عدن.. حيث يولد العطر ويُصنع البخور
الجنوب - Saturday 15 August 2020 الساعة 08:00 amكريتر، حيث موقد البخور، هنا تضوعت عدن لتفوح في العالمين، من هنا هاجرت البحور، وسافرت القافلة تجود بالعود والصندل والهال والقرفة والزنجبيل، هنا مزيج تعشق بسحرها المليحة، حيث أوقد الرفاق شعلة الاستقلال عرض البحر بطول التراب البلور.
ساعات طويلة تُقضى في تحضير البخور العدني، الذي ما إن تنتهي من تجهيزه، وتضعه على الجمر، حتّى تفوح رائحته الزكية في أرجاء المنزل، إنّه البخور العدني، الذي أصبح صنعة تمتهنها عشرات النساء في المدينة، وبالرغم من الطرق التقليدية والبسيطة المستخدمة في تحضيره، إلّا أنّه حافظ على جودته وتميّزه، بالإضافة إلى كونه مصدراً لتحسين دخل الكثير من الأسر، وما زال يحتفظ بمكانته، كأهمّ الصناعات، التي أبدعت فيها المرأة العدنية، وجعلت منها فنّاً أصيلاً، له مميّزاته وخواصّه المتفرّدة.
صناعة البخّور
وعن صناعة البخور، "أوّلاً يجب توفير الموادّ الأساسية للبخّور، وهي: العود، العطر، المسك، العنبر، الظفري، العفص، السكر والماء، ومن ثمّ تُسحق كلّ تلك الموادّ مع بعضها قبل البدء بالطبخ، بعدها يُذاب السكر مع الماء على النار، إلى أن يصبح مُتماسكاً، ثم يُضاف العنبر والمسك والمواد المسحوقة على السكر المذاب، والانتظار لدقائق، ويصب على القدر الذي يكون قد دُهن بالعطر، والانتظار إلى أن يبرد، ثم يُكسر وينتهي بالتعبئة، وتجهيز العبوات، أو تغليف الأقراص بشكل جذّاب يغري المشتري.
ويستخدم البخّور لتعطير المنازل، وتبخير الملابس، عن طريق "المشجب"، وهو عبارة عن مجموعة أخشاب خفيفة مُشبّكة على شكل خيمة صغيرة، ويتمّ وضع المبخرة تحت هذا المشجب، ومن ثم تعلّق عليه الملابس، لتغمرها عطور البخّور".
أنواع البخّور العدني
هناك أنواع عديدة للبخور، لكن أفخرها هو الأبيض (عرائسي)، الذي يتكوّن من عطورات هادئة، مثل: المسك، العود البني، والوردي الإسطنبولي، ويُطبخ بماء الورد وسكّر النبات، والنوع الثاني، وهو البني، يحتوي على المكوّنات العادية للبخور، ويتمّ سحق نصف مكوّناته، فيما يوضع نصفها الآخر كما هو، أمّا بالنسبة للنوع الثالث، فهو الأسود، ومكوّناته هي مكوّنات البخور البنّي نفسها، لكن يتميّز باستخدام "العفص الأسود" في تحضيره.
عدن.. حيث اللون الزَبد والهواء الرَغد، مفتوحة هي الكَلمات، مَبثوث شَبقها عبر الهَواء يَفوح كَعنوان، هنا شمخت المدينة وفاح عطر البندر، صباحات بلونها الفضفاض بسواحلها الشديدة الزرقة، صباحي من سنا برقها البريقة مهبط الوحي والغيم والمطر، هناك حيث الزيت كبقعة ساحت لتتصل بموانىء العالمين.. ذاعت عدن عبر الهواء، والرذاذ والسحابة والمراكب والأشرعة..
هنا يولد العطر ويصنع البخور.. الله أكبر، وعاشت في الدنيا عدن..
عدن رشة عطر بصدر الخريطة.. ثغر امتشق الابتسامة كعنوان شاخص.