحوثي” منذ ادعائها الوساطة في حروبه ضد دولة الرئيس علي عبدالله صالح، وهي الوساطة التي نقلت معركة الدولة اليمنية ضد مليشيات الحوثي من معركة ضد تمرد داخلي إلى قضية دولية وإظهار هذه المليشيات المتمردة على أنها أقلية.

ومنذ وساطة قطر بين الحكومة والمليشيات الحوثية المتمردة عام 2007م تحول الدعم القطري للحوثيين إلى سياسة هادفة إلى تحويل هذه المليشيات من جماعة متمردة وصغيرة إلى مكون عسكري وفكري قوي حصل على الدعم المالي القطري، والدعم العسكري بالسلاح من إيران، ضمن مشروع قطر الرامي إلى تقسيم اليمن بين توجهين عقائديين: الأول، هو التوجه الإخواني ممثلاً بحزب الإصلاح. والثاني، المشروع الحوثي الذي يعد امتداداً لمشروع ولاية الفقيه الإيراني.

مشروع قطري بدأ تنفيذه قبل 2011

تكشف الحقائق والمعلومات أن ما يحدث ليس جديداً، بل هو استمرار لنهج قطري قديم يقوم على هدف استراتيجي هو “استهداف امن واستقرار المملكة العربية عبر دعم الجماعات اليمنية ذات التوجه الديني بشقيه السني متمثلا بالإخوان المسلمين (حزب الإصلاح) والجماعات الإرهابية (القاعدة وداعش)، والشيعي ممثلا بمليشيات الحوثي الإرهابية الموالية لإيران والمنفذة لاجندتها، وتحويل هذه الجماعات إلى أدوات أذية للسعودية تستهدف أمنها القومي.

وفي 2011م اجتمعت الأطراف كلها، فيما سمي بمشروع الفوضى الخلاقة التي ضربت عدداً من البلدان تحت مسمى الربيع العربي، حيث ضربت قطر اليمن والسعودية بحجر واحد.

ففي أزمة العام 2011م ظهر التنسيق الإخواني الحوثي بشكل لم يكن يتوقعه أحد، حيث ساهم الإخوان في تسهيل خروج المليشيات الحوثية من صعدة ووصولها إلى ساحة الجامعة بصنعاء، وإطلاق مصطلحات الثوار والأحرار عليهم، وتصويرهم أنهم مظلومون وأن حروب الدولة ضد تمردهم كان توجها للنظام ورئيسه الرئيس علي عبدالله صالح، وأنه أحد الأخطاء التي يجب ان تمثل مبررا لإسقاط النظام.

وفيما كان المال القطري يمول أطرافاً جيرت الزخم الجماهيري للمطالب الشعبية لصالحها، كانت قناة الجزيرة القطرية تتصدر حشد الغرائز للصراع وتفجير الحرب في العاصمة صنعاء، وسط خطاب يتحدث عن ان الثورة القادمة هي في الرياض.. بعد أن تم اسقاط “القاهرة” قبل ذلك. وظهر رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، آنذاك، حمد بن جاسم يطالب صالح بالرحيل وتسليم السلطة.

وقد كان من الواضح موقف قطر الرافض لتوقيع المبادرة الخليجية، وقد سعى أمين عام مجلس التعاون “العطية” وهو قطري، إلى تفجير الموقف مع الرئيس السابق فطرده الرئيس السابق من القصر الجمهوري وانسحبت قطر من المبادرة. وبعد أن أظهر الرئيس صالح تماسكا تم تفجير مسجد دار الرئاسة في محاولة لاغتيال كل قيادات الدولة الموجودة حينها.

التحالف.. ودولة قطر

ومع أن قطر اضطرت إلى الانضمام إلى التحالف العربي بقيادة السعودية الذي أطلق عاصفة الحزم ضد مليشيات الحوثي، إلا أن الأولى عمدت، وكما تؤكد المعلومات، إلى لعب دور تخريبي في إطار التحالف من خلال تسريب المعلومات إلى قيادات المليشيات الحوثية، الأمر الذي مكن الأخيرة من استهداف قوات التحالف العربي في مارب واستشهاد أكثر من خمسين منهم معظمهم إماراتيون وبحرينيون.

وكرد على تورط قطر في مساندة مليشيات الحوثي ضد قوات التحالف أعلنت الدول الخليجية السعودية والإمارات والبحرين ومعهم مصر قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وتم طردها من التحالف العربي في 5 يونيو 2017م.

وهو الأمر الذي كشف حقيقة المشروع القطري الذي عاد لممارسة سياساته التي تستهدف السعودية ودول الخليج من خلال تحولها إلى داعم ومنسق بين مليشيات الحوثي وجماعة الإخوان المسلمين (حزب الإصلاح) وهو ما تجلى من خلال توحد وتناغم الخطاب السياسي والإعلامي للطرفين والذي تحول إلى مهاجمة السعودية والإمارات، وتبني حملات سياسية وإعلامية تزعم تفكك التحالف وبروز الخلافات بين السعودية والإمارات.

فضلاً عن تحويل قناة الجزيرة إلى منبر لتبني حملات الإساءة والاستهداف الإخوانية والحوثية ضد السعودية وقياداتها، مرورا بالوساطة والإشراف والتسهيل القطري لعمليات تبادل أسرى والقتلة بين الطرفين، كما حدث في عملية التبادل الحوثي الإخواني للمتورطين بتفجير جامع الرئاسة الذي استهدف الرئيس السابق وكبار قيادات الدولة في يونيو2011م وهم خمسة عناصر إخوانية مقابل إفراج الإخوان عن أسرى من قيادات المليشيات الحوثية.

مخاطر مشروع الدعم القطري للإخوان والحوثي على اليمن والسعودية

استراتيجية قطر، حول ذلك كله، تسعى لتحقيق هدفين:

الأول، هو مد نفوذها السياسي إلى اليمن واستكمال مشروعها في تمكين الجماعات الدينية سواءً المتدثرة بفكر الخلافة (جماعة الإخوان المسلمين في اليمن) أو المقنعة بقناع فكر (الامامة) أو ولاية الفقيه (جماعة الحوثي) من بسط نفوذها وسيطرتها على السلطة في المنطقة العربية، وهو ما بدا من دعم قطر لسيطرة حماس الذراع الإخوانية في فسلطين على السلطة، وتنسيق التعاون بينها وبين حزب الله ذراع إيران في لبنان وبينهما وإيران من جهة ثانية.

أما الهدف الثاني، فهو تحويل اليمن إلى مجرد معسكرات فوضوية، تقاتل السعودية حتى دون هدف سياسي، الأهم هو استخدامها في إيذاء السعودية واستهدافها أمنياً وعسكرياً ودينياً، واستنزافها اقتصادياً. وتعقيد الظروف على الإصلاحات التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.