جباري عرَّاب السلام الحوثي
السياسية - Saturday 20 February 2021 الساعة 09:20 am
التفاصيل
Read also :
فتح طرقات اليمن.. ملف يكشف زيف الحوثيين"عبدالعزيز جباري" لم يكن مجرد مراهق سياسي يبرز بين الفينة والأخرى ليشعل الساحة بتصريحاته السياسية المثيرة التي هاجم فيها كل شيء، تقريباً، بل إنّ هذا الرجل في الحقيقة اُختير بعناية من الدوحة، وتم تسويقه لدى الدوائر الأميركية بحملة علاقات عامة ليكون الذريعة اليمنية لقرارات بايدن الأخيرة بشأن اليمن.
في سبتمبر/ أيلول 2020م، قبل فوز بايدن بالرئاسة الأمريكية، ظهر جباري على شاشة قناة الجزيرة من نيويورك معلناً أنه دُعي من الحزب الديموقراطي الأميركي للمثول أمام أعضاء الكونجرس الأمريكي لمناقشة الحرب اليمنية.. وهاجم التحالف العربي، مُعتبراً إياه عدواً للشعب اليمني، وتدخله جاء لتدمير اليمن وتقسيمه.
فاز "بايدن" فكان جباري أول من يحتفل ويبعث رسائل التهنئة والمباركة، وأول الواصلين لواشنطن برفقة الجبواني في 20 يناير/ كانون الثاني 2021، للحد من عبث التحالف في اليمن، حد وصفهم. كان ذلك قبل أن تصدر قرارات بايدن حول الحرب في اليمن بأكثر من أسبوعين، مع العلم أن هذه الزيارات المتكررة لواشنطن لم تكن رسمية ولا تعبر عن الحكومة، فقد سبق للحكومة والبرلمان أن تبرآ من تصرفات جباري الصبيانية، وأشارا أنها لا تمثل سوى شخصه.
صدرت قرارات بايدن في 7 فبراير/ شباط الجاري، لتنتصر لرغبة جباري وتوصياته، بينما وجهت ضربة صادمة للشعب اليمني وتطلعاته الذي تصور أن القرارات المرتقبة ستخلصه من العدوان الحوثي، لكنها على العكس زادته قوة، فأحدها تمثّل بإلغاء الدعم اللوجستي للغطاء الجوي السعودي المشارك في الحرب ضد الحوثي، أما القرار الآخر فتمثل برفع الحوثي من قائمة الجماعات الإرهابية المصنفة لدى وزارة العدل للإدارة السابقة لترامب.
وبهذين القرارين قدم جباري خدمة ذهبية لجماعة الحوثي التي دشنت ما أسمتها معركة البنيان المرصوص للسيطرة على مارب، بهدف إسقاطها وإسقاط الجمهورية معها.
ربما كانت هذه رغبة الرجل الذي اعتبر المليشيا الحوثية الهمجية أفضل من التحالف العربي الذي أنقذ اليمن من براثن المليشيا الإيرانية، وحُررت بفضله ثلثا المساحة المحررة على الأرض.
لطالما ادعى جباري أن مواقفه تخدم القضية اليمنية وتحريرها من مليشيا الحوثي، لكن أفعاله لم تكن سوى أداة لتمزيق الجبهة الداخلية بزرع الصراع وتبادل الاتهامات والتخوين ضد الأطراف الوطنية التي قتلت الحوثي.
تصريحات الرجل على مواقع التواصل الاجتماعي أو على منابر القنوات الإخوانية أمثال الجزيزة وغيرها لم تلعب سوى دور مضر بالقوة المجابهة للنفوذ الإيراني والإخواني في اليمن.
يدّعي بتصريحاته أنه مع قرار إدراج الحوثي كجماعة إرهابية، بينما يظهر في البرلمان ليلقي خطاباً يحذر من اعتبار الحوثي جماعة إرهابية فهذا سيؤثر على مجرى السلام مع الحوثي.
يا للأسف..! أصبح الحوثي بالنسبة لجباري حمامة سلام تدافع عن الأرض والهوية اليمنية ضد ما أسماه اعتداء التحالف على اليمن.
مواقف جباري جعلت المليشيا تشعر بالامتنان وكنوع من رد الجميل أقامت المليشيا 2018 وقفة احتجاجية في ذمار تطالبه بالعودة لأحضانها.
لكنّ جباري أصر على استكمال دوره برفقة الميسري والجبواني وآخرين، فشكلوا لوبياً داخل الشرعية لمهاجمة التحالف وخدمة الحوثي وقطر ومصالحهم الشخصية.
عُين جباري رئيساً للجنة التحضيرية لمؤتمر الرياض، ثم انقلب على الرياض ودول التحالف بعد إعلان اتفاق الرياض وتأكده أن الحكومة لن تشمله، وإقرار معين عبدالملك رئيساً للوزراء.
وللتسويق لانقلابه على مواقفه السابقة مع دول التحالف.. تذرع بضرورة عودة الحكومة إلى عدن وأن الرياض تمنعها من ذلك، وحين عادت الحكومة، عاد فاتهمها بالفشل.
تصريحات جباري المتقلبة عاطفية استعراضية ومفرغة من المنطق، يقصد بها إظهاره كشخصية وطنية ثائرة، بينما كانت منذُ البداية للنخر والتفكيك ولا تخدم عدالة القضية اليمنية، والتي انعكست بوضوح بعد تبين علاقة الرجل العميقة بأدوات قطر وإيران ومن خلفهما رجالات الحزب الديموقراطي الحاكم حالياً.
لم تكن آراء الرجل وأفكاره تقلبات شخصية حمقاء، بل كانت محسوبة ومرتبة، لعب فيها جباري دور عرّاب القرارات الأمريكية الكارثية الأخيرة.
فبعد أن كانت مليشيا الحوثي إرهابية أعادها جباري كطرف سياسي في الحرب اليمنية. ليفتح بذلك باب السلام على مصراعيه للمليشيا الحوثية، فسارعت بدورها للبحث عن طاولة السلام المزعوم في عدوانها الهمجي على مارب، بينما غاب بطل اتفاقية بلفور الحوثية عن المشهد الإعلامي، فربما قد حقق رغبته الآن، ولن يعود للمشهد حتى تستنجد به المليشيا مرة أخرى.